facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كتاب جديد يكشف كيف نُسجت علاقة أخوية بين البابا والشيخ أحمد الطيب


12-05-2021 09:54 PM

عمون - نشرت الصحفية الايطالية إليزابيتا بيكيه مقالاً حول الصداقة بين البابا فرانسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب.

وتالياً نص المقال:

كان ذلك في السابع من نوفمبر لعام 2017، وقبل تناول ذاك الغذاء غير المتوقع في سانتا مارتا، من سمك وخضروات مشوية ومثلجات وقهوة. حينها "أخذ البابا فرانسيس قطعة خبز وقسمها إلى نصفين، تناول هو نصف، وأعطى الآخر للإمام الأكبر، في إشارة واضحة للتعايش والأخوة الإنسانية".

تلك اللحظة، التي لم يكن من الممكن تصورها قبل سنوات، هي جزء من التاريخ السري لكيفية نشأة الصداقة غير المسبوقة بين البابا فرانسيس والإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر؛ أحد أهم المراكز الثقافية للإسلام، وهو بمثابة "الفاتيكان" للمسلمين السنة، الذين يشكلون الغالبية العظمى للعالم الإسلامي (85%).

ووقّع كل من البابا والإمام الأكبر، في فبراير لعام 2019 في أبو ظبي، وثيقة تاريخية للأخوة الإنسانية. تلك الوثيقة التي يعتبرها البابا، جنبا إلى جنب مع الرهبنة الفرنسسكانية للقديس فرانسيس الأسيزي، أحد أهم مُلهماته للرسالة البابوية الأخيرة "كلنا أخوةٌ" -Fratelli Tutti-، والتي تُأسس للأخوة والصداقة الاجتماعية.

يكشف القاضي المصري الشاب محمد عبد السلام، المستشار السابق للإمام الأكبر، عن تفاصيل يجهلها الكثيرون حول تطور العلاقة بين البابا فرانسيس والإمام الأكبر في كتاب جديد بعنوان "الإمام والبابا والطريق الصعب".

كان السيد عبد السلام بالفعل شخصية معروفة، فقد أصبح أول مسلم يقدم للمنشور البابوي للحبر الأعظم في حدث رسمي بالفاتيكان في الرابع من أكتوبر من العام الماضي. وإنه لأمر غير مسبوق وانعكاس حقيقي لتحول علاقة الفاتيكان بالعالم الإسلامي. لم يكن عبد السلام شاهدا رئيسًا على كيفية نسج الصداقة بين زعيمين روحانيين عظيمين لدينين سماويين يتبعهما ملايين المؤمنين حول العالم فحسب، بل لعب دورا أساسيًا في تكوين تلك الصداقة، لدرجة أن البابا وصفه في العلن مرتين بأنه "ولد رهيب".

يصف عبد السلام بحماس في كتابه، الذي أجاز طباعته الزعيمان الدينيان، كيف بنيت صداقة لم تكن بالحسبان قبل سنوات. صداقة قامت على الإرادة والحدس والتعاطف والتواضع و"القلب الرحب" والفكاهة وخاصة على وجبة غذاء لم تكن على جدول أيّ منهما. هذا بالإضافة إلى اهتمامٍ مشترك بعالم على حافة الهاوية، تتفاقم فيه الصراعات والحروب والإرهاب الديني المتشدد والتطرف والتعصب والظلم والفقر والإقصاء وأزمة لاجئين فضلا عن الآثار المدمرة لتغير المناخ. صداقة تصدح في السماء من أجل رسالة بسيطة مفادها "كلنا إخوة".

وفي مقابلة مع صحيفة "لا ناسيون" الأرجنتينية، أفصح عبد السلام عن تفاصيل لا يتضمنها الكتاب. حيث قال "كل شيء بدأ في الثالث عشر من مارس لعام 2013" عندما خرج الكاردينال الأرجنتيني الغير معروف آنذاك، إلى شرفة كنيسة القديس بطرس، بعد تصاعد الدخان الأبيض، وقدم نفسه للعالم. حينها كنت بجوار الإمام الأكبر أشاهد "الأخبار العاجلة" عبر شاشة الهاتف."

إثر "المؤشرات الإيجابية" في اختيار ذلك الكاردينال القادم من الطرف الآخر للعالم، اقترح الإمام الأكبر، في اجتماع ضم المستشار عبد السلام وعدد من ذوي الثقة في نفس اليوم الثالث عشر من مارس، إرسال برقية تهنئة إلى البابا الجديد. إلا أن هذه الفكرة قد رفضت لأن العلاقات كانت متدهورة للغاية. وبدلًا من ذلك، تقرر إرسال برقية تهنئة إلى الكنيسة الكاثوليكية باسم الأزهر. ومن هنا بدأت إعادة االعلاقات من جديد.

البابا فرانسيس، الذي عندما كان رئيسًا لأساقفة بوينوس آيرس حيث تتعايش العقائد المختلفة دونما أي مشكلة، أمر بإنشاء معهد للحوار بين الأديان فضلا عن صداقته للشيخ المسلم عمر عبود؛ كان عند حسن الظن؛ فبعد أسابيع بعث ببرقية تهنئة للإمام الأكبر بمناسبة حلول شهر رمضان، وصف فيها السملمين "بالإخوة"، كلمة ذات مدلول عظيم.

في الأشهر التالية، ظل المستشار عبد السلام والإمام الأكبر يتابعان عن كثب جهود هذا البابا الذي أعطى أولوية للفقراء والمهاجرين وأدان العنف في سوريا وذهب للأراضي المقدسة وطالب بحلّ للقضية الفلسطينية. وعلى الرغم مما شهدته العواصم الأوروبية من هجمات إرهابية لعناصر متطرفة، فقد رفض البابا ربطها بالإسلام؛ فعندما سُئل في مؤتمر صحفي في بولندا في أغسطس 2016، قال: "ليس من الانصاف ربط الإسلام بالعنف".

وفي هذا الإطار، عُقد أول اجتماع بين البابا فرانسيس والإمام الأكبر، في القصر الرسولي للفاتيكان، في الثالث والعشرين من مايو لعام 2016. الاجتماع الذي كان بمثابة ذوبان الجليد، فسرعان ما نضح اللقاء عن توافقات بين الرجلين ذوَي الديانة المختلفة، إلا أن لهما نفس الأفكار وأنماط الحياة. وأثمر أيضًا قرار البابا السفر للقاهرة في أبريل لعام 2017، تلبية لدعوة الإمام الأكبر والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لحضور مؤتمر السلام العالمي الذي نظمته جامعة الأزهر. وجائت الزيارة بعد أسابيع فقط من هجمات دامية تبناها تنظيم داعش المتطرف ضد كنيستين قبطيتين. وبما أن الصورة تُغني عن ألف كلمة، يذكر المستشار عبد السلام في كتابه كيف انتشرت في تلك المناسبة صورة عناق البابا والإمام الأكبر. فتلك الصورة، طبقا للسيد عبد السلام، أصبحت "أيقونة أمل".

وبعد ستة أشهر فقط، تناول الرجلان في الفاتيكان وجبة الغذاء التي بدأت بها هذه المقالة، والتي تعد بمثابة النواة لوثيقة أبو ظبي التاريخية للأخوة الانسانية.

بعد ذلك، سافر الإمام الأكبر، يرافقه السيد عبد السلام، إلى روما للمشاركة في لقاء دولي. عندما علم البابا بوجودهما في المدينة، دعاهما إلى الفاتيكان. وبعد اللقاء الذي شارك فيه أيضا السكرتير الخاص السابق للبابا، المونسنيور يوأنس لحظي جيد (كلمة سر أخرى في التاريخ السري للصداقة)، فاجأهما البابا فرانسيس (رئيس أساقفة بوينوس آيرس السابق) بدعوة لتناول الغذاء، فقبلاها بالطبع. وكما يروي السيد عبد السلام، اقترح عليهما البابا أن يسيرو سويًا من القصر الرسولي إلى إقامته بسانتا مارتا، ليطلعهما على جمال الفاتيكان.
"سار الإمام الأكبر والبابا متشابكي الأيدي بطريقة أخوية للغاية.. فمن الواضح أن البابا تجاهل البروتوكول الصارم للفاتيكان، وكذلك الإمام الأكبر تجاوز البروتوكول الرسمي والقيود الأخرى التى يفرضها المجلس الأعلى للأزهر. كان ذلك مؤشرًا واضحًا على أن الصداقة بين الإمام الأكبر والبابا قد تجاوزت الشكليات والمجاملات، لتجسد السلام والتعايش بين الأديان". طبقًا لما جاء بكتاب السيد عبد السلام، الذي درس في الأزهر، ويُشهد له بالتدين.

وخلال تناول الغذاء، الذي استمر لأكثر من ساعتين، تحدثا عن الصراعات التي لا حصر لها في كل مكان. بدأت وجبة الغذاء بالدعاء من أجل الإنسانية وتقاسمٍ أخوي للخبز، في جو أكثر من خاص، "تغمره الأخوة والإخلاص والحب"، كما يذكر السيد عبد السلام، أنه يستشعر هذا الجو عندما يكون مع ابنه ياسين ذا الخمسة أعوام. هذا الجو من الألفة بين الصديقين حملهما على اقتراح كان مستحيلًا في وقت سابق. اقتراح من أجل الأجيال القادمة، كجيل ياسين، يضع لهم خارطة طريق للتسامح البشري في وجه التطرف. فلماذا لا نستفيد من صداقتهم الخالصة لسن وثيقة مشتركة عن الأخوة الإنسانية؟

فكرة الوثيقة، هي فكرة بارعة و"طريقها شائك" بالتأكيد، إلا أنها لم تلق آذانًا صماء، بل أثارت حماس الصديقين لإعدادها بمساعدة كل من السيد عبد السلام والمونسنيور جيد، وسط تكتم مطلق بينهم. كان نص الوثيقة "سريًا للغاية" إلى أن وُقّع في أبو ظبي في الرابع من فبراير لعام 2019.

وعل الرغم من أن السيد عبد السلام قد آثر في كتابه عدم التطرق إلى سبب غيابه وقت التوقيع المشترك على الوثيقة، التي شارك في إعدادها بشكل أساسي، والذي مثّل له علامة فارقة، إلا أن ذلك يرجع إلى ضغوط وانتقادات من القطاعات المنغلقة الحانقة، التي لم تستطع هضم النهج غير المسبوق لتقارب زعيمين لديانتين سماويتين رئيسيتين، مما اضطره أيضًا لترك منصبه كمستشار للإمام الأكبر، بعد أكثر من ثمانية أعوام.

ومع ذلك، كما يذكر في كتابه، فإن أول مافعله الصديقان إثر توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية هو الاتصال به عبر الهاتف لشكره على دوره الأساسي في تحقيق هذا الحلم.

واليوم يشغل السيد عبد السلام منصب الأمين العام للّجنة العليا للأخوّة الإنسانية، التي أنشئت حتى لا تنحصر الوثيقة في بعض الكلمات، بل لتترجم إلى حقائق ملموسة وتكون بمثابة البوصلة في العلاقات الإنسانية.

هل تخشى أن يتسبب دورك في إعداد هذه الوثيقة، نتيجة الصداقة بين البابا والإمام الأكبر، في تهديدات لحياتك من القطاعات المتطرفة؟ لا، أعتقد أن الله معي. شعرت بواجب سرد قصة الصداقة الرائعة لشخصين جليلين، حتى أُبلّغ رسالتهما عن الأخوة إلى العالم أجمع، وهو ما سأفعله ماحييت".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :