facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لا خميرة لخبز العدالة ولا قمحا لعجينة التغيير!


د. نضال القطامين
27-07-2021 02:49 AM

من موسكو مرة ثانية، من ضفاف النهر أقرأ المشهد العروبي من زاوية محبطة، حيث السياسة حقل فسيح، والطامحون في سدّة الحكم فيها لا يقرأوا حوافه الوطنية والإقتصادية والإجتماعية، قبل امتطاء الصهوات المتحركة، حيث لا مناص من القبول بشروط اللعبة ونتائجها، ولا مهرب.

شيئا فشيئا تذبل زهرات الربيع العربي واحدة تلو الأخرى، فيثير هذا السقوط أسئلة مريرة حيال قواعد اللعبة الجديدة، وحيال قبول العقل العربي الجمعي بنهج تغيير هذه القواعد بعد أن ترسب نهج القمع في خلاياه عقودا طويلة.

في تونس الخضراء، أول الربيع وبواكير أزهاره المتساقطة، تكبو خيول السياسيين خائرة القوى مرة بعد مرة. إنها أسئلة الديمقراطيات المؤقتة، الضئيلة الضامرة العجفاء، المكبّلة بإعلان سريع عن التجميد ووقف العمل والتبريد، أسئلة دون إجابات.

تعيش الشعوب في حواضن الضنك والفقر ووسط صناديق معبأة بالمكابدة والكد والعناء. لا أسئلة تسبق لقمة الخبز، ولا أحد يعبأ باللعبة السياسية طالما ابتعدت عن سبيل العيش.

هذا ما ستعيشه شعوب العالم الثالث دهرا طويلا، وهذا ما يراهن عليه كل اولئك الذين لا يرون في العرب خميرة لخبز العدالة ولا قمحا لعجينة التغيير.

مع استنساخات أزمنة الإنقلابات، مع الفشل المزروع في الأرض اليباب، مع منح السلطة المطلقة في دستور تقول صفحته الأولى أنه جاء اعتزازا بنضال الشعب من أجل الإستقلال وبناء الدولة والتخلص من الإستبداد وتأسيسا لنظام جمهوري ديمقراطي تشاركي"، مع كل هذا، تتعرى التجارب الديمقراطية في العوالم المتأخرة، وتباح عورتها للعالم كله، وتسال أسئلة الثورات على مذابح الفساد والسلطات المطلقة واعلانات التجميد.

تستقبل تونس اليوم احتمالات قاسية، ليس أصعبها دفن التجربة الديمقراطية وحسب، بل كتابة شهادة هلاك لطموح الناس في التأسيس لتغيير شامل.

لا أحد في مفتتح هذه الأزمات ومنتهاها يحمل وزرا. إنه النهج الشعبي المرتبك، بين خبرات سياسية لم تنضج بعد، وبين عقول غلّفها الإستعمار بفكرة الذاتية المطلقة.

لا أحد أمام هذا المشهد المرتبك يقرأ البيانات المتضادة ولا الصراع الخفي الذي تديره الفضائيات. لكن الناس من المحيط إلى الخليج يستخبروا ويستوضحوا عن ماذا سينجلي الغبار هناك. لكن سؤالهم الأهم هو كيف لنا في هذا العصر الذي تختلط فيه الأولويات، استنساخ الديمقراطيات الراسخة وننفذها دون كبوات ودون فتن ولا قمع، دون أن نبدأ مع حلول الفشل بجلد ذاتنا وتبادل الإتهامات بأننا لسنا مهيأون بعد لمثل هذه التجارب او انه من الضروري استنساخها بالتدرج، وتصديق الكذبات والخيبات الكبرى التي تكرّس الحيوات العتيقة التي تجذر فيها القمع والركون.

ماذا على الناس أن يفعلوا في تونس وفي غيرها؟ هل المطلوب هو الإسترخاء وتبادل التأنيب والسفه والتحقير، أم توليد إرادة حقيقية معنية بإنفاذ تجارب ثبت نجاحها وتعمقت في وجدان الناس وفي النظام السياسي، تجارب مشهود لها بنجاح مخرجاتها الإقتصاديه والإجتماعيه العادلة، جنبا إلى جنب مع تثقيف معمق مكثف وسريع للشعوب والعمل على تحييد قوى ليس من مصلحتها قيام مثل هذه الديمقراطيات وصولا للتعددية السياسية التي تتولى بصناديق الإقتراع الحقيقية مهمة القضاء على الفساد والمحسوبية وواجب فرض شروط وتشريعات للثواب والعقاب والمحاسبة للقوى السياسية التي يمكن انتخابها وتوليها الحكم.

في تونس، ركضت خيول التجربة الديمقراطية في حقلها الفسيح، لكن فرسانها لم يحسبوا للحواف حسابا، فكبت الخيول وانطلق الفرسان بالتلاوم وحروب التصريحات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :