facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أفغانستان ما بين حكم طالبان وانسحاب الامريكان


العميد المتقاعد عارف الزبن
09-08-2021 09:16 AM

مع اقتراب موعد انسحاب القوات الأمريكية في نهاية شهر أغسطس ٢٠٢١، وبعد خروج اخرعسكري امريكي من أفغانستان ، فأننا سنُسدل الستارة عن هذا الغزو الأمريكي ، وسنطوي صفحة من صفحات الخزي والعار لأكبر ثالث امبراطورية عظمى تجرُّ فيها أذيال الخَيْبَة ، لتلتحق بركب من سبقوها من احتلال الإمبراطورية السوفيتية (١٩٧٩ - ١٩٨٩)، واحتلال الإمبراطورية البريطانية العظمى (الأنجلو أفغانية ١٨٣٩ - ١٨٤٢م) فيما عرف باللعبة الكبرى ، لقد مزقت كل تلك الإمبراطوريات الشعب الافغاني الضعيف ، وجعلته ينزف من جراح داخلية مميتة بعد كل احتلال ،وذلك بخلق حروب اهلية (داخلية) وخارجية ، واليوم بعد احتلال دام اكثر من عقدين للإمبراطورية الامريكية العظمى ( ٢٠٠١م – ٢٠٢١م) ،فان أمريكيا ستترك أفغانستان طريحة الفراش من جديد ، لعلها تضمد جراحها العميقة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وامنيا، مما سيجعلها قنبلة أفغانية وشيكة الانفجار ،سيكون انفجارها اقوى من القنبلة النووية الصينية والهندية والباكستانية والإيرانية وحتى الروسية، حيث ان كل تلك دول الجوار المحيطة في أفغانستان ،هي كالذئاب المفترسة التي تنتظر خروج اخر حارس امريكي ، كما انها أيضا لديها شرارة الاشعال للفتيل ،الذي سيودي الى هذا الانفجار الافغاني القريب والذي سيسمع دوية في كل انحاء العالم .

قد يتساءل البعض منا؛ ما هو سر قوة هذا الشعب الافغاني؟! حتما ليس الجواب فقط ان أفغانستان محاطة بحضارات وامم مختلفة ، فلقد فُتحت من الإمبراطورية الإسلامية في القرن السابع ،عندما دخلها الامويين بعد هزيمة الساسانيين في معركة نهاوند عام (٦٤٢م) ، واستقر بها الإسلام الى يومنا هذا، فالشعب الافغاني تكمن قوة في ايمانهم بعقيدة الإسلامية ، وانه قد عانى من حروب عديدة ،وهذا بكل اسف ما غاب عن المفكرين والقادة العسكرين ممن خططوا في تلك الامبراطوريات الثلاث (البريطانية السوفيتية الامريكية)، فلقد كانوا ينظرون الى الإسلام في أفغانستان انه هو المشكلة ، متجاهلين ان الإسلام جزء من حل المشكلة.
Religion Should be part of the Solution Not part of the problem

لذا فان الشعب الافغاني يحتاج الى فن في كيفية التعامل معه، لا ان يقلل من قدراته او الاستهانة بهذا الشعب الجبار Under Estimate، ان الشعب الافغاني ان أحسن التعامل معه في هذه الأيام، فانه سيكون قوة تعادل القوة الإيرانية، التي نجحت في تحويل إيران من دوله علمانية ابان حكم الشاه الى دولة إسلامية، بعد الثورة الخمينية عام ١٩٧٩، فليس من المستغرب وليس بالبعيد ان الثورة الطالبانية القادمة، هي ستكون بنفس نهج الثورة الخمينية، ولكن بطابع سُني بحت. وللعودة الى سرة قوة هذا الشعب الافغاني من خلال تجربتي الميدانية معه، فهذا الشعب نعم قد حطم اسطورة ثلاث امبراطوريات عظمى ويحمل سرآ لا يعرفه الا من تعامل معه.

في نهاية عام ٢٠١٥ كنت قد تحولت من مكافحة الإرهاب بالرصاصة ، الى مكافحة الإرهاب بالكلمة (اكاديميا) ، حين شرعت في تأليف كتابي الذي يتحدث عن تجربتي الأفغانية ، وكان عنوان الكتاب " الوسطية والاعتدال في الدين الإسلامي في محارية الغلو والتطرف " ، الا ان قدم لي احد الأصدقاء نصيحة قبل نشر الكتاب، بإكمال دراسة الدكتوراه في جامعة اكستر في بريطانيا ، حيث كان عنوان الكتاب هو اطار الرسالة "الا ان ظروف خاصة منعتني من اكمال الدراسة " ، لقد كان ذلك المشروع هو برنامج تكميلي للدراسات الأمنية ، لرسالة الماجستير التي تخرجت منها في كلية الدفاع الامريكية NDU عام ٢٠١٠ / واشنطن ، حيث تشرفت بانني مُنحت درجة الامتياز في الماجستير بتقدير ٣،٦٨ ،وتشرفت بانني كُرمت من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ، بمنحي ميدالية الخدمة المخلصة الامريكية Meritorious Service Medal ، التي كانت اول وسام يُمنح لضابط من خارج الجيش الامريكي ،كذلك تشرفت بانني كُرمت بعد عامين في عام ٢٠١٢ من قائد العمليات الخاصة الأمريكية (آنذاك) الادميرال وليام ما كريفين ADM William McCraven ، حيث قْلدت وسام العمليات الخاصة الامريكية ،والتي أيضا كانت اول ميدالية تمنح لضابط من خارج الولايات المتحدة ، وكانت الميدالية الرابعة التي تمنح في العالم ، بعد ان مُنحت لأحدى رؤساء الأركان السابقين الجنرال شكوميكر GEN Schoomaker والسفير الأمريكي في مصر و باكستان آن باتيرسون AMB Ann Patterson، والوزير لشؤون الاستخبارات الجنرال الدكتور مايكل فيكرز Dr Michael Vickers الذي كان احد العقول المدبرة فيما عرف بمشروع دعم المجاهدين عام ١٩٧٩ ، واعتذر عن هذا الطرح الشخصي ، فقط من باب ان يعرف القارئ ، ان الإدارة الامريكية السياسية والعسكرية ، قد آمنت في هذا البرنامج لقد كان ذلك المشروع يقوم على تطبيق المحاور والمضامين الرئيسية لرساله عمان في محاربة الغلو والتطرف ، وكانت رسالة الماجستير هي رسالة تطبيقية من خلال حمله إعلامية في ولايتي لوقار Logar و ولاية ورداك Wardak عام ٢٠١٠، والتي انبثق عنها لاحقا على المستوى الوطني ، برنامج مكافحة الإرهاب والتطرف في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية.

فما هو سر قوة هذا الشعب؟ وما هي قصة الحصان الجامح؟ تعود قصة الحصان الجامح الى أيام الاستعمار والاحتلال البريطاني بتاريخ ٩ نوفمبر ١٨٤١ م (بعد سنتين تقريبا من الغزو البريطاني الى أفغانستان)، حين كان الملازم فردريك ماكيسون ضابطاً في الجيش البريطاني ثم أصبح وكيلاً سياسياً، وهي وظيفة تجمع بين العمل الدبلوماسي والاستخباراتي معاً، فلقد بعث برسالة تاريخية مهمة عن خبرته في أفغانستان إلى توماس هربرت مادوك نائب الحاكم العام البريطاني في الهند..، كتب يقول: " لقد وجدنا الهند بلاداً يسهل حكمها والسيطرة عليها كأنها ظهر حصان إعتاد على حمل الأثقال، فكان سعيداً بحملنا الخفيف، أما أفغانستان بقبائلها الجبلية الشرسة التي لم ترضخ ولم تذعن لأحد من قبل فإنها مثل الحصان النافر (الجامح) الأبي، الذي لم يعتد السرج أو المكابح واستعصى على الركوب، فإذا اقترب منه أحد أو لمسه غضب وانتفض ورفس في كل اتجاه، فمثل هذا الحصان يحتاج إلى راكب ماهر قد يعتلي صهوته إذا استطاع استئناسه".

لم اكن لادرك معنى هذا الكلام الا بعد ان عرفت هذا الشعب العظيم ، نعم قد يكون الملازم فردريك صادقا نوعا ما ؛ من حيث المغزى بالوصف وليس من حيث التشبيه ، فالخيول الاصيلة هناك طرق في كيفية عسفها (ترويضها) وتسيسيها والتعامل معها ، ومن اهم هذه الطرق هي كيفية كسب قلوب وعقول الشعب الافغاني Wining The Hearts and the Minds ،لقد كان برنامج الوسطية والاعتدال في الاسلامVoice of Moderate Islam هو من افضل البرامج الدولية التي تم تطبيقها في أفغانستان بفضل وتوفيق من الله ، وبفضل هِمّة رجال القوات الخاصة الأردنية / كتيبة الصاعقة الثانية، وبدعم من أئمة القوات المسلحة الأردنية / مديرية الإفتاء ، واسناد نشميات الجيش العربي اللواتي استطعن دخول البيت الافغاني ، للوصول الى المرأة الأفغانية التي عادة هي محاطة في جدران عالية تسمى عندهم قالات Qalat ، نعم ان الشعب الافغاني شعب عظيم ذو شموخ وعادات وتقاليد ، سره يكمن في امرين متلازمين، الامر الأول؛ يرفض الانصياع للحكم الأجنبي ، والدليل ان هناك ثلاث امبراطوريات لم تستطع ان تحكمه لا بالرسمالية ولا الليبرالية ولا بالاشتراكية، وانما حُكم بالإسلام فقط ، اما الامر الثاني؛ فإنك لا تستطيع ان تكسب قلوب وعقول الشعب الافغاني بالقوة، والدليل مهما كبرت قوتك وسلاحك وعتادك ، لن تستطيع ان تفرض عليهم أي سياسية قد تراها من وجه نظرك ناجحة وهم يرونها انها فاشلة.

واليوم بعد ان أصبح الانفجار الافغاني وشيك وقريب جداً، لذا فان التعامل مع هذا الشعب يجب ان يكون حذرا ودقيقا، لان هذا الانفجار بدأت شرارة الأولى بالاشتعال من طالبان/ أفغانستان، ومن يحاول الدخول الى ساحة الملتهبة من دول الجوار التي اشرت لها سابقا ، سيتلظى في لهيب نارها كما تلظت له الامبراطوريات الثلاث، ومن يحاول اشعال الشرارة من تلك الدول، فان فتيل الانفجار سيكون سريعا ، لذا فان التعامل مع طالبان /أفغانستان ليس بالأمر السهل ولا بالسيئ او المخيف، فهو سيكون اسهل الخيارات من التعامل مع أطماع دول الجوار ، ومن لا يزال يعتقد ان طالبان هي الوجه الاخر للقاعدة ، فلقد حصل طلاق بينهما منذ مقتل أسامة بن لادن ، لذا فكما اسلفت ان الحذر يجعلنا نبقى حذرين من ان يعيد التاريخ نفسه من جديد ، فعندما حصل الزواج بين طالبان والقاعدة في منتصف التسعينيات ، هو ما ادخل العالم بهذه الساحة الملتهبة ، فالحذر الاصغر يكمن من ان يحصل تأخي ما بين طالبان أفغانستان وطالبان باكستان ، والحذر الأكبر او الأسواء ان يحصل هناك زواج ما بين داعش (الفتيه) وطالبان افغانستان ، فكلا الطرفين (طالبان /باكستان و داعش) هم على هبه الاستعداد على طول الحدود ، وخاصة في حال تدخلت دول الجوار.

لذلك فان التعامل مع طالبان /افغانستان سيكون هو الخيار الاسهل، في حال سقوط الخيارات الأخرى. من خلال الاعتراف بها كحزب سياسي أفغاني يلتزم بالدستور الافغاني الحالي، على الرغم من تخوف الكثيرين والذي تخشاه دول العالم الغربي وهو التطرف الديني، الذي اعتبره قد اصبح تاريخ طوي في صفحات التاريخ الافغاني، وقد يكون هناك تخوف اخر، وهو تطبيق الشريعة الإسلامية في افغانستان، وهذا امر لا محالة لان الدين هو كما اسلفت، هو جزء من حل المشكلة وليس هو المشكلة، لأننا لا نستطيع تجاهل هذا الامر بسبب طبيعة هذا الشعب التي بنيت جذوره على هذا الأساس، ومن الصعب ان يكون هناك تغيير جذري في المجتمع.

ويبقى ان نعود الى محور ما ذكرت، حول صوت الإسلام المعتدل لان هذا الصوت، هو الذي قد يُسمع من طالبان ومن باقي الفصائل الأفغانية، لا صوت التطرف والتعصب الطائفي او الديني، وفي حال نهجت طالبان هذا النهج ، فإنها ستصبح او بالأحرى ستنصهر في المجتمع الافغاني الحالي ، على ان يكون هذا الانصهار سريعا لان الوقت يمر سريعا Time is Ticking ، وذلك من خلال انتخابات برلمانية مبكرة قادرة على فرز برلمان ومجلس جيرقا لإدارة أمور البلاد . نعم لقد تمكن نشامى ونشميات القوة الأردنية في عام ٢٠٠٩ /٢٠١٠ ، من تحقيق نجاحات في تحويل اعداد كبيرة من طالبان أفغانستان للاندماج في المجتمع الأفغاني تقبلوا خلالها الاتصال مع المجتمع الدولي ، كما وان برنامج صوت الإسلام المعتدل VoMI قد ارسل رسالة عمان بمحاورها ومضامينها للعالم، بان الدين يجب ان يكون جزء من الحل وليس جزء من المشكلة، نعم ان أفغانستان من الممكن ان يعمها السلام ، وكما سمعتها من كثيرين من كبار السن والشباب والأطفال الأفغان في عام ٢٠١٠ ، عندما قالوا لنا " أفغانستان تبتسم من جديد لا تتركونا Don’t leave us





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :