كلمة "المعلم" تتميز بالقداسة عند العديد من المجتمعات ، ومنزلة المعلم الدينية والثقافية والاجتماعية هي منزلة رفيعة، ودائما المعلم موضع الاحترام والتقدير ، ولا زلنا نتذكر في مدارس القرى انه مع بداية العام الدراسي كان اهل القرية يصرون على دعوة المعلمين الى بيوتهم في حفل غداء او عشاء ،ويتداور اهل القرية خاصة اذا كان هناك معلمين جدد .

ولم تختلف منزلة المعلم وصورته التي تمثل مستوى التربية ، خاصة ان المدرسة سابقا كانت التربية فيها تتفوق على التربية المنزلية ، ولكن الذي نعيشه اليوم هو حالة التراجع في القيم الاخلاقية والتربوية ،وحالة تقدم لقمة العيش على اداء الواجب وتراجع الضمير امام المشكلات الاقتصادية وتدني مستوى الدخل ،

تأثر مجتمعنا الاردني بكل مشكلات العالم الاقتصادية ،وتسللت الينا افكارا بعيدة عن القيم الموروثة التي اصبحت تحت الرماد ، ولكن لم يتوقف الجهد الاردني في التخفيف من وطأة المؤثرات السلبية التي كثيرا ما استهدفت قيم الولاء والاخلاق والانتماء ،وشكلت تهديدا نجح في اجزاء عديدة في محاولة لتدمير منظومة التعليم والتربية التي هي جوهر الامة كما قال عنها جلالة الملك عبالله الثاني في ورقته النقاشية السابعة بعنوان " بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الامة " خاصة في مواجهة تحديات خطيرة في مجال التربية والتعليم تتعلق بالاعتراف بمناهج التعليم وفق المعايير العالمية ومستوى الانضباط للمعلم والجامعة والمدرسة التي يشترك فيها المعلم والطالب معا وتتعزز بادراك مؤسسات المجتمع المدني مثل النقابات بمعنى الحفاظ على السمعة العامة للدولة في مجالات الصحة والسياحة والاقتصاد والتعليم،وكيف يمكن ان يكون المعلم قدوة صالحة ونموذجا للطالب في الالتزام واحترام الدولة من منطلق الضمير وليس باساليب الاستقواء وتنفيذ اجندات تحتية .

تحدث جلالة الملك في خطاب له بمناسبة احتفالات الاردن بعيد الجلوس الملكي وذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش العربي في 12 حزيران 2010 وهو يوجه كلامه للمعلم والمجتمع : " المعلم يا اخوان هو بمكانة الاب ، وهو صانع الاجيال وباني المستقبل ،ورسالته في هذه الحياة هي انبل واعظم رسالة ،ويجب ان يحظى المعلم بكل الدعم والاحترام والتقدير من قبل الجميع "

ونحن في الاردن جميعنا يجب ان نكون بحجم المسؤلية في الحفاظ على ارث الاردن ، وسمعته ومكانته ، لأن الاستثمار في التعليم وفي الانسان الاردني لا يكون الا بوجود المناخ الامن والتفكير الايجابي والحوار الحضاري حول اية قضايا مهما كانت صعبة ، وان لغة الشارع لا تجدي ،ولا يمكن ان نطلب نتيجة ما باسلوب يؤدي الى نتائج اسوأ على مختلف الاصعدة ،

نحن في الاردن كأسرة واحدة تجاوزنا مراحل معقدة برزت في منطقتنا كانت عواصف عاتية تريد تخريب كل القيم التربوية والاسلامية والعشائرية ، وتجاوزنا كل ذلك بفضل قيادتنا وامننا الوطني وبوعي انساننا الذي يدرك تماما ان هناك تحديات وهناك متربصين بالاردن ينتظرون ان يكون هناك اضطراب وخلل داخلي ليمدوا ارجلهم للتخريب.

الاردن مر بظروف قاسية اكثر من وضعنا الحالي وصمد ولا يزال يصمد في مواجهة كل التحديات .