شرح حديث (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)
18-01-2023 11:50 AM
عمون - شرح حديث (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)
ورد الحديث الشريف من عدة طرق وأصحها، عن أبي يعلى شداد بن أوس -رضي الله-، قال: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- قالَ: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ).
إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ
يخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- أن الإحسان يكون في كل شيء، وهذا يفيد العموم بكل الأمور ولا يختص بأمر دون غيره، والله -عز وجل- كتبه؛ أي شرَّعه وأوجبه، وكتب من قُبّيْل الكتابة الدينية الشرعية، التي تفيد الوجوب، مثل قوله -تعالى-: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى)، ويُبين الحديث كيف يكون الإحسان في القتل والذبح.
والحديث ينص على وجوب الإحسان في كل الأعمال، كما أمر الله -سبحانه- في قوله: (أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وقد يكون الإحسان واجباً، كالإحسان إلى الوالدين، وفعل الطاعات على أكمل وجه، والابتعاد عن المُحرمات.
وقد يكون الإحسان تطوعاً، ومثال ذلك فعل المستحبات من عبادات، أو صدقات، وحسن معاملة الناس ومعاشرتهم بالمعروف، والرفق بالحيوان.
فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ
ويكون الإحسان مع الحيوان عند الذبح، وذلك بوجوب إزهاق نفسه بسرعة، وعدم تعذيه، لأن في ذلك إيلام له، كما لا يُمثل بالحيوان، ولا يُحرق بالنار، وقد قيل بأن أسرع وأسهل طريقة لقتل الآدمي، هي ضربة السيف في العنق، قال -تعالى-: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ)وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (ولا تُمثِّلوا، ولا تقتُلوا وليدًا).
وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ
الإحسان إلى الذبيحة عند ذبحها يكون بأن يرفق بها، ولايصرعها بغتة، ولا يجرُّها من مكان إلى آخر، ويوجها باتجاه القبلة، ولا يعذبها قبل ذبحها، وأن يزهق روحها بسرعة، بقطع الحلقوم والودجين، ويتركها حتى تبرد.
وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ
ومن الإحسان أيضاً إلى الذبيحة عند ذبحها أن يريحها، ويعرض عليها الماء قبل الذبح، وأن يكون الذبح بآلة حادة، ويقطع مكان الذبح بسرعة دون تعذيبها، أوإزهاق لروحها ببطء، قال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا ذبَح أحدُكُم فليُجْهِزْ)،ويُكره أن يحد سكِّينه والبهيمة تنظر إليه، ويُكره أن يذبحها أمام ذبيحة أخرى تنظر إليها.
ومما جاء في السنة، أنَّ رجلًا أضجَع شاةً وهو يحُدُّ شِفرتَه فقال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (أُتريدُ أن تُميتَها موْتتَيْن هلَّا أحدَدْتَ شِفرتَك قبل أن تُضجِعَها).
لذا ينبغي للإنسان أن يتفقد آلة الذبح، والتأكد من أنها تذبح بسهولة، ويحصل بها المطلوب، ومعنى يُحد شفرته؛ أي يجريها على الحديدة التي تجعلها حادة، وتمضي عند الذبح، فلا يتعذب بها الحيوان
الدروس والعِبر المستفادة من الحديث الشريف
نستنتج من الحديث الشريف، بعض الأحكام الشرعية، والفوائد العديدة في حياة الإنسان، ينبغي الانتباه لها، والعمل بها، ومنها ما يأتي:
إن الدين الإسلامي حث على الرحمة والرفق بالحيوان منذ زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- وسبق بذلك جمعيات الرفق بالحيوان.
تحريم التمثيل بالحيوان أوالآدمي بعد القتل، وتشويه جثته، وحرقه.
النهي عن تعذيب الحيوان عند الذبح، واتباع وآداب معينة عند ذبحه.
الأمر بالإحسان في كل شيء، ويستدل على ذلك بورود لفظ "كتب" الذي يفيد الوجوب.