facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خسارة ترمب .. ونهاية الشعبوية الأميركية


د. ايهاب عمرو
07-11-2020 10:41 PM

تابعت بكل شغف كالعادة الانتخابات الأميركية عبر وسائل الإعلام العالمية بشكل عام، والأميركية بشكل خاص، وناقشت خلالها بعض زملائي الأميركيين الذين كانوا قد أدلوا بأصواتهم. وأكثر ما لفت انتباهي هو حالة الانقسام داخل المجتمع الأميركي المنقسم على نفسه أصلاً لأسباب داخلية منها التأمين الصحي، والاقتصاد، وأزمة كورونا، والممارسات غير الديمقراطية ضد الأقليات، آخرها حادثة الاعتداء التي أودت بحياة المواطن الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد الذي ما انفكت طفلته الصغيرة تقول أمام وسائل الإعلام آنذاك: والدي غيّر العالم.

ويمكن القول أن خسارة ترمب كانت متوقعة من وجهة نظري المتواضعة، ليس فقط لأنني رأيت في منامي قبل الانتخابات بأيام أن بايدن فاز بتلك الانتخابات، لكن نتيجة أسباب موضوعية ومنطقية قمت بتقديرها قبل الانتخابات بعد قراءة دقيقة للمشهد داخل الولايات المتحدة الأميركية من جوانب عدة منها، سوء إدارة ملف أزمة كورونا التي أودت بحياة مئات الآلاف، وتضرر أسواق المال نتيجة سياساته المتخبطة وغير المسؤولة، وتجنّد معظم وسائل الإعلام الأميركية ضده نتيجة تصرفاته وسلوكياته غير المهنية ضدها وضد من يعملون لصالحها، ورغبة "الدولة العميقة" في تغييره حسبما رشح من خلال بعض مداخلات المختصين مع وسائل الإعلام، ناهيك عن تأثر الأسواق نتيجة إعلانه "الحرب التجارية" ضد الصين التي ترتبط معها تلك الأسواق بعلاقات وثيقة.

وتعكس تلك الخسارة نهاية الشعبوية التي مثلها ترمب التي تعتمد على فكرة أميركا أولاً في الداخل، وحسر تأثير العولمة في الخارج، والتي فرضت نفسها في مناطق مختلفة من العالم، ما يشمل منطقة الشرق الأوسط، وحاولت فرض نفسها داخل الولايات المتحدة الأميركية بوسائل مختلفة لكنها لم تنجح بسبب المعارضة الشديدة للمساس بالأسس التي تحكم عمل المؤسسات داخل الولايات المتحدة وهو ما يعرف باسم "الضوابط والتوازنات"، وهو ما وصفته بعض وسائل الإعلام الأميركية مثل سي ان ان بأنه أسلوب استبدادي لا يتماشى مع تلك الأسس، خاصة بعد إعلان ترمب يوم الانتخابات عدم وجود ضرورة لاستكمال عد الأصوات بعد يوم الانتخابات، وقيامه بالحديث مع بعض حكام الولايات من الجمهوريين بهذا الخصوص، مما أثار خشية لدى الكثير من المتابعين في الولايات المتحدة بمحاولة المساس بالأسس التي يقوم عليها المجتمع الأميركي، والنظام الانتخابي الأميركي بالخصوص، الذي يعتمد على الصوت الشعبي وأصوات المجمع الانتخابي والذي يتعين على أي رئيس ضمان الحصول على 270 من أعضائه.

ويعكس قيام أنصاره بالتظاهر أمام المراكز الانتخابية أثناء فرز الأصوات في محاولة للتأثير على العاملين والعاملات فيها، كما حدث أمام المركز الانتخابي الرئيسي في ولاية أريزونا بعد إحساسه بخسارته لتلك الولاية المهمة والتي أحدثت فرقاً كبيراً وأثرت على حظوظه بالفوز، دليلاً على محاولاته الحثيثة للمساس بالأسس الديمقراطية التي تحكم العملية الانتخابية.

وما حاول ترمب القيام به ولم ينجح، كما أسلفنا، هو فرض أجندته الشعبوية داخل الولايات المتحدة وإحلال فلسفته ورؤيته غير المنطقية وغير الديمقراطية في محاولة لتغيير الأسس التي يقوم عليها الداخل الأميركي ونظام الانتخابات الأميركية، كما حاول في أماكن أخرى من العالم، ما يشمل منطقة الشرق الأوسط.

ولعل محاولاته المستمرة في إحلال شرعته الخاصة ورؤيته للسلام في المنطقة محل الشرعية الدولية خير دليل على ذلك، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي عانت نتيجة تلك السياسات الشعبوية خلال السنوات الأربع الماضية.

وأحسنت القيادة الفلسطينية بإعلانها قطع العلاقات مع إدارة ترمب مبكراً كون أنه أراد من خلال محافظته على تلك العلاقات في العلن إضفاء شرعية على قراراته وتصرفاته غير الشرعية والتي حاولت المساس بالشرعيات الدولية القائمة منذ زمن.

ويمكن القول أن هذه الانتخابات كانت مختلفة عن غيرها، نتيجة الانقسام داخل المجتمع الأميركي، كما أشرنا، ونتيجة تضارب المصالح بين قطاعات ذلك المجتمع. فقطاع التجار أراد نجاح ترمب ودفع بقوة لذلك، في حين لم يكن للأقليات رغبة في نجاحه، باستثناء الأميركيين من أصل لاتيني الذين التقوا مع فكرته الشعبوية لأسباب قد تكون تاريخية. إضافة إلى حالة الانقسام السياسي من حيث تقسيم الولايات سياسياً إلى ولايات جمهورية بلونها الأحمر وأخرى ديمقراطية بلونها الأزرق، ناهيك عن حالة الاستقطاب السياسي والشحن الإعلامي غير المسبوقة التي سبقت ورافقت تلك الانتخابات.

إن خسارة ترمب ورحيله عن المشهد السياسي الأميركي والدولي تعني الكثير، وينبغي لنا قراءة المشهد بشكل دقيق من أجل إعادة الاعتبار للشرعية الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية. غير أنه، ومع علمي بوجود اختلاف بين فكر الحزبين الجمهوري والديمقراطي بخصوص التعامل مع الشرعية الدولية بشكل عام، وبين ترمب وبايدن بشكل خاص، إلا أنه لا ينبغي إغفال الدعائم التي تقوم عليها السياسة الأميركية في المنطقة وتأثير قوى الضغط داخل الولايات المتحدة، ما يعني أن تلك السياسة قد لا تتغير بشكل جذري حتى مع نجاح بايدن، السناتور ونائب الرئيس سابقاً والسياسي المحنك الملم بتفاصيل المشهد السياسي داخل الولايات المتحدة وخارجها بشكل جيد.

ختاماً، ينبغي التنويه إلى خطورة ما قد يقوم به ترمب أثناء الفترة التي قد تسبق تسلم بايدن مقاليد الحكم، سواء على المستوى الداخلي من خلال إعاقة انتقال سلمي للسلطات بواسطة رفع دعاوى أمام محاكم الولايات وربما أمام المحكمة العليا الفدرالية التي يشكل القضاة المحافظين الأغلبية فيها، ما قد يدفع أنصاره إلى إثارة الشغب خلال تلك الفترة، أو على المستوى الخارجي، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث يثور احتمال إقدامه على منح الضوء الأخضر لعملية ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية من أجل خلق واقع معين وصعب أمام الرئيس بايدن فيما يتعلق بإدارة ملف التسوية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :