facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




امستردام .. مدينة الأضداد


07-10-2010 07:38 PM

عمون - نمير الشريف - أركب الطائرة المتجهة الى مطار سخيبول الدولي في امستردم، تطغى صورتي كعربية مسلمة على كل الصور التي تحملها مدينة المياه، والزهور، وطواحين الهواء، بعد أن أصبحت حملة تشويه سمعة الاسلام ابرز معالمها. ارتسمت في مخيلتي نظرات الشك والريبة التي سيستقبلني بها مسؤولو الأمن في المطار، ونظراتهم المتشككة لي وهي تتفحصني بحثا عن قنبلة يدوية، او ربما حزام ناسف. خمس ساعات وهذه الهواجس طغت حتى على صور فناني المفضل فان كوخ ولوحاته من لوحة عباد الشمس الى تصويره المبدع للريف الفرنسي.

هبطت الطائرة بسلام، فبدأت احاور نفسي واقنعها بأهمية تلبية دعوة الخارجية الهولندية للإعلاميين العرب وإثبات الوجود الأردني كإعلام عربي أساسي، وأن هواجسي لا أساس لها من الصحة. وثبت صحة ذلك عندما استقبلني مسؤولو الامن بالابتسامات الترحيبية في ثالث أكبر مطار في أوروبا، فما أن ختم جواز السفر، حتى بدأت تمنيات هؤلاء الضباط لي بطيب الاقامة! صدمني هذا الاستقبال اللطيف، وأحسست بالالفة وسط مطار غريب عني، بعكس بعض المطارات العربية التي تشعرك بالغربة والدونية وسط فيض الاسئلة التي تنهال عليك من موظف الأمن الذي يشعرك بأنك مذنب حتى تثبت براءتك.

أصل الى أمستردام، كم قرأت عن هذه المدينة المليئة بالقنوات، مدينة لا تنام ابداً، صور المارة، وعربات الترام تحمل اناساً وتنزل أناساً، لا يعكر صفوها سوى النصائح والتحذيرات من الاصدقاء من أن امستردام عاصمة الابتذال والضياع، عاصمة المخدرات، والمنطقة الحمراء، حيث الدعارة والمخدرات مرخصتان، وهذه الصورة سرعان ما تبددت وسط مدينة طغى عليها تاريخها العريق، وفنها الاصيل ومتاحفها المتنوعة، والتقاء وتعايش الاعراق المختلفة.

إن امستردام هي التنظيم بعينه، بشوارعها، وشعبها، وسائط النقل فيها. ومن يجول فيها يدرك ان الأضداد هي السمة المميزة للمدينة، فتحضن امستردام قداسة الديانة المسيحية وتسمح للعلمانية في نفس الآن ان تحكم البلاد. تدخل منطقة الريد لايت لمن يبحث عن اللهو مع بائعات الهوى المرخصات، في حين يقودك الشارع إلى احدى اقدم كنائس هولندا وبالتالي يبدأ الشارع بالرذيلة وأدنى الرغبات وينتهي بقدسية وطهارة روحانية.

في احدى مقاهي امستردام صادفت بعض الفتيات المحجبات وهن هولنديات من اصل عربي، وقادني الفضول للتحدث معهن والتطرق لموضوع "الإسلاموفوبيا" المنتشر في اوروبا وهل التزامهن بالزي الشرعي يؤثرعليهن , وقد تعجّبت من الإجابة غير المتوقعة، فقد اجمعن ان اللباس هو عائق لهن في بلداهن الاصلية وان هويتهن الإسلامية تضيع فيها، أما في هولندا فإن ممارسة الإسلام هو حق يتباهين به ومصون بالقانون. ان تلك الفتيات فعلاً فخر للأمة الإسلامية وانعكاس رائع لروح الإسلام، استطعن ان ينصهرن في المجتمع الهولندي محافظات على اسلامهن، فإحداهن تدرس الهندسة الفضائية وأخرى تدرس القانون وكلاهما تتمنيان ان تدخلا التاريخ بإنجازاهما كمسلمتين هولنديتين! تشير دراسة معدة من قِبل المكتب المركزي للإحصاء (سيم) بأن 59% من الأتراك المتدينون يشعرون بالارتياح للعيش في هولندا مقابل 67% من المغاربة المتدينين.

اما بالنسبة للنقاش حول تصريحات النائب الهولندي خيرت فيلدرز المعادية للإسلام، فمن خلال النقاشات مع بعض السياسيين والمثقفين الهولنديين تبين لي ان مثل هذه التصريحات لا تُستقبل إلا بهزل من الأغلبية، وبأننا في الوطن العربي نعطي الموضوع اكبر من حجمه وبالتالي نرفع من شأن فيلدرز في الإعلام العربي. أما الجالية الإسلامية في هولندا فتتعامل مع مثل هذه التصريحات باستخفاف وعدم جدية، فكما يضمن القانون حرية التعبيرلأمثال فيلدرز يضمن ايضاً حرية مقاضاة اولئك حتى وإن كانوا نواباً او اعياناً او حتى وزراء.

على الرغم من ان الدراسات تشير أن 68% من الأعمال ضد القانون (جنح عامة، سرقة، عنف،تخريب وامن عام) في امستردام يقوم بها مشاغبون من أصول مغربية وتركية –ما يفسر نفور بعض السكان الهولنديين من ذوي الأصول العربية- إلا ان هنالك بعض العرب الذين استطاعوا ان يتغلبوا على ظروفهم القاسية وقدّموا نماذج جيدة لمن يُسّخر طاقته لخدمة المجتمع الذي يعيش فيه، ومن ضمن هذه الفئة –دون الحصر- الهولندي سعيد بن سلّام، وهو من أصل مغربي ويقطن في حي كان يُعرف بكره أهله للمسلمين من الأصول العربية. لم يقم سعيد برمي القمامة امام باب جاره رداً "لكرامته" او راح يشتمه بأنه عنصري ويلعن اليوم الذي آتى به إلى هولندا، بل أسس سعيد في نفس الحي جمعية خيرية بإسم connect Actief تُعنى بجمع اللوازم الطبية القديمة أو التالفة من العكاز والكراسي المتحركة والأطراف الإصطناعية من أهالي الحي، بحيث يقوم بمساندة بعض من أهالي الحي بتصليح هذه الأدوات وإرسالها إلى الدول الفقيرة أو المنكوبة وآخرها هايتيي. في غضون بضعة أشهر تم انتخاب سعيد المواطن الأفضل في امستردام، واليوم يرحب أهالي هذا الحي بأي قاطن جديد ومن اي اصول يكون لعله يكون خيراً لمجتمعه كما كان سعيد.

قد يتهمني البعض بالإنحياز، إلا أن غيرتي على عروبتي وديني هما ما دفعاني –ولأول مرة- للنظر بموضوعية تامة لما ينقصنا في بلادنا العربية ونحن أهل الكتاب والكرم والأخلاق الموروثة في عاداتنا وديننا السمح، فالأولى لنا ان نكون المتّقدمين على الحضارات كلها وخير مثال يُقتدى به.

لنحوّل حقدنا وانتقاداتنا للغرب إلى فهم ودراسة لإيجابياتهم ومحاولة لتطبيق ما عندهم من معرفة ونظام وأخلاق حسنة للرفع من شأن امتنا العربية. نقلا عن الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :