facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نِفْسي!


حلمي الأسمر
09-06-2007 03:00 AM

الأخبار التي ملأت صحفنا بالأمس، تحدثت عن "مواجهات" من نوع ما على خلفية إزالة الإعتداءات على أملاك الدولة الأغوار، الحملة التي تستهدف "حفظ هيبة الدولة وأمن واستقرار المواطن" أخذت على عاتقها تدمير آلاف الأشجار والمزروعات وهدم عدد كبير من الآبار الإرتوازية وقطع التيار الكهربائي عن العديد من المناطق، وتدمير البيوتات التي بنيت على تلك الأراضي، آليات الحكومة دمرت على سبيل المثال أشجار موز يبلغ عمرها ست سنوات، ومساحات شاسعة من المزروعات الخضرية السطحية!
أهالي المنطقة لم يتقبلوا طبعا هذه الاجراءات ونُقل عنهم وصفها بأنها "تعسفية وغير منطقية" وستخلق حالة من الفوضى وتصب في مصلحة بعض الشخصيات المتنفذه، على حد قولهم، وترجموا احتجاجاتهم عمليا بعقد اجتماع حاشد في منطقة الشونة حضرة المئات من المواطنين، وطُرحت في اللقاء عدة آراء منها اقتراح التعميم على جميع المزارعين واصحاب الأراضي التوقف عن الزراعة ، ووقف تزويد السوق المحلي بكافة أنواع الخضار والفواكه التي يحتاجها السوق يوميا، وهو أمر إن تم تنفيذه سيؤدي الى ارتفاع جنوني في أسعار الخضار والفواكه ومنتجات الإستهلاك اليومي من جميع المحاصيل وبالتالي الضغط على الحكومة لمراجعة موقفها من هذه الحملة!

في الجانب الحكومي، وحسبما ورد في تصريحات وزير الداخلية عيد الفايز، فإن حملة تطبيق القانون وفرض النظام وإزالة الإعتداءات ستستمر ولا يوجد وقت محدد للإنتهاء منها إلا بازالة كافة الأسباب التي أوجدتها وإعادة الحقوق لأصحابها، وقال أيضا أنه لن يتم الإعتراف بالواجهات العشائرية والتي أصبحت ذريعة للبعض للتطاول على ممتلكات الدولة إلا المتعارف عليها لدى الدوائر المعنية، وأكد أخيرا "ضرورة تطبيق القانون وفرض هيبة الدولة في جميع أنحاء المملكة وعلى كافة المواطنين بدرجة واحدة من المساواة"!

المشهد العام كما يبدو يأتي في سياق قانوني، ولا يوجد عاقل يمكن أن يعترض عليه، ولكن هناك ملاحظات في غاية الأهمية تُطرح ونحن نقرأ المشهد، تتعلق بجملة مفاصل، أولها المكان، إذ يحق للجميع أن يتساءل عن مغزى "تدشين" الحملة في الأغوار، حيث الفقر في أعلى نسبه، وحيث الناس يعانون من مليون مشكلة، بيئية وحياتية وصحية، وبمعنى أكثر وضوحا: لم نبدأ بتطبيق هيبة الدولة في مناطق المستضعفين في الأرض؟ ولم يكون تطبيق القانون في مكان يعرف القاصي والداني أنه خضع لجملة تغييرات بسبب تغير قوانين المِلكية فيه، وهو معروف بأنه سلة غذاء المملكة، حيث يتزود الناس بقوتهم اليومي من الخضر وكثير من الفواكه منه، مع ما يتضمن ذلك من بعد استراتيجي يمس حياة الغالبية الساحقة من المواطنين، فضلا عما يعانيه قطاع الزراعة المتركز في الأغوار من مشكلات مستعصية مزمنة لم تستطع أي من الحكومات المتعاقبة حلها، ومن أهم وأخطر هذه المشكلات ما يتعلق بالمديونية والمياه!

أما بالنسبة لتوقيت الحملة، فلا أحد يمكنه أن يتخيل ما الحكمة من بدئها متزامنة مع مناسبات وطنية عزيزة على قلوب المواطنين جميعا، كالاستقلال واحتفال الأردنيين جميعا بمرور ثماني سنوات على تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، وفي أعقاب نجاحات وطنية كبيرة سجلها الأردن في جملة نشاطات ومؤتمرات استضافها البلد، متزامنة مع جملة مبادرات ملكية باتجاه تخفيف المعاناة عن فقراء المملكة من إنصاف لأسر الشهداء والتوسع في أيجاد مساكن لذوي الدخل المعدوم والمتدني، وغير ذلك من مكارم استهدفت كلها بعث الأمل في نفوس المستضعفين بأن لهم حصة كبيرة في حياة قائدهم ومليكهم، الذي لم يكف عن القول أن الأولوية لديه إشعار المواطن العادي بمكتسبات التنمية وتحسين ظروف حياة الناس الأكثر معاناة!

وفي الإطار العام للمشهد، يعرف الذين يشعرون بما يشعر به المواطن العادي في هذا البلد، أن المتنفذين هم الأقدر على الاعتداء على أملاك الدولة، وتمتلىء مَرْويّات الناس والشارع بقصص كثيرة عن حيتان استولوا على أملاك دولة، وحفروا آبارا ارتوازية ضد القانون، وامتنعوا عن دفع فواتير ماء وكهرباء، وتهربوا من ضرائب، وسجلوا أراضي دولة بأسماء زوجاتهم وأبنائهم وسوى ذلك من اعتداءات على "هيبة" الدولة، باعتبار هذه الهيبة جزءا من ممتلكاتهم الخاصة!

نِفْسي أصدق أن هناك "تطبيقا للقانون وفرضا لهيبة الدولة في جميع أنحاء المملكة وعلى كافة المواطنين بدرجة واحدة من المساواة" كما يقول وزير الداخلية، ونفسي أرى مصادرة لمزرعة متنفذ أو هدما لفيلا حوت استولى عليها بحكم "هيبته" المستلة من هيبة الدولة، ولئن حصل هذا، فسأكون أول من يصفق لحملة الحكومة، وآخر من ينتقدها!
al-asmar@maktoob.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :