facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاستحقاق الذاتي والتحكم بالذات


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
16-01-2023 12:16 PM

الاستحقاق الذاتي هو شعور عميق متأصل للفرد بأنه يستحق الافضل في حياته سواء في الامور المادية او الروحية وبأنه قادر على العمل لذلك، الجزء الثاني مهم جدا فلا يكفي الشعور بالاستحقاق ولكن الوعي والادراك بأن تحقيق ذلك يحتاج العمل والانضباط وتطوير القدرات وبأن هنالك سقفا للطموح والاستحقاق تقرره قدرات الفرد ومواهبة، لذلك تجد أن الكثيرين يعيشون شعورا عارما بالفرح بتحقيق انجاز شخصي بسيط في نظر غيرهم، ولكن حقيقة الأمر أن هؤلاء واعين لحجم قدراتهم وسقف مطالبهم في الحياة بما يحقق لهم شعورا اعلى بالرضى.

أرى أن نقسم الاستحقاق الذاتي لثلاث مستويات؛ الاول ما يطابق ما ذكرت و هذه هي الحالة الطبيعية، والثاني هو ارتفاع الشعور بالاستحقاق في غياب القدرات والمواهب والرغبة للعمل الجاد لذلك، وهذا برأيي وهم تضخم الذات او الاستحقاق الذاتي الزائف فهو عادة مبني على خلفية واهية مثل اللون، المنطقة او العشيرة او البلد التي ينحدر منها ذلك الفرد او غير ذلك من أوهام بعيدة عن القدرات و المواهب والعمل الجاد وسقف متناسب مع ما سبق.

وهم الاستحقاق أو وهم تضخم الذات منتشر بكثرة ليس فقط على مستوى الفرد بل على مستوى تجمعات ومجتمعات، وبرأيي انه احد مشاكل المجتمعات الشرقية حيث ان منح امتيازات لهذه الفئة سيدخلهم في متلازمة (دايننغ كروغر -احتقار اصحاب القدرات والمواهب) في حين ان ابعادهم يدخلهم في مرحلة مزمنة من التذمر والتشاؤم والمطالبات اللامتناهية.

أما النوع الثالث فهو انخفاض الشعور بالاستحقاق الذاتي عند من يملكون القدرات والمواهب والعمل الجاد والانجاز وهذا عادة من نصيب المتميزين الذين يتعودون على الانجاز بحيث يتأصل عندهم شعور ان ما يقومون به شيء عادي يمكن للجميع القيام به لذلك يحرجون من التقدير لشعورهم بأنه تقدير غير مستحق برغم تميزهم، لذلك نرى الثقة الامتناهية عند فئة وهم الاستحقاق يقابلها فقدان الثقة او انخفاضها عند المتميزيين والموهوبين والناجحين.

لاستكمال الموضوع لا بد أن اذكر ان "السيروتونين" مرتبط بشكل وثيق بالشعور بالثقة والاستحقاق وبتأثير متبادل، بمعنى ان الانجاز و النجاح يرفع "السيروتونين" في حين ان ارتفاع "السيروتونين" بشكل عام يرفع الشعور بالثقة و الاستحقاق.

موضوع آخر لا بد من طرقه قبل استكمال السلسلة وهو مفهوم العواطف والسلوك واعادة البرمجة الدماغية لتحسين الانضباط العاطفي والشعور بالرضا وهو مرحلة ما بعد السعادة.

إن الشعور بالسعادة هو لحظي او قصير الأمد لانه ناتج عن ارتفاع حاد في "السيروتونين و الاندورفين و الاوكسيتوسين" وعادة ما يسبقة ارتفاع "الدوبامين" الذي يولد الرغبة في البحث عن المتعة والتحدي، لذلك فإن البحث عن المتعة والسعادة وعيشها كحالة هي اكثر اهمية من الشعور بالسعادة التي يتبعها خواء وفراغ داخلي نتيجة التراجع الحاد في مستوى "الدوبامين" (happiness versus pursuit of happiness).

العواطف بشكل عام هي شعور داخلي على مستوى العقل نتيجة تفعيل مسارات كيميائية معينه تظهر على الملامح وتؤدي الى سلوك خارجي ويعتبر الخوف هو اقدم عاطفة شكلها الانسان لضرورتها للبقاء والعيش، لذلك نجد ان الميل للخوف والتوتر والغضب اسهل للاتقان لوجود الروابط العصبية المناسبة، في حين ان تطوير الانسان للمتعة والسعادة أتى متاخرا وارتبط بالأمن والكفاية في الطعام و الشراب، من هنا افضل تقسيم استجابة العقل الباطن لمسارين الاول هو "الادرينالين-كورتيزول" وهو مرتبط بالأمن والنجاة والبقاء و الاستعداد للقتال او الهرب، في حين ان المسار الثاني "الدوبامين-اندورفين-سيروتونين-اوكسيتوسين" مهيأ للاستمتاع والرضا والابداع و الانجاز ، نلاحظ ذلك ايضا في "هرم ماسلو" فتجد المستويات الاولى في قاعدة الهرم مرتبطة بالامن والطعام والشراب يليها مستويات المسار الثاني بالتواصل الاجتماعي والاستمتاع بالحياة لتصل بعد ذلك لمستويات تحقيق الذات والتي تحتاج للزهد بالماديات التي لا نملك تغييرها والتحكم بمسارها (عكس ما يعتقد الكثيرين) الى التحكم بالذات وردات الفعل والقبول بالاقدار والتي هي اساس الفلسفة الرواقية التي سادت في مرحلة ما في ثقافة الاغريق.

ألخص واقول ان العواطف والقناعات والسعادة والتعاسة والبخل والكرم والرضا والشقاء ..الخ، هي حالات مرتبطة بتوازن كيميائي داخل الدماغ ويتحكم بتلك البرمجة جزء خلقي موروث جينيا غير قابل للتعديل وجزء مكتسب من البيئة قابل للتأثير واعادة البرمجة للتحسين او التغير والاساس في اعادة البرمجة هي الاعادة الواعية المدركة وليس اللفظية كما يتم تعميمه، فالبرمجة تمت في مرحلة الطفولة المبكرة بآلية اقرب للتنويم المغناطيسي واعادة البرمجة تحتاج لرغبة جدية وعملية واعية مدركة من التدريب والاعادة لتشكيل تشابكات عصبية بتوازن كيميائي مختلف، لكنه بالتأكيد ممكن.

كذلك ألخص وأقول إن مسألة الاستحقاق الذاتي مختلف عما يروج لها حاليا في برامج التواصل بأن كل فرد هو مستحق لمجرد وجوده في هذا الكون، بل هي عملية مبنية على العمل والتطوير ومعرفة القدرات والمواهب والسقف المناسب لها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :