ولد الشيخ محمد المنور الحديد في ضواحي الجويدة عام م1910 واكمل دراسته في مدارس السلط وكان من قدامى اعضاء مجلس النواب عام م1947 ، عن منطقة البلقاء ثم عن العاصمة واستمر نائباً وعيناً حتى عام م1983 أي نحو خمسة وثلاثين عاماً.

عرف عن الفقيد حبه لعمل الخير واصلاح ذات البين حيث كان من كبار قضاة العشائر وكان قادراً على حل القضايا العشائرية المستعصية وانتقل الى جوار ربه عام م1983 وقد اطلق اسم الفقيد رحمه الله على عدة مساجد في العاصمة ويعتبر من شيوخ قبائل الاردن المرموقين والذائعي الصيت بالخير والسمعة الحسنة وهوبرلماني مخضرم بدأ مشواره مع السلطة التشريعية حيث كان عضواً في اول مجلس في عهد المملكة الاردنية الهاشمية الذي انعقدت دورته في 20 ـ 10 ـ م1947 ثم واصل مشواره مع مجلس الامة حيث فاز في الانتخابات النيابية لدورات متعاقبة ، وكان يعتبر بحق من اهم المفاتيح النيابية ومن ابرز المخططين لها ومن أدرى المبرجين لسير المعارك النيابية لما له من مكانة.

وعرف بدوره في الخدمة العامة لوطنه ولأبناء شعبه وقطع عهداً من اجل تحقيق ذلك وكرس كل وقته للقضايا الوطنية الاساسية مثل الوحدة والتلاحم الاردني الفلسطيني وكان من اقطاب مؤتمر اريحا م1951 وكان من اكثر المتحمسين لوحدة الضفتين وكرس وقته لإصلاح ذات البين والخدمة العامة ابتغاء مرضاة الله وفوق كل هذا وذاك نذر نفسه للقضية الفلسطينية قضيتنا المركزية لم يكن في يوم من الايام منتسباً لحزب سياسي ولم يطرح الشعارات بل كان يتبع القول بالفعل بدون منة او كلل او طلب لجاه او غاية وفي كل حدث سياسي سواء في الاردن اوفي الوطن العربي تتأجج قوميته وينذر نفسه له طواعية ويتقدم الصفوف. وفي نكبة عام م1948 كانت له البصمات الواضحة في معاني الوطنية الحقة حيث هب لنجدة اخوانه الفلسطينيين ومساعدة الثوار بالسلاح وعقد الندوات وجمع التبرعات وقد استشهد عدد من ابناء عمومته ونالوا شرف الشهادة وعند هجرة الفلسطينيين من ديارهم استضافهم بجواره وما يزالون يسكنون في ارضه في مخيم الوحدات فأرض المخيم ما تزال ملكاً له واثناء العدوان الثلاثي على مصر قاد المظاهرات وحمل على الاكتاف وهتف لمصر وقائدها الراحل جمال عبدالناصر حتى ابواب السفارة المصرية وعندما وقعت الحرب العراقية الايرانية لبى النداء كعادته حيث كان اول من عقد الاجتماعات والندوات والمؤتمرات لدعم العراق الاشم وكان يؤمن بعقيدة هامة جداً في حياته هي ان الوطن للجميع واحترام الاديان وبني الانسان ولم يعرف للتعصب يوماً طريقاً في حياته سواء اكان التعصب عشائرياً او اقليمياً او طائفياً ولم تستهوه السلطة على الرغم من كونه نائبا وعضوا في مجلس الاعيان لمدة تزيد عن الاربعين عاماً ولم يطلب من خلالها شيئاً لذاته اوحتى لأبنائه خوفاً من ان تسجل عليه في يوم من الايام انه سعى لذلك.

يعتبر من رواد تشكيل الكتل الانتخابية وتاريخه مع الانتخابات النيابية يشهد له بالنزاهة وبإيثاره ومصداقيته مع زملائه اعضاء كتلته وقد توفي والده الشيخ منور وهوفتى في السادسة عشرة من عمره فتحمل المسؤولية صغيراً وقاد الربع وساد القبيلة بحنكة واقتدار ومحبة وهو كريم النفس معروف بالجود وكانت مضافته مشرعة الابواب على مدار الساعة.

وهو على دراية واسعة والمام تام بالقضاء العشائري ومارس هذا القضاء الا انه بطبعه وطيبته المتناهية وبسبب تكريسه جل اهتمامه ووقته لإصلاح ذات البين بين الناس ولرصيده من المحبة والمحبه عند الاخرين كان ميالا باستمرار الى حل القضايا وتسوية المشاكل وحتى المستعصية منها بالطرق الودية وبالمحبة فكان يخفف المسؤوليات والعبء عن الحكام الاداريين ويقلل القضايا والنزاعات المعروضة على المحاكم والامن وفي اواخر حياته وعندما كان طريح الفراش في المستشفى كان يغادر احياناً بسيارة الاسعاف ليحل اشكالاً وينهي نزاعاً ويصلح بين الناس ثم يعود الى سريره في المستشفى ليواصل العلاج وكانت له حظوة ومكانة خاصة وموقع محبة عند المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه حتى ان المغفور له الملك عبدالله بن الحسين قال له ذات مرة: "اذا وجدت بابي مغلقاً فأدخل علي من الشباك" ذاكم هو المرحوم العين محمد المنور الحديد ابوعفاش.

علاقة الشيخ محمد المنور الحديد بالأسرة الهاشمية

لقد بدأت هذه العلاقة عندما كان المرحوم محمد المنور طفلاً صغيراً حيث كان يرافق والده الى مضارب آل هاشم الغر الميامين وكان يلتقي بالملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين طيب الله ثراه في عمان حيث توسم بهذا الفتى الخير وأحبه كثيراً وكان ينصت كثيراً عند اجتماعه بشيوخ العشائر والأدباء وتعرف خلال زياراته المتكررة الى الملك طلال طيب الله ثراه وأصبح رفيقاً ملازماً له ومن أحب الناس الى قلبه.

وأثناء وجوده في القصر الملكي في عمان لزيارة الملك المؤسس طلب منه المغفور له الملك عبدالله الأول بن الحسين إحضار امرأة لتقوم بارضاع الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه فأحضر الشيخ محمد المنور الحديد - زوجة أخيه - الشيخ حمد منور الحديد وقامت هي ووالدته برعاية الملك الحسين بن طلال رحمه الله وأقامت فترة طويلة في الديوان الملكي العامر في عمان حتى ان الملك الحسين كان ينادي المرحوم والدي امام الجميع (بالخال العزيز) وكان يكن له المحبة والتقدير.

وعند وفاة والده الشيخ منور الحديد قام الملك المؤسس عبدالله الأول طيب الله ثراه بتعزية عشائر الحديد وكعادة الهاشميين يبادلون الوفاء بوفاء اكبر لانهم يهتمون برجالهم لانهم من نسل الاشراف اصحاب المجد الاول الذي انبثق من الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من الشيخ شاهر الحديد بان يقوم برعاية والدي محمد منور الحديد وبأن يصطحبه معه الى الديوان الملكي برفقة سمو الأمير طلال وبأن يعتني بتربيته والإشراف عليه الا ان والدي التمس من جلالة الملك عبد الله الأول طيب الله ثراه بان يبقى مع والدته وزوجات والده وإخوانه وأن يتولى رعايتهم بالرغم من صغر سنه وبالفعل ظل مع أهله وبنى بيتا مقابل بيت عمه الشيخ شاهر الحديد الذي أعجب بهذا الشاب وقام على أثرها بتزويجه الى اعز بناته المرحومة جميلة (أم أنور) شقيقي

ونحن البدو نقول بان الشخص الذي ترى فيه ملامح الزعامة والقيادة يقال عنه (فلان صقر) يعني انه صقر ومستقبله واعد.

أصدقاء وزملاء المرحوم الشيخ محمد منور الحديد

من أصدقاء وزملاء المرحوم والدي اذكر الشهيد دولة هزاع المجالي الذي كان يخاطب والدي قائلاً (يا خالي.. يا خالي) وكذلك عاكف الفايز ، وحمد بن جازي ويعقوب السلطي وكذلك صالح المجالي وصالح المعشر وأحمد اللوزي والشريف ناصر بن جميل وبهجت التلهوني واحمد الطراونة (ابوهشام) ومحمد نزال العرموطي ومحمود كريشان وسعود القاضي وماجد العدوان ونشأت المصري وحكمت المصري وسعيد المفتي ومحمد علي الجعبري وزعماء فلسطين وسلطان الأطرش.

وكانت تربط المرحوم الشيخ محمد منور الحديد علاقة خاصة من الأخوة والصداقة بالشيخ نزال العرموطي.

علاقته بعائلة الرفاعي

هذه العلاقة قديمة جداً فعندما تولى سمير الرفاعي منصبه في الديوان الملكي وقبل ذلك الوقت بكثير ، فالعلاقة قديمة جدا حيث أن والدي كان دائماً يذكر محاسن هذا الرجل ومواقفه الوطنية في خدمة الأردن قيادة وشعباً فكان يواصل الليل بالنهار ويعمل بصمت مع جلالة سيدنا الملك عبدالله الأول طيب الله ثراه وبعد ذلك تولى المسؤولية بأمانة وإخلاص ورافق جلالة سيدنا الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه وكان من أخلص الرجال فقد كرس وقته وجهده لخدمة الأردن قيادة وشعبا في أحلك الظروف التي مر بها الأردن بما فيها من مؤامرات ودسائس فكان بحق الرجل الذي لا يوصف في مواقفه في كافة الظروف الصعبة والذي لم تغره المناصب والمال ، ولو أراد لكان له مراده في ذلك ، لقد عاش كريماً ومات عزيزاً.

أما علاقته بدولة الأستاذ زيد الرفاعي ، فكان يحبه جداً ويقول بأنه مثل والده الكريم رجل دولة من الطراز الاول ومن عائلة كريمة وعائلة لها مكانه عند الله وهم أصحاب صيت وجاه عند البشر وما في اخلص منهم للهاشميين وهم مستعدون ان يقدموا أرواحهم فداء لهم.

انا عاشرت كل رؤساء الوزارات وكلهم زينين ورجال سيدنا وعلى العين والرأس. لكن (زيد الرفاعي) تربى وعاش مع أحفاد الرسول وتعلم منهم التسامح والمحبة وكظم الغيظ والسموفوق الجراح والترفع عن الإساءة ونسيانها عنده نظرة بعد وقراءة للمستقبل وهم ما تخلوا يوماً عن الأردن والهاشميين لأنه من أصل طيب ورجل دولة من الطراز الأول.

أما من ناحية علاقته بالعشائر التي حوله والذين كان يحبهم حباً جماً ولم يتأخر يوماً عن مشاهدتهم والالتقاء بهم مثل الشيخ سويلم الدبوبي وفالح الدبوبي وعيد الشوبكي وإخوانه والشيخ عيطان الرقاد ومنور احمد عبدالله واحمد عبدالهادي وآخرين .

وأذكر أنه في احد الأيام وأنا برفقته لزيارة الأقارب والشيوخ في سوق الحلال في القويسمة نتناول القهوة الصباحية عند ربعه وجماعته من عشيرة الدبايبة عندما اقترب شخص من عشيرة الدبايبة وما زال على قيد الحياة وقال وين محمد المنور فقال له نعم حاضر وقام الرجل وشتم والدي بألفاظ جارحة فقام أقاربه بالهجوم عليه الا أن والدي قام مسرعاً وقال اللي يتهجم على هذا الرجل والله عيني ما تشوفه اتركوه تعال عندي ليش تسب على والدي لي ما تسب علي شخصياً والدي ميت وما بستاهل المسبة فقال الرجل أنا ما سبيت عليك من زعل انا سبيت عليك لانك ما شربت القهوة عندي بالخشافية وتنعزم عند الدبايبة وانا مالي حصة بيك وأنا ارغب أعزمك مثل الرجال فقال له يا رجل ترى الغداء عندك بكره أنا وجميع من معي بالمجلس وانت واحد من عيالي والحق معك.

دور الشيخ محمد منور الحديد في بناء مخيم الوحدات

ان الأرض التي أقيم عليها مخيم الوحدات في عمان تعود ملكيتها لوالدي المرحوم الشيخ محمد منور الحديد فبعد أن وقعت نكبة أهلنا في فلسطين عام 1948 م كانت النية تتجه لأن يكون موقع المخيم في مكان اخر لكن والدي أصر على ان يكون المخيم في الوحدات وقدم أرضه لهذه الغاية وكان ذلك بناء على توجيهات وأوامر سيدنا الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين "طيب الله ثراه" فأصر على بقاء المخيم في موقعه وتحت إشرافه والعناية بهم وحل مشاكلهم وأوصى الملك المؤسس والدي قائلاً له (بأن إخوانكم الفلسطينيين هم أهلنا وهؤلاء هم أمانة عندك يا أبوعفاش) علماً بان المرحوم والدي لم يتقاض أجورا مالية مقابل إقامة مخيم الوحدات على الأرض التي هي ملك له

وقد قام والدي (رحمه الله) ببناء سبعة مساجد داخل العاصمة عمان وكذلك بنى مراكز الأيتام وساهم في دعم الجمعيات الخيرية من اخواننا المسيحيين وهذا يدل على حبه لجميع الأديان وإيمانه بأن العقيدة الإسلامية تبنى على المحبة والتسامح والأخوة بين جميع الأديان السماوية السمحة.

لقد تبرعت عشيرة الحديد ببناء الكنائس بشكل عام في عمان في جبل الاشرفية لايمانهم ان الدين لله والوطن للجميع.. كان يكره بشدة الألقاب.

وكان رحمه الله لا يعرف الحقد والحسد حليما ينام مرتاح البال وهو قنوع بسيط في حياته يحب العمل ويستيقظ من صلاة الفجر ويحترم مواعيده بالدقيقة.

واذكر ان احد الاقارب كان بدافع الغيرة والكيد الحسد ينتقده بالخفاء وعندما زاد عن حده قام اخوانه بردعه وتأديبه ، فقال اتركوه وشأنه افوض امري الى الله به.

قبل وفاته اجتمع بنا وقال اوصيكم بتقوى الله اولاً لقد تركت لكم سمعة طيبة وعطره لا تقدر بثمن وثروة مالية كبيرة تعبت كثيراً من اجلها.. ارجو ان تحافظوا على سمعتي أما الأموال فلا قيمة لها عندي انفقوها بتقوى الله .

رثاء

الحاج عبد اللطيف ابوشويمة يرثي اخاه ورفيق دربه الشيخ الفقيد المرحوم محمد منور الحديد بكلمة رثاء وقصيدة بدوية بمناسبة مرور أسبوع بعد وفاته ، وقد وجلت القلوب وذرفت العيون الدمع حزناً وألما بنبأ سمعته حين كنت ارقد في سريري أعاني من مرض اصابني ، جاء على لسان المذيع ينعى اعز اخوتي الشيخ محمد منور الحديد فنهضت مذعوراً وجلاً لم اتمالك نفسي من شدة ما اصابني من الحزن والالم ، واذا كان اخي ابوعفاش لا يحزن عليه ، ولا تذرف عليه الدموع ، فعلى من تسيل المآقي ، فرحمك الله يا أبا عفاش ، فلقد كنت مثالاً للخلق ، مثالاً للرجولة ، مثالاً للعزيمة ، رجلاً مقداماً لم تره يوماً عابساً غاضباً او متعذراً لتلبية الملهوف ولو كان على حساب راحتك او على حساب اعمالك الخاصة ، بل كنت كلك للناس وانا اجزم بأنه لايمكن ان يكون لك حقد في قلب كل من عرفك او كل من سمع عنك في اقصى المعمرة ، فرائحتك كالمسك تفوح على السنة البشرية السنة الفقراء ، السنة من ظلموا ورددت لهم مظلمتهم ، السنة من سعيت لهم بلم الشمل ولم يكن الصدع واصلاح ذات البين ، جميعهم يموتون وهم يقولون رحمك الله يا ابا عفاش ، واسكنك جناته ورحمك رحمة واسعة ونحن معهم فيما يقولون ، فلك جنات الخلد فاهنأ بجوار ربك.

في ذكرى وفاة المرحوم محمد منور الحديد "أبوعفاش"

"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا".

نعم رجال نذروا أنفسهم من اجل إعلاء كلمة الله والدفاع عن الحق والأرض والعرض وإصلاح ذات البين سموا فوق كل الجراح ونذروا أنفسهم لخدمة أهلهم ووطنهم وشعبهم دون منة أو كلل.

السنوات تمضي على فقدانك أيها الشيخ الجليل وتبقى الكلمات حبيسة الأقلام والورق حبيس الأدراج اذابتني الدموع واشعلتني الحسرات ويبقى ما في القلب في القلب.

يا رجلاً ولد في زمن عز فيه الرجال ومات في زمن عز فيه الرجال أمثالك في هذه الحياة قلما تجود بالأوفياء رجال زادهم الأيمان يدافعون عن المبادئ بأرواحهم ونذروا أنفسهم من اجل العمل الصالح والخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر حقاً تبقى الكلمات عاجزة عن التعبير عما يجول في أعماقي من أحزان دفينة.

نذكرك على الدوام يا ساكناً فينا ما رحلت عنا وما رحلنا عنك عزاؤنا ان ذكراك العطرة على كل لسان في عالمنا الذي نعيشه اليوم من ابناء شعبنا الطيب الأصيل

وعهداً بأننا سنحمل الراية خفاقة ونتقدم الصفوف نحوالمجد والرفعة والنهضة والتقدم وندافع عن الوطن والقيادة ولن نتوانى يوماً عن تلبية نداء الواجب.

سلام عليك ، سلام عليك ، سلام على الطيبين الطاهرين

حفيدتك المخلصة
المحامية نور مازن الحديد

_______________________________________________
وفي محاولة للعودة الى الجذور التي انحدر منها الشيخ محمد منور الحديد لا بد ان نتوقف عند العشيرة التي انحدر منها الشيخ ونعرض على البيئة التي نشأ بها وترعرع وكيف تأثر بمناقب والده الشيخ منور الحديد ...

عشيرة الحديد

يقول المحامي مازن أن الحديد هم من اولاد الوالي المعروف الشيخ رسلان الذي كان يتصف بتسلمه للسلطتين الروحية والعسكرية حيث له مقامات وكرامات روحية من جهة وقلاع عسكرية في مواقع متفرقة من جهة اخرى وكان قد نشأ نشأة بدوية تتصف بالرجولة والخشونة والصفاء ، وكان الحديد يلقبون بالعجام بسبب انحدارهم من هذا الشيخ الجليل ، وقد قدم الحديد من سوريا بداية القرن الثامن عشر الميلادي واستوطنوا مناطق ابوعلندا وما حولها.. يقولون ان جدهم فياد ابن رسلان له اربعة اولاد وهم: 1 - حديد ، جد فرع الحديد ، كان لحديد مفلح الذي عقب مقبل وسالم ومحمد يطلق عليهم جميعاً آل الحديد. 2 - منصور: وهو جد القهيويين ، والمنصور عقب ثلاثة اولاد هو: مسلم (جد القهيويين) ، طلاق ومطلق ويسمون بالمنصور. 3 - جرو: جد فرع الحنيطين وجدهم حنيطي. 4 - حميد: جد فرع زيره .

الشيخ منور الحديد

المرحوم الشيخ منور الحديد من مواليد 1875 وتوفي عام م1926 وتزوج من اربع نساء وهن عيدة بنت الشيخ عيسى القطارنة وهي القريبة الى قلبه والشيخة حفيظة المهيرات ورعدة بنت الشيخ نهار الرقاد وام بدر بنت الشيخ بشير الحويان وانجب منهن جميعاً 6 ابناء من الذكور وهم: محمد وحمد وبدر وخلف ونايف واحمد وقد توفي رحمه الله عام م1926 عن عمر يقارب الخمسة وخمسين عاماً بعد حياة حافلة بجليل الاعمال وقد اورث الشيخة من بعده الى ابنه محمد وكان رحمه الله بدوياً نقياً تقياً مواظباً من نعومة اظفاره على الصلاة وواجباته الدينية وكان قاضياً يفصل بالخصومات بدأ اتصالاته مع رجال الثورة العربية الكبرى قبل انطلاقها وكان يلتقي باحرار سوريا والحجاز وبدأت علاقته بالثورة العربية الكبرى والملك عبدالله المؤسس طيب الله ثراه عند ادائه فريضة الحجة عام 1910 وتعرف على الشريف حسين بن علي في مكة بواسطة شيخ مشايخ قبيلة عتيبة ونزل بضيافة الشريف حسين بن علي طيب الله ثراه الذي توسم فيه الخير والشجاعة والفروسية.

عرف عنه غض الطرف والتسامح والتقوى عمل بالتجارة بين سوريا والعراق وهنا لا بد من الاشارة الى ما ذكر عن تاريخ الاردن بقلم محمود سعد عبيدات "الى امير اللواء المتقاعد ميرزا وصفي بك بابلاغ الزعامات العشائرية في البلقاء فاجتمع مع سعيد المفتي وسلطان العدوان ومنور الحديد وبعض الوجهاء وتناقشوا بالامر وقرروا دعم يوسف العظمة بألف مقاتل من خيرة الفرسان يقودهم الشيخ منور الحديد وفعلاً اشتركت هذه القوات في مناطق نوى ، والشيخ مسكين ، وميسلون ، وغيرها من معارك الجهاد المشترك بين الشعبين الاردني والسوري اما عن غزوات الوهابيين (الخويين) عام م1922 والثاني م1924 فقد ذكر أن قائد الحملة (ابن نهير) نصب خيمته بالقرب من جنوب عمان حيث كان يأمل ان تأتيه بشائر النصر من طلائع قواته التي استمرت باختراقاتها حتى وصلت الى مشارف عمان بالرغم من مقاومة وشجاعة بني صخر وعشائر العجارمة الشجعان لهذا العدوان الشرس".

وهنا تصدى لها عشائر الحديد والبلقاء التي علمت بالغز وقبل ساعات واعدت العدة وحشدت فرسانها وكان من بين الفرسان الذين شاركوا في هذا القتال الشرس منور شتيوي الحديد وشاهر صايل الحديد والشيخ بشير ابولحوي من عشيرة الحويان والشيخ بخيت الرقاد من عشيرة الرقاد والشيخ عيسى القطارنة وجرح الشيخ نوري الحديد في منطقة ام الحيران قرب دار الإذاعة والتلفزيون وقد استشهد كل من الشيخ بخيت الرقاد والشيخ بشير الحويان.

قصة الشيخ منور الحديد مع الشيخ سلمان الهزيل شيخ مشايخ بئر السبع

احضر العثمانيون الشيخ سلمان الهزيل وتم اتهامه بأنه متعاون مع الانجليز وقبض عليه وسجن في مدينة السلط ، وكانت عقوبته الإعدام على ذلك ، واستعان الشيخ سلمان بشيوخ عشائر الأردن لفك أسره ولكن محاولاتهم باءت بالفشل وأخيرا أرسل قصيدة للشيخ منور الحديد يستنجد بها وهنا قام الشيخ منور الحديد بعدة محاولات ودية مع الأتراك الا أنهم رفضوا بشدة ، وهنا رحمه الله لجأ الى الحيلة لإنقاذ الشيخ سلمان الهزيل وتم الاتفاق معه على ان يخرجه من السجن وفي الطريق يولي هارباً الى بئر السبع ،

وقام بإعلام الأتراك بأن الشيخ سلمان رجل خطر وهناك محاولات لخطفه وتهريبه من السجن الليلة أو بعد غد ونصحهم بنقله الى سجن القسطل وسمع الأتراك النصيحة منه ، وفي الطريق عند منطقة الجبيهة طلب منور من الضابط التركي ان يقوموا بعمل سباق خيل بينه وبين الشيخ سلمان الهزيل وتحداه بذلك ، وتم السباق وفر الشيخ سلمان الهزيل بفرس منور الحديد الى فلسطين وتم إنقاذ حياته وبعد فترة ارجع الفرس ومعها عشرون جملاً محمله بخير فلسطين وما زال أولاده وأحفاده على اتصال مع عائلة الحديد ويثمنون هذا الموقف.


وللتعرف على الشيخ محمد منور الحديد ابو عفاش شاهدوا الفيديو :