facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"جُل" رأس المال الأردني .. بخيل على الشأن العام


سمير الحباشنة
06-02-2023 04:48 PM

منذ القدم يتغنى العرب بالكرم، لكنني مع الأسف لا أرى بالمجمل لهذه المقولة، اشتقاقها الأردني!
*****

كنت في أواسط تسعينيات القرن الماضي، بزيارة إلى الدنمارك، حيث زرت أحد المصانع الكبرى لمشتقات الحديد..

* يعمل في المصنع حوالي 7000 عامل، وله فرعين أخرين واحد في فرنسا والثاني في كندا، عدد من العمال مماثل تقريباً ما هو في الدنمارك، وحين رحل المنشئ لهذه الصناعة العملاقة وفُتحت وصيته وُجد بها ما يلي:

- أن يتحول 40% من مُلكية المصانع للعمال.

- أن تخصص 40% نحو الأعمال الخيرية والبيئية داخل الدنمارك وخارجها

- على ان يتبقى 20% فقط للورثة.

أسوق هذا المثل المغرق في الإنتماء والإنسانية وهو بالمناسبة ليس نادراً بالغرب بل هو سلوك متبع لدى الكثير من أصحاب الثروات.
*****

وحين أقارن ذلك مع الأغلبية من أغنياء بلادنا الذين وفر لهم الوطن كل معاني الاستقرار والتسهيلات، فراكموا من صلب هذا البلد ثروات كبيرة، هذا دون أن يقدموا بطاقة شكر للوطن، على شكل جزء من ثرواتهم لصالح الشأن العام بأشكاله المختلفة.
*****

إن الكثير من "أبنائنا" الذين حققوا ثرواتهم داخل البلاد، يكتنزون المال وأغلبه يودع في مصارف خارج البلاد! او ينفقونه على أشكل من التباهي والفشخرة الاجتماعية الفارغة. وبالمقابل الكثير من مواطنيهم في البادية والمخيم والريف والمدن يشكون شظف العيش وانعدام المساكن، ويصنفون ضمن المعدلات الدولية في خانة الناس الأكثر فقراً.
*****

إنها ثروات تتراكم، في مجتمع يعاني 1.04 مليون من أطفاله الجوع دون ان يتحصلون على وجبة غذاء كافية للنمو والقدرة على الاستيعاب والتعلم. وإن 32% منهم يعانون من فقر الدم المزمن. حيث يقول برنامج الغذاء العالمي "أن 57% من الأسر الأردنية تعاني من انعدام الامن الغذائي او معرضه له". خلاف الآلاف الآلاف من الأردنيين الذين يسكنون في خيم المهترئة وليس لهم إلا رحمة ربهم!.
*****

أورد الكاتب علاء أبو زينة في مقاله في جريدة الغد بتاريخ 2/1/2023 ما ورد في تقرير منظمة "أوكسفام" المنشور بداية هذا العام والذي يبين أن :

1) 1% من الأردنيين قد راكموا ثروة خلال الفترة بين عامي 2021-2022 تقدر بستة أضعاف ثروة ال 50% من الأردنيين الأكثر فقرا !.

2) وأن 55 فرداً اردنياً فقط، يملك كل منهم بالحد الأدنى 50 مليون دولار، ثروة تقدر بمجموعيها 14 مليار دولار، تعادل أربعة أضعاف ونصف الثروة التي يمتلكها نصف الأردنيين!.

وأضيفُ وللمقارنة المؤلمة بأن اغلب الاردنيين يتحصلون على حد ادنى للأجور 260 دينارا، وهو نصف قيمة خط الفقر المطلق للأسرة الاردنية والبالغ 480 دينارا شهرياً!.

أي فحش مأساوي هذا الذي نعيش به ؟!

وأي منطق ديني أو أخلاقي أو إنساني يقبل بهذا التمايز بين أبناء شعبٍ واحد؟!
******

والغريب أن هؤلاء الموسرين غير معروفين في المجتمع، فقلة منهم تقدم دعما للفقراء أو للمستشفيات أو للجامعات أو للطلبة المتفوقين أو لأي شكل من أشكال العمل الإنساني. فهم يكتنزون المال ولا نسمع بأسمائهم إلا حين ينتقلون إلى الدار الآخرة، فتمتلئ الصحف بنعيهم وكأنهم قادة أو أبطال أو شهداء، مع أنهم لم يكونوا إلا ماكينات شرهة تجمع المال وتكتنزه وتودعه في مصارف خارج البلاد.
*******

وعليه وللإنصاف لا بد أن أستثني الكثير من أبنائنا المحترمين بما فيهم الذين جمعوا ثروات في المهجر وعادوا بها للأردن وأقاموا عشرات المشاريع الصناعية والسياحية والتعليمية والزراعية، فوفروا عشرات آلاف من الوظائف. فالاستثمار يُولد فرص العمل، وفرص العمل تدحر الفقر وتُحسن المستوى المعيشي للمجتمع. أي ان المطلوب فقط من أصحاب المال ان يوظفوا أموالهم بالإستثمار داخل البلد.
*****

وبعد/ إن البلاد اليوم بأسوأ حال، والبطالة بأعلى مستوياتها، والفقر ضارب أطنابه بطول البلاد وعرضها، وأغلب المواطنين لا يجدون القوت المناسب ولا السكن المناسب وتزرق ابدان اطفالهم من البرد القارص.

والغريب اننا نبحث عن الاستثمار الخارجي مع ان تلك الأموال الأردنية الطائلة المكتنزة لو خرجت من مخابئها لغيرت الحال لحالٍ أفضل.

- مطلوب اجراءات من نوع خاص بتحفيز المال الوطني لينخرط في عجلة الاقتصاد ليصبح مالا منتجا.

- مطلوب ان يعاد النظر بالضرائب كسبيل لاعادة توزيع الثروة وعدم تركزها بهذا الشكل البشع حتى تستطيع الدولة ان تستجيب الى متطلبات مواطنيها الأساسية والتميز ضريبياً لصالح رأس المال الإستثماري العامل داخل البلاد وبين رأس المال المكتنز.
*****

وبعد / أذّكر بالآية الكريمة "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ" صدق الله العظيم/ سورة التوبة.

وأن الإنفاق في سبيل الله هو خدمة المعوزين والمحتاجين والإنفاق على شؤون العامة على اختلافها.

والله ومصلحة الأردن من وراء القصد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :