لقد فاق منتخبنا، في إنجازاته المتوالية، ما أنجزته حكوماتنا مجتمعة، في العقدين الماضيين. لقد قام "بكل الواجبات الموكلة إليه بكل أمانة" بلا حلفان وبلا طقوس..
لقد كان حكومة حقيقية، حكومة تشبه حكومات الرجال والشهداء..!!
فقد كان وزارة الخارجية التي أعادت تشكيل الصورة الحقيقية عن الأردني ومواقفه، عن صموده وصلابته، عن إيمانه وثوابته، في المحافل الدولية والعربية!
لقد كان وزارة الداخلية التي جمعت الأردنيين «من شتى المنابت والأصول» في خندق الوحدة والانتماء لوطن واحد، هو الأردن!
لقد كان وزارة الإعلام التي تحدثت للأردنيين «بصدق وشفافية ونزاهة»، وبلعب على المكشوف، دون تزييف أو تمويه، ودون «ميرمية»..
وكان وزارة السياحة التي رسمت صورة مشرقة عن كل ما هو أردني، والتي جعلت المنتخب وجماهيره أيقونة الحدث، وروحه المشرقة التي أضاءت سماء العرب.
لقد كان المنتخب حكومة بأعلى درجات الانتماء والمسؤولية، حكومة أدارت المشهد بكل صدق وانتماء واقتدار، حكومة وحدت ولم تفرق، جمعت ولم تشتت، حكومة ليست ككل الحكومات التي عجزت أجهزتها، وميزانياتها، ووزراؤها، على مر عقود، أن تمنح الأردني إحساساً حقيقياً بهويته وكرامته.
لقد كان المنتخب حكومة من نوع آخر؛ حكومة للوطن وليس عليه..حكومة أكثر ولاءً وأعمق تجذراً في الأرض..!
حكومة لم تعجز أن تعيد للأردني قيمته الحقيقية التي يستحق، ولم تعجز، كما عجزت حكومات غيرها، في أن تجعل من شعار «ارفع راسك أنت أردني» واقعاً يفرض نفسه بكل أبعاده الحقيقية، لا مجرد أغنية وطنية، أو مهرجان خطابي!.
لقد عجزت كل القنوات، وكل الشاشات، وكل الأدوات، حتى «سرايا العَلَم الحديدية»، وحتى أناشيد البطولة والمهرجانات، من أن تُحيي في الأردني أردنيته الكامنة فيه، كما فعل هذا المنتخب..
لم يكن جنود هذا المنتخب يلعبون، بل كانوا يقاتلون، كانوا يستبسلون لأنهم نشامى حقيقيون. كانت كل مباراة بمثابة معركة، تطغى عليها روح الأردني الباسلة، وتعلو فيها صهوته، لا يقبل هزيمة، ولا يستسلم لعدو، ولا يرضخ لقلة الحيلة، ولا لشح المورد، ولا تغريه عن القيام بواجباته «مكاسب مادية» عرضها نادٍ هنا، أو سيعرضها نادٍ هناك..!!.
فلم تشبعونا وعوداً بالخروج من «عنق الزجاجة»، ولم تعدونا بأن «القادم أفضل»، بل أشبعتمونا عزاً وفخراً.. وانجازات..جبرتم فينا جزءً كان مكسورا..كنتم أنتم الأجمل، وكنتم على الدوام أنتم الأفضل!.
لقد شاهد العالم، كيف يستبسل الأردني عندما يكون له قضية، وكيف يكسر سطوة الظرف وسوء الحال عندما يكون أمام عينيه غاية، وكيف يسطر من العزيمة بطولة، وكيف يكسب في الصمود معركة!.
أيها النشامى، لقد علّمتم كل من تابعكم من المحيط إلى الخليج، كيف يكون الانتماء، وكيف تكون العزيمة، ومعنى أن تحمل على عاتقك مسؤولية. جعلتم من حكوماتنا تلاميذ على دكة البدلاء، لا أمل لهم في لعبٍ ولا فوز..
إنه فعلاً منتخب، انتخاباً حقيقياً، لا بالمال الأسود ولا «بالألو».. انتخاباً لا محسوبية فيه ولا شللية..!!
انتخاباً كانت الكفاءة فيه هي معيار الأداء، وكانت أرض الواقع معيار النتيجة!.
وكانت روح الفريق وإصرار الفرد، طوقاً من أغصان الزيتون يزين صدر عُقاب!! كان هذا الإنجاز الحقيقي الذي سطره المنتخب خارج أرض الملعب، وداخل حدود الوطن..!!