يعرف تقرير التنمية الإنسانية لعام 1994 والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأمن الإنساني بالقول: " تحرر الإنسان من التهديدات الشديدة والمنتشرة والممتدة زمنياً وواسعة النطاق التي تتعرض لها حياته وحريته". ويؤكد التعريف على أن انعدام الأمن الإنساني يساهم بصورة كبيرة في تقويض جهود التنمية بكل أشكالها وبالذات البشرية منها, ويعمل على استنزاف للمصادر خاصة الطبيعية. كما يحث تقرير التنمية البشرية لعام 2001 على حماية "جوهر الإنسان لذاته " بمعنى الجوهر الحيوي للفرد, بتأمين الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة وبحيث لا تضيق مساحة الخيارات المتاحة له لكي يصبح قادراً على العمل والإبتكار والإبداع والتمتع بحريته. وقد نصت مداخلة د. البرادعي (المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية) في التقرير على أن " العصر الحديث يتطلب أن نفكر بمنطق أمن الإنسان وهو مفهوم يتمحور حول الإنسان ولا حدود له. إنه مفهوم يقر بالروابط الأصلية بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية واحترام حقوق الإنسان والسلام". فلم يعد التركيز على أمن الدولة فقط إنما أصبح أمن الإنسان كفرد يشكل الركيزة الأولى لحمايته من أي تهديد داخلي وخارجي وحمايته ومجتمعه من كل أشكال العنف والجريمة والكوارث الطبيعية والناتجة عن الحروب والنزاعات وكذلك كل مسببات التلوث المناخي والبيئي.

لا شك بأن الدفاع المدني يشكل جزأً من جهاز أوسع هو الأمن العام, وعادة ما يتم التركيز على الدور الريادي للأمن العام دون إيلاء نفس الاهتمام بالدفاع المدني. وعليه, جاء التكريم ليلقي الضوء بشكل كبير على الدور الرائد للدفاع المدني المتسم بالفاعلية والمهنية العاليتين والهادفتين إلى توفير الأمن والسلامة الإنسانية للمواطنين دون انحياز لأي فئة أو منطقة جغرافية. ولم يكن حصوله على جائزة سمو الأمير حسن للتميز مفاجئا للمواطن الأردني الذي يلمس يوميا الدور الرائد والمتطور باستمرار لهذا الجهاز. وطبعا لم يكن مفاجئا على المستويين الشخصي والأسري فلنا تجربة مع النشامى في أوقات عصيبة وحين تعذرت الاستعانة بوسائل إسعاف أخرى كانت لهم وقفة مشرفة وإنسانية وبمهنية وسرعة فائقة لا تتعدى الدقائق لتقديم الخدمة في وقت كانت الثواني محسوبة.

لذا, ففي تكريم هذا الجهاز تكريم لرمز أردني رفيع المستوى يؤمن بوطنيته وببلده وبالتفاني في خدمتها وتطورها وبسيادة الأمن إنسانيا واجتماعياً واقتصادياً ذلك أن الأمن يشكل منظومة متكاملة وفي أي التهاون بإحداها لا تستقيم الأمور.

تحية لكل فرد في هذا الجهاز وتمنياتنا لهذا البلد بالسلامة والأمن الدائمين.

* خبيرة في التنمية الإنسانية\الحاكمية الحضرية الرشيدة