facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في روسيا: حكومة جديدة واعادة بناء


د.حسام العتوم
24-01-2020 12:26 AM

لم أنقطع شخصياً عن زيارة روسيا منذ نهايات الحقبة السوفييتية في ثمانينيات القرن الماضي، وحتى الحقبة البوتينية الحالية إن صح التعبير، وأعرفها جيداً من الداخل، ولي جولات في مدنها وقراها، وأحاديث مع كبار ناسها وبسطائهم، وأكتب عنها، وعن سياستها الداخلية والخارجية منذ زمن، واحترفت التحليل السياسي والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي حولها. وأستطيع بدقة أن أقارن بين الماضي والحاضر الروسي، وتعج مكتبتي الخاصة بالكتب المتخصصة في الشأن الروسي والسوفييتي، وهي خير معين لي. وبحضور لغتي الروسية التي تعلمتها في المركز الثقافي السوفييتي بعمان، وفي جامعتي فارونيج وموسكو الحكوميتين. ومن بين الكتب التي اقتربت منها كانت لكل من بريماكوف وليزينكوفيج ولكاراكوف وبروخاروف و PAP وولتر لاكوير وغيرهم كثير.

والأهم هنا، هو ملاحظة الفرق بين روسيا السوفييتية والحديثة، وبين مشروع الشفافية (الجلاسنوست) لميخائيل غورباتشوف وقتها الذي قاد إلى هدم البناء الاتحادي، وبين برنامج ميخائيل ميسوشين رئيس الوزراء الروسي المعين حديثاً من قبل رئيس الفدرالية الروسية فلاديمير بوتين والهادف لإعادة البناء ومواصلته، ولكن ليس على الطريقة السوفييتية بكل تأكيد.

وفي الوقت الذي تمكن فيه النظام المركزي الإداري والاقتصادي السوفييتي من بناء أكبر المدن الروسية مثل موسكو وليننغراد (سانتك بتربورغ) وغيرهم، هل يستطيع نفس النظام المركزي الروسي من بناء مدن الدرجة الثالثة وقراها مثلاً؟

لقد انتظر الروس طويلاً مسألة تغيير اسم رئيس الوزراء دميتري ميدفيديف إلى ميخائيل ميسوشين، حيث تم تعيين الأول ميدفيديف عام 2000 واستمر في قيادة الحكومة حتى عام 2008، ثم أصبح رئيساً لروسيا وللحزب الحاكم (روسيا الموحدة) الذي أسسه الرئيس بوتين، حتى عام 2012، لإسناد حكمه الطويل، ثم رافق بوتين في جولتيه الرئاسيتين حتى وقت قريب وكذلك الجولة التي سبقتها، بعد تعديل الدستور وتحويل سنوات الحكم من أربعة أعوام إلى ستة أعوام، وقاد شركة الغاز الوطنية، وميدفيديف ابن مدينة بوتين سانتك بيتربورغ، وهو دكتور ومحاضر في القانون، ورفيق درب الرئيس السياسي، وسنده الدستوري الذي اعتمد عليه بوتين وروسيا في نقل السلطة والتخلي عنها بيسر وسلاسة هادئة لم يسبق لها مثيل. وتمكن بوتين في المقابل من الاستمرار في الحكم منذ عام 2000 بعد تركه لجولة انتخابية واحدة، عمل خلالها رئيساً للوزراء، وقبل ذلك في عمق الزمن الحديث مديراً للمخابرات.

وفي العمق الروسي، وعلى ألسنة الشعب الروسي، وفي مقالاتي، كنت أسمع وأذكر حاجة روسيا لرئيس وزراء جديد، يتغير مع كل حقبة رئاسية روسية من أجل التغيير، والتحديث، ومواصلة البناء.

ولا تكمن قوة روسيا وعظمتها في حكمة سياستها الخارجية فقط، وتمسكها بالقانون الدولي عبر أوراق الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الدولية، ولا في انتهاجها لسياسة معارضة القطب الواحد الأميركي والغربي بزعامة حلف (الناتو) العسكري، ولا في مواجهة الحرب الباردة التي سلطها عليها الغرب الأميركي منذ نهاية الحرب الوطنية العظمى (الثانية) 1945 فقط، وهي أي روسيا التي ترفضها جملة وتفصيلا إلى جانب سباق التسلح وتحتفظ لنفسها بحق الرد وتطوير سلاحها ومنه النووي والصاروخي البالستي مثل (أفانغارد) عابر القارات، ومخترق الصوت وشبكات الرادارات، ولا في سباق الفضاء، وإنما في إعادة بناء الداخل الروسي، بالارتكاز على الانتقال إلى النظام الإداري والاقتصادي اللامركزي، أو الدمج بين المركزية واللامركزية، إنصافاً لمدن وقرى روسيا، وتحديداً المصنفة بالدرجة الثالثة، وسط المحافظات الفدرالية الثمانية (موسكو، ورستوف، وسانتك بيتر بورغ) وخابارفسك، ونوفوسيبيرسك، ويكياتيرنبورغ، وينجني نوفغورد، وبيتغورسك) وقائمة طويلة من المدن الروسية وقراها يصعب تعدادها هنا.

وفي ترحالي المتكرر إلى روسيا لاحظت غياب تعبيد شوارع المدن الداخلية النائية، وتظلّم الروس من ارتفاع أسعار المحروقات البترولية والغازية، رغم انتاج بلادهم لها وبأرقام مرتفعة، فهي الدولة المنتجة الأول للغاز منذ عام 2013 وبحجم 669 بليون متر مكعب سنوياً، كما تحتل المرتبة الثالثة في انتاج البترول عالمياً بكميات بلغت أكثر من 10 ملايين برميل منذ عام 2018. كما لاحظت ضجيجاً داخلياً غير مسموع للخارج، وسببه تدني رواتب القطاع العام والتقاعدات ولعدم الذهاب بقطاعي الطب والتعليم للتعاون مع القطاع الخاص الاستثماري، ولضعف الاستثمار الأجنبي في باقي القطاعات غير النفطية على الرغم من ارتفاعه إلى 91 مليار دولار العام المنصرم في قطاع البترول والغاز.

وهنا، لا اعتقد بأن روسيا ستنزعج من عروجي على مشكلة انتشار المخدرات فيها كما هو حال باقي دول العالم، فبالرغم من تأسيس مكتب وجهاز متخصص في مكافحة، لأنه الآفة التي أصابت حتى عام 2002، أكثر من 25% من عدد السكان، وهي تتغلغل إلى الداخل الروسي من أفغانستان، ويتم تصنيعها داخلياً أيضاً، وأتمنى في المقابل أن تزول هذه الآفة الخطيرة ليتعافى المجتمع الروسي منها وبنسبة عالية. وللحقيقة، يتوجب القول هنا بأن انحرافات الشارع الروسي، بدأت تتلاشى بعد انشغال الشباب في البزنس الصغير، فتلاشت مثلا تجمعات حليقي الرؤوس الـ(SKIN HEAD) العنصرية، وأصبح القانون الروسي يعاقب سلوكها بصرامة. ويعاقب من يتعاطى الكحول اثناء قيادة المركبات بسحب الرخصة، والغرامة، والسجن. ويتم مكافحة الفساد في روسيا منذ العام 1992، ويتم التعامل معه بقسوة في عهد الرئيس بوتين. وتم حظر أعمال بعض الأثرياء مثل خداروفسكي وبيريزوفسكي وغيرهما.

أما رئيس الوزراء الروسي الجديد وهو من رجالات الاقتصاد والذي طال انتظار قدومه في المجتمع الروسي، فقد قام بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وأبقى على وزيري الخارجية لافروف والدفاع شايغو، المحسوبين على قصر الكرملين الرئاسي، كما سبق له أن عمل مديراً عاماً لضريبة الدخل، وهو -أي ميخائيل ميسوشين- العارف بتفاصيل الحياة الروسية. وأمامه الآن فرصة ذهبية للنجاح عبر الهبوط إلى الميدان، وحتى بشكل مفاجئ، وتشكيل طاقم من المحافظين المخلصين لروسيا ومن الميدانيين أيضا.

ورسالة الرئيس بوتين الجديدة للمجتمع الروسي غاية في الأهمية حيث ربطت بين زيادة الإنجاب وبمساحة روسيا العملاقة، حيث يبلغ عدد السكان أقل من 150 مليون نسمة على مساحة تزيد على 17 مليون كيلو متر مربع، ولقد قرر منح السيدة الروسية التي تنجب ثلاثة أطفال اكثر من مليون روبل، وكل من تنجب طفلاً أو طفلين لها تقديرها المالي ايضا.

وفي الختام، يتطلع العرب باهتمام كبير لزيارة الرئيس بوتين المقبلة لإسرائيل ولأراضي السلطة الفلسطينية، آملين إنصافهم في بناء دولة فلسطين كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، مع ضرورة إقناع أحزاب إسرائيل مثل (الليكود) و (أزرق أبيض)، واليمين المتطرف بالكف عن التحرش بمنطقة (الأغوار الفلسطينية)، وبإعلان رفض روسيا لصفقة القرن في (تل أبيب) مباشرة، ليسمعها من لم يسمع حتى الآن من الاسرائيليين المتطرفين اليمينيين، أمثال نتانياهو وغينيتس وغيرهم. وليعرفوا أن مقابل أي تصرف إسرائيلي أحمق على الأرض الفلسطينية بهذا الاتجاه، سوف يواجه أردنيا وفلسطينياً ومصرياً وعربيا بإعادة النظر بمعاهدات السلام، والدفع بإسرائيل العنصرية لمزيد من العزلة.

وأخيراً، أتمنى على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحبوب عربياً، أن يدرج في إطار جولته الشرق أوسطية زيارة الأردن، والمغطس والبترا مشتاقة لسيادته بكل تأكيد.

(الرأي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :