على مائدة جلالة الملك .. د. باسم الكسواني
19-09-2010 04:11 PM
ترددت كثيراً قبل أن أقرر كتابة هذا المقال خاصة ان الكتابة الصريحة والنابعة من القلب والمعبرة عما يجول في الخاطر وبدون رتوش قد تكون غير محمودة العواقب ولكني حين ذهبت عميقاً في التحليل وجدت ان المنطق السليم يقتضي ان نكتب ما نعتقد انه الصواب خاصة ان دعوة جلالة الملك جاءت بعد البيان المعروف لمجلس النقباء والذي تضمن مطالبة للحكومة بطريقة أو أخرى ان تستقيل وان تريح وتستريح وشعرت ان الوطن بخير ورغم موقفي الواضح ولكني كنت مع ان تطالب الأحزاب باقالة الحكومة وليس النقابات كبيوت خبرة عريقة ومؤسسات مجتمع مدني لا يشق لها غبار، نعم لقد جاءت هذه الدعوة ليس كرد على البيان بل جاءت كمكرمة من ولي الأمر الى مؤسسة وطنية لها ما لها وعليها ما عليها فان كان هناك انجازات لهذه المؤسسات وهي كبيرة وكبيرة فهي نتاج جهد وعمل كبير ومتواصل للرجال الرجال من النقابيين وخاصة السابقين واما الاخفاق في بعض الجوانب فسببه الحكومة وتدخلاتها في انتخابات بعض النقابات حتى ان بعض الوزراء يتصلون ويعملون ليل نهار لاسقاط هذا النقيب وتنجيح ذاك وعلى أسس غير علمية أو مدروسة مما يؤدي الى تدني مستوى العمل النقابي، ما يهمني ان اللقاء على مائدة جلالة الملك كان حاراً وكان فيه روح الحوار الحقيقي لقد أعطى جلالة الملك للحكومة الرسالة التي يجب ان تلتقطها وهي ان الحوار لا يحوز ان ينقطع مع الاحزاب والنقابات وان الحكومة مسؤولة كل المسؤولية في حال انقطع الحوار وتوترت الأجواء ولا يوجد عاقل يرغب في التأزيم، لقد جاء هذا اللقاء ليسحب البساط من تحت أقدام بعض القوى والأفراد سواءً داخل الحكومة او خارجها من احزاب او نقابات لتوتير اجواء الوطن وتسميم لغة الحوار.
لم يكن في هذا اللقاء خطابات او كلمات بل كان هناك مصافحة وبدون تقبيل وشعرت بالاعتزاز حين قلت لقائد الوطن بكلمات عدة وفي اقل من نصف دقيقة يا سيدي نحن كأطباء بحاجة الى نظام خاص ومطالب اخرى سيقدمها الزميل النقيب في مذكرة خطية وشعرت بالرضا انني نقلت الرسالة دون اسهاب يضايق احداً ودون اختصار لا يؤدي الغرض ثم جاء دور النقيب والذي سلم جلالة الملك مذكرة خطية تنطق بمحتواها ثم كانت الاضافة النوعية حين تحدث جلالة الملك مع النقيب ودولة رئيس الوزراء حول تكلفة النظام الخاص والامكانات المتاحة وان لم يكن بالمقدور تنفيذ هذا الطلب خلال العام الحالي فيمكن ذلك خلال العام القادم لقد كان هذا الحديث الطيب بمثابة توجيهات للحكومة عليها الالتزام بها فتوجيهات ولي الأمر يجب ان تطاع وبكل ما تعنيه كلمة طاعة من معنى، وبذلك نعتبر كأطباء ان من حقنا الحصول على النظام الخاص مع بداية عام 2011 فكلام ولي الأمر هو قرار واجب التنفيذ وفي كل الاحوال.
أما بخصوص اللغة الكريمة لجلالة الملك بسؤاله الشيخ الجليل الاستاذ حمزة منصور عن احواله وصحته لدليل قاطع ان ولي الأمر قد وضع الحكومة امام منهاج يجب عليها ان تتبعه وهو الاهتمام بدقائق الامور وتفاصيل الأحداث وان تكون النظرة الانسانية والتفاعل الوطني الخلاق فوق الخلاف العابر او المنهجي، فنحن كنقابات نمارس العمل المهني والوطني وهذا ليس عيباً بل يسجل ايجابياً
للنقابات انها تعمل بالهم الوطني وموقف النقابات يقوي موقف الحكومة امام العدو وكذلك الاحزاب يجب ان تأخذ دورها وبكل ما تعنيه الكلمة ويجب على الحكومة ان تبحث عن الاسلوب السليم للتنمية الحقيقية والتواصل الدائم المدروس مع الاحزاب والنقابات دون حساب الربح في هذا الموقف والخسارة في ذاك الموقف، فالوطن اكبر من الحكومات واكبر من النقابات واكبر من الاحزاب، الوطن هو الذي يستحق ان نعمل جميعاً من اجله ومن اجل رفعته وعزته ومنعته فالحكومات تذهب وتجيء ولكن الوطن باق ورايته يجب ان تبقى خفاقة ونحميها جميعاً بصدورنا وقلوبنا.
لقد صلى الجميع صلاة المغرب جماعة ولم يكن هناك ترتيب للصف الاول فقد كان امين سر المحامين الاستاذ عبد الوهاب العجاوي على يمين قائد الوطن وكان ترتيب الصفوف عفوياً ولم يرتب بروتوكولياً وهذا بحد ذاته نقطة مضيئة يستحق منظمو هذا الافطار الملكي التقدير والشكر عليه فالصلاة لا تحتاج الى بروتوكولات او غيرها بل تحتاج الى خشوع وتسليم بأمر الله الواحد الأحد.
لقد كان هذا اللقاء درساً للحكومة وللأحزاب والنقابات في نفس الوقت، فالوطن يتسع لكل الآراء شريطة ان تنبع من القلب ومن مصلحة الوطن لقد كان هذا الافطار الملكي مميزاً وله وقع خاص ايجابي في نفوس كل من حضر هذا الافطار، وقبل أن أختم مقالي أقول ثوابتنا الوطنية والقومية والاسلامية واضحة ولا مساومة عليها فمقاومة التطبيع نهج ورسالة تخدم الوطن وأهله وتصلب من الموقف الرسمي الذي من واجبه ان يستفيد من هذا الرفض الشعبي الكبير والمنقطع النظير للتطبيع مع هذا العدو الغادر واللئيم.
وكذلك نؤمن ان براكيات سايكس وبيكو هي السبب فيما نحن فيه من خنوع وذل والقضية الفلسطينية هي محور الصراع العربي الاسلامي مع الصهاينة ولا يجوز ان نقبل ان يتحول الصراع الى صراع فلسطيني صهيوني فقط، فالقدس لكل العرب والمسلمين وفلسطين ارض وقف اسلامي لا يجوز التنازل عن ذرة رمل فيها، وأعتقد جازماً ان كل من تجري في عروقه الدماء العربية لن يبيع فلسطين وان كان اظهار الهوية الفلسطينية واجب امام العدو الصهيوني ولكن هذه الهوية ليس نقيضاً لأية هوية عربية، فالصراع هو صراع وجود بالنسبة لهذه الأمة وليس صراع حدود وابراز الهوية النضالية للشعب الفلسطيني لا يعني تعميق معاناته وغرز السكاكين في جناباته.
وأخيراً أقول طوبى للرجال الرجال الذين يصنعون التاريخ وطوبى لهذه الأمة التي تستحق الحياة وتستحق الانتصار على واقعها المر وعدوها اللدود.
وتحية اكبار لولي الأمر على هذه الدعوة الكريمة للنقابات والأحزاب، ونحن نقيس دوماً الأمور بخواتيمها وليس بمجرياتها على أهمية تلك المجريات.
والله غالب على أمره.
الدكتور باسم علي الكسواني
أمين سر نقابة الأطباء