من يتابع بعمق منهجية عمل بيت القرار الاسرائيلي يعلم حجم الكهن السياسي الذي تقوم عليه، وقد يدرك شكل الوسائل المتغيرة التي يستخدمها هذا البيت بعمليات التخطيط ووسائل التنفيذ.

وقد يطلع ايضا على واسع قدرة هذا البيت وعميق نفوذه داخل المجتمع الاسرائيلي بما يجعله قادر للاستثمار حتى بالمتغير الظرفي من خلال عمليات التوظيف التي يتم استخدامها لتكون في خدمة السياسات العامة لبرنامجه الذي يقوم اولا على التهويد والأسرلة ويعمل في المقام الثاني على التطبيع مع المحتوى العربي ويقوم بنهاية المطاف على اعتبار نصرة فلسطين عمل متطرف ومنبوذ اقليميا ودوليا وهو مضمون برنامج عمل بيت القرار في تل ابيب، كما يجمع على ذلك اغلب المتابعين .

وحتى يتسنى للبيت الامني ذلك، فإنه يقوم بتوظيف المناخات الظرفية لتكون في خدمتة برنامج عمله الذاتي واستغلال كل الادوات الحاضرة من اجل تنفيذ جملة استراتيجية ينشدها من على خطة عملية بحته لا تراعي كرامة لاحد ولا تأبه بحالة انسان، وهذا ما تبينه جملة التعاطي السياسي القائمة في المشهد العام ويمكن قراءتها فيها، عندما قامت باستغلال توق نتياهو للنجاة من شبح القضايا التي تلاحقه ودوافع نجاته من السجن بتحميله برنامج عمل مائير كاهانا، فيكون بذلك كمن يحمل اسفارا لا يستطيع الانفكاك منها وليس بمقدوره سوى السير فيها حتى لو كانت لا تشكل سوى مجسا سياسيا سينتهي وينهيه وحكومته عند الوصول الى نقطة الاستهداف المحددة عند بيت القرار بدقة، كل هذا يتم استخدامه من واقع استغلال حكومة نتياهو / كاهانا وفق جملة تقوم على التطرف من اجل دفع استراتيجية العمل خطوة للامام، وهو ما جعل الحكومة الاسرائيلية (يشكلها نتنياهو بمضمون كاهانا ) وتبينها تركيبته القائمة على العداء والعدوانية .

صحيح ان الزعيم نتياهو هو رئيس الحكومة الاسرائيلية لكن ما هو صحيح ايضا ان نهج هذه الحكومة يقوم عليه برنامج مائير كاهانا الذي يعتبر رمز العنصرية الدولية ونهج غولدشتان قاتل الاطفال المنبوذ انسانيا وهو النهج الذي يعتبر عنوان التطرف والغلو المحارب دوليا والمناهض حتى امريكيا لكنه هو ذات النهج الذي تحمله الحكومة الاسرائيلية الحالية والذي بات منبوذا عالميا وغير مقبول حتى دبلوماسيا على الرغم من وجود ايلي كوهين وزير الاستخبارات السابق على رأس سياستها الخارجية، لكن طاقمها الوزاري يؤكد ان هذه الحكومة هي حكومة عدوان، فهي عسكرية الطابع وامنية المضمون وعقائدية النهج واثنية بالتكوين والمحتوى، الأمر الذي جعلها تحمل علامات استفهام كبيرة وبرنامج عمل واسع متعدد الجبهات، وهذا ما يبينه برنامج العمل الذي تقف عليه حكومة التطرف والعدوان التي اصبحت بقيادة اتمار بن غفير وزير الامن الداخلي وهو الذي بات بحكم موقعه مسؤول عن حرس الحدود وامن الضفة الغربية، واما عنوان الغلو فيشكله سمارتيش الذي بدوره حصل بعد مفاوضات عميقة مع نتياهو على وزارة المالية كما حصل حزبه ايضا على وزير في وزارة الدفاع يهتم بالمستوطنات والادارة المدنية كما حصل العنصر الاخر في ائتلاف التطرف افي ماعوز رئيس حزب ناعوم على ملف المناهج التعليمية في اسرائيل لتكتمل الدائرة التي يراد ترسيمها ويسمي الفريق التنفيذي لهذه المهمة التي يبدوا انها ستكون قصيرة وعنيفة.

وأما المهمة المراد تنفيذها فهي محصورة بتنفيذ برنامج يهودية الدولة والتضيق على العرب والتعاطي معهم باعتبارهم عرق دخيل في اسرائيل وتغير هوية المسجد الاقصى وضم الضفة الغربية، وهذا ما بينه الكنيست عندما بدأ بإقرار قانون الابرتهايد بقراءته الاولى الذي يستهدف شرعنة/ أسرلة الضفة الغربية والقيام بتقليص موازنات الادارة المحلية للمدن العربية بالداخل وقيام بن غفير بتدنيس المسجد الاقصى والاستعداد الاجتياح الضفة الغربية من قبل قطاع المستوطين اولاد كاهانا وهو مشهد معتم ينذر بدخول الجميع بحرب اهلية لن يسلم منها احد، الامر الذي زعيم حزب الجيش غانتس يحذر من قرب وقوع حرب اهلية ويتهم نتنياهو وحكومته بالتحريض عليها وكما دعى عشرات الالاف الاسرائيلين التظاهر يوميا في تل ابيت من اجل تغيير النهج واسقاط الحكومة .

وعلى الرغم من حجم المجابهة العالمية لهذه الحكومة التي وصل لحد ادخال الاحتلال الاسرائيلي للمحكمة لاهاي القضائية الا ان حكومة كاهانا مازالت ماضية بغييها واطماعها على الرغم طوق النجاة الذي قامت الادارة الامريكية برميه لها عبر "النقب 2" الا ان تقديرات الوزير الامريكي بلينكن كانت بغير مكانها، وهو ما ادى لاحراج جميع المشاركين في هذا المؤتمر.

فإذا كانت (أسرلة الضفة الغربية) هي عنوان المرحلة والعالم ينبذ ذلك ويدينه، فعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته في حفظ امن الضفة الغربية ومن واقع الاصغاء لصوت الملك عبدالله الثاني الذي كان اول المنادين بضرورة التصدي لهذا النهج العدواني فإن دخول قوات دولية للضفة الغربية سيجنب المنطقة شبح حرب ودوامة عنف ليست بحاجة اليها ولا ضير ان تكون هذه القوات بقيادة اردنية /امريكية .

إن التطرف لن يؤدي الا لمزيد من التطرف والغلو لن يأتي الا بمثله، لذا كان النهج الاردني احق ان يتبع والاردن كان اول من اشتبك بعناوين قانونية عندما انتصر ضد اسرائيل بمعركة لاهاي القضائية، كما انتصر بالمعركة الدبلوماسية التي عملت على تثبيت راية العروبة الهاشمية فوق المقدسات المقدسية، والاردن يعتبر محط تقدير آمن قادر على حفظ مناخات الامن والاستقرار في الضفة الغربية للحيلولة دون اسرلتها .

إن عمان تبدو الأقدر على قيادة المشهد العام اذا ما تم ترسيم ذلك من خلال مؤتمر يعقد لهذه الغاية، وليجسد العالم هيبته من
اجل مواجهة التطرف والغلو بكل اشكاله وألوانه وينتصر للحق الفلسطيني في مواجهة سوط القوة، فالعالم مطالب بالدفاع عن هيبته وعن قيمه وعن محتواه الانساني.