عمون -إن العلماء لهم دور كبير في خدمة المجتمع ونهضته، وقد منحهم الله مكانة فريدة في الدنيا والآخرة، وذكرت القرآن الكريم والسنة النبوية عدة أحاديث تتحدث عن فضل العلماء. فيما يلي بعض الأحاديث التي تناولت فضل العلماء:

الحديث الأول: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم.
روى أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"، وأضاف النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير". في هذا الحديث، يؤكد النبي على فضل ومنزلة العلماء في المجتمع، حيث يُبين أن فضل العالم يتجاوز فضل العابد، نظرًا لأنفعية العالم المتعددة في النفع العام، بينما يقتصر نفع العابد على نفسه فقط. ويشير النبي في هذا الحديث إلى أن الله والملائكة وسائر خلق الله يصلون على العالم الذي يعلم الناس الخير، مما يعكس تأثير العلماء الإيجابي على المجتمع ودورهم الهام في تعزيزه وتقويته.

الحديث الثاني: مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم.
روى أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكانت منها نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً. فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع به رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به"، يذكر النبي في هذا الحديث فضل العلماء الذين يتعلمون ويعملون بعلمهم ويعلمونه للآخرين. فهم مثل الأرض الخصبة النقية التي تقبل الماء وتنبت النباتات الخضراء، ويستفيد منها الكائنات الحية. وبنفس الطريقة، يستفيد الناس من العلماء الذين يتعلمون ويعملون بما يعلمونه، وبذلك يكونون فائدة وينعم الله بهم على الناس.

الحديث الثالث: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا.
روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه. غير أن حديث أبي أسامة ليس فيه ذكر التيسير على المعسر". يذكر النبي في هذا الحديث فضل العلماء وخيرهم، ويبين أهمية طلب العلم، وأنه سبب للدخول إلى الجنة. يشير

النبي في هذا الحديث إلى أن الله يسهل طريق الجنة لمن يسعى في طلب العلم. كما يشير إلى أن عندما يجتمع قوم في بيت من بيوت الله لتلاوة كتاب الله ودراسته وتبادل المعرفة، ينزل عليهم السكينة وتغشى رحمتهم وتحفهم الملائكة، ويُذكر الله بهم عند الذين هم بجواره. ومن يبطئ في عمله ليسرع به نسبه، ولكن الحديث لا يشير إلى تيسير الأمور على المعسر.

الحديث الرابع: إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد.
روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا". يوضح هذا الحديث فضل وأهمية العلماء في المجتمع، وأن انقراضهم يؤدي إلى ظهور قادة جهال يجيبون عن الأسئلة بدون علم، وبذلك يضلون ويضلون الناس. يُعكِّس الحديث أهمية العلماء في الإرشاد وتبيان الحق وتجنب الخطأ.

هذه الأحاديث تشير جميعها إلى فضل العلماء وأهميتهم في المجتمع. يُشجَّع فيها طلب العلم والعمل بما يتعلم، وتأكيد أن الله يكرم ويحمي العلماء الذين يسعون في طلب المعرفة ونشرها. كما تنبه إلى خطورة انقراض العلماء وظهور قادة جاهلين، مما يؤدي إلى الضلال والتضليل. لذا، يجب تقدير العلماء ودعمهم في خدمة المجتمع ورفعة الأمة.