facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حماس تخسر "المعركة الإعلامية"


د. محمد أبو رمان
19-06-2007 03:00 AM

ثمة تداعيات عميقة، لانقلاب حماس في غزة، ذات أبعاد ومدلولات تتجاوز المشهد الفلسطيني على أهميته، إذ تتصل بصعود وشعبية مشروع "الإسلام السياسي" برمته. ويمكن رصد أبرز هذه الانعكاسات من خلال تلقي الشارع العربي واستجابته لما قامت به حماس. وهو تحد فريد من نوعه خطير في مخرجاته وتجلياته تواجهه الحركة لأول مرة في تاريخها بعدما استطاعت طيلة السنوات السابقة الحفاظ على صورة نقية، لدى الجمهور العربي، تتضمن معاني التضحية والجهاد والإبداع في معركة الدفاع عن النفس ومواجهة الاحتلال.فقد وجد الجمهور العربي نفسه أمام صور غريبة مدهشة سببت له حالة من الصدمة والرعب والمفاجأة غير المتوقعة؛ وهو يراقب الإعلام والفضائيات ويرى بأم عينه أبناء كتائب القسّام يسيطرون على المباني الرسمية ويدوسون صور الرئيسين عرفات ومحمود عباس، ويسجدون لله شكراً لسيطرتهم على مقرات الأجهزة الأمنية، في الوقت الذي تظهر فيه صور القتلى الذين سقطوا على أيدي أفراد حماس، وربما قدّمت صورة أفراد الأمن وهم يخرجون مستسلمين عراة، التي بثها تلفزيون الأقصى التابع لحماس، إشارات سلبية ليست في صالح الحركة أبداً، بخاصة وأنّ الذاكرة القريبة جداً للجمهور العربي ربطت فوراً بين هذه الصورة وبين صورة رجال الأمن الفلسطيني وهم يخرجون بالهيئة نفسها قبل شهور، لكن أمام جنود إسرائيليين، فأي حيلة أو دعوى يمكن أن تزيل هذا الترابط لدى الجمهور العربي!

هل خسرت حماس معركة الصور والشارع في الأيام الماضية؟..

سؤال جدير بالتفكير والبحث والنقاش، في ظل المعركة الإعلامية الشرسة التي تلت انقلاب حماس، تلك المعركة التي تبدو فيها حماس في موقف حرج للغاية أمام الجمهور العربي وهي تحاول جاهدة التغطية على الصور المتدفقة بالتأكيد على أنّ ما قامت به بمثابة "ضربة وقائية" ودفاع عن النفس، وكان يمكن لمعركة حماس الإعلامية وروايتها المحبوكة بعناية أن تحوز على قبول معقول لولا تلك الصور المتدفقة التي وظفتها وسائل الإعلام بعناية شديدة، سواء كانت هذه الوسائل مهنية معنية بنقل الأخبار والصور دون تحيز أم كانت معادية لحماس متربصة بها، بخاصة وسائل الإعلام الرسمي العربي التي عملت بمثابرة وجِدّ واضحين على اغراق المشاهد بصور مرفوضة قيمياً لديه من أعمال أنصار حماس في غزة، بل وربْطِها في مخيلة الجمهور العربي بما يحدث في العراق من إرهاب وتدمير وخراب، ولعل الرسالة الصورية واضحة لا تحتاج إلاّ ثواني كي يلتقطها المشاهد: "هذا هو المستقبل والخلاص الذي يعدكم به الإسلاميون"!

القراءة الأولية لتفاعل واستجابة الشارع العربي مع الحدث تؤكد أنّ حماس خسرت معركة الصور والإعلام بامتياز، لأول مرة منذ ولادة الحركة، وقد تأثر رصيدها الشعبي وتزعزت صورتها السابقة، وبدأت علامات الشك والتساؤل تطرح بقوة حول مشروع الحركة.

هذا لا يعني أن حماس فقدت قاعدتها الاجتماعية والشعبية بالكلية؛ فهذه القاعدة ليست كتلة صمّاء واحدة، إنما تتكون من طبقات وجمهور متنوع متعدد مختلف في أسباب تأييده ووقوفه مع الحركة.

الطبقة الصلبة من قاعدة حماس تتمثل بأفرادها من الجناح المسلح والأجنحة الأخرى، ومن أبناء الحركات الإسلامية التي تشترك مع حماس في المشروع السياسي والحركي نفسه، كجماعة الإخوان في مصر والأردن، والحركات الإسلامية الأخرى، يأتي في المرتبة الثانية الجمهور العربي- الإسلامي المتدين، الذي يقبل روايتها بعفوية شديدة ويسارع إلى تبنيها وترويجها، ثم نخبة من الإعلاميين والسياسيين المشتركين أيديولوجياً مع الحركة فيما يسمى بتيار "الممانعة" وهم خليط من اليساريين والقوميين والإسلاميين الآخرين.

على الجهة المقابلة فإنّ السؤال الأهم في شعبية حماس لا يرتبط بالجمهور الديني- المحازبي أو الأيديولوجي أو التنظيمي إنما في الشارع الذي أيّد حماس لأسبابٍ سياسية أو دينية- عاطفية، ويمثل الطبقة العريضة الكبرى. هذا الجمهور يحاكم حماس – في الأغلب الأعم- من خلال ما يراه ويراقبه في الإعلام ويصوغ موقفه ومشاعره على هذا الاعتبار، وهو الجمهور الذي من المتوقع أن حماس خسرت شريحة واسعة منه.

المفارقة الحقيقية أنّ عائد الخسارة لا يطال حماس وحدها بل كثيراً من حركات الإسلام السياسي في المنطقة العربية التي استفادت كثيراً في السنوات السابقة من شعور الناس بالظلم الواقع عليها ومن حالة السخط وخيبة الأمل الشعبية من أداء الحكومات العربية، إلاّ أنّ المشهد الغزي الذي يستدعي أحداث مخيم نهر البارد وأحداث العراق يخلق انطباعات مختلفة تماماً في مخيلة الإنسان العربي عن مشروع "الإسلام السياسي" ومدى أهليته وكفاءته لوراثة الراهن العربي مستقبلاً أو على الأقل تلبية مصالح الناس وتحقيقها.

ربما تكون جماعة الإخوان، في الأردن، أكثر الأطراف قلقاً وهي تتابع أحداث غزة، ظهر ذلك بوضوح بتآخر تصدير موقف رسمي للجماعة قرابة يومين، في حين تشي التصريحات الصادرة عن قياداتها بوجود اختلاف وتباين واضح في قراءة الموقف؛ فبني ارشيد، الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي، اندفع في تصريحاته(المنشورة على موقع القدس برس) إلى تبني موقف حماس وروايتها كاملة مبرراً ومحاججاً. أمّا رحيل غرايبة، الرجل الثاني في الحزب والناطق باسمه، فتجنب التبرير والولوج إلى التفاصيل واكتفى بدعوة فتح وحماس إلى الحوار والتفاهم، بينما دخل موقف الإخوان في"المنطقة الرمادية" تماماً ببيانهم حول الأحداث، وكان واضحاً أنّ سطوة الصور على الشارع الأردني أربكت الموقف الإخواني وجعلته يبدو متحفظاً فضفاضاً، مع أنّ الرجل الثاني في الإخوان، جميل أبو بكر، كان قد أوضح في تصريحه لـ"الغد" أنّ الجماعة تتفهم" عملية حماس في غزة".

في المقابل، على الرغم من القلق الرسمي من سيطرة حماس على غزة ومن احتمال تطور التوتر والأزمة باتجاه الضفة الغربية، ما يصيب مباشرة الأمن الوطني الأردني بزوايا مختلفة، إلاّ أنّ هنالك حالة من الارتياح الرسمي والشعور بالنشوة لصور غزة التي تُظهر للرأي العام أن الحركة الإسلامية غير أمينة على مستقبلهم، يوازي ذلك قناعة لدى بعض أصحاب القرار أنّ العائد المتوقع لهذه الصور سيكون سلبياً على شعبية "الإخوان" في الانتخابات النيابية القادمة، وسيخدم ذلك مشروع إعادة هيكلة الدور السياسي للجماعة.

خسارة معركة الصور يؤكدها عدد من المثقفين والكتاب المعروفين والذين إما يتعاطفون مع حماس أو لا يحملون موقفاً عدائياً أيديولوجياً منها ابتداءً؛ فحلمي الأسمر، الكاتب والمحلل السياسي، يرى أن حماس خسرت كثيراً في معركة الصور، وقد طغت تلك الصور ورسمت الانطباع الشعبي السلبي بعيداً عن الرواية السياسية للحركة وتأكيدها على أنها تقوم بضربة وقائية ضد خطة مسبقة للقضاء عليها من أطراف في فتح، وبعيداً أيضاً عن ذاكرة المواطن للحصار الذي تم ضد الحركة وحكومتها خلال الشهور الأخيرة، فلم تفلح محاولة قيادات الحركة التبرؤ من هذه الصور وربطها بأعمال غير مسؤولة وغير شرعية أو بحالة الاحتقان الشديد لدى بعض عناصرها من المرحلة السابقة. ويؤيد فهد الخيطان، الكاتب والمحلل السياسي، ما ذهب إليه الأسمر مضيفاً أنّ هذه الصور كانت حاسمة على المدى القريب في تحديد المزاج العام تجاه الحركة وشعبيتها، فالصورة الإعلامية أفقدت حماس شيئاً كثيراً من التعاطف الشعبي. ويشير الخيطان إلى ان اللعبة الإعلامية الرسمية العربية وظفت الصور وكثفتها لتؤثر على الرأي العام وتعلب موقفه من الأحداث.

معركة الصور أخذت تكتسب في السنوات الأخيرة قوة وأهمية كبيرة نظراً للمكانة التي بات يحتلها الإعلام في التأثير على الرأي العام من جهة ولكسب الحرب النفسية في الحروب والصراعات من جهة أخرى، وفي حال حركة حماس فإنّ أهمية الصور الإعلامية تبدو مضاعفة وخطيرة إذ يشكل الدعم الجماهيري سنداً متيناً ومصدراً حيوياً من مصادر قوة الحركة ومعها الحركات الإسلامية، ما يعني أن الانعكاسات السلبية لصور غزة ستتجاوز، بالضرورة، شعبية حماس إلى الحركات الإسلامية الأخرى!
m.aburumman@alghad.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :