القاضي علي مسمار وسيادة العدالة .. والرجال مواقف
د.خالد يوسف الزعبي
13-02-2023 12:07 PM
ولد المرحوم في مدينة السلط وانهى دراسته في مدرسة السلط عام 1926، والتحق بجامعة دمشق كلية الحقوق وتخرج عام 1930. وكان واحداً من أبناء الأردن الذي انهى دراسته الجامعية في بداية نشأة الامارة.
عين القاضي علي مسمار مدعيا عاما وقاضيا في وزارة والعدل وتنقل في المحاكم في المحافظات عمان اربد معان الطفيلة..
وللرجال مواقف تذكر.. كان علي مسمار صاحب موقفاً جريئاً ولايحب الظلم. فقد تقدم بشكوة ذات مرة الي الملك عبدالله الاول في نهاية الأربعينيات ضد ناظر وزير العدلية جراء الظلم الذي وقع عليه بسبب التنقلات المتتالية وعدم ترفيعه مع زملائه في الدرجة ضد وزير العدلية في ذلك الوقت مما اثر على عمله في القضاء وترك غصةٍ وحقدٍ ضد التمييز بين القضاة..
وأثناء شرح القاضي علي مسمار للملك عبدالله الاول عن الظلم إجابه الملك: "ياعلي ليس وحدك من يشكو الظلم. فهذا انا ابن النبي ملك على قريتين شرق الأردن وفاروق الألباني ملك على وادي النيل". فأجابه علي مسمار: "ياجلالة الملك. الله سبحانه وتعالى قسم الملك بينك وبين فاروق. ولكن انت الملك من يفصل بيني وبين ناظر العدلية".. فقال له الملك عبدالله الأول "صدقت ياعلي".. وخرج من عند الملك وانتظر فترة زمنية قصيرة. ولما تأخر في الرد عليه. تقدم باستقالته من القضاء بسبب الظلم الذي وقع عليه وتضامن معه أربعة من زملائه القضاة وقدموا الاستقالة وقاموا بفتح مكتب محاماة..
وحينما علم الملك عبدالله الأول بذلك. قام باستدعائه وتم تعيينه مديراً للعدلية (وكيل وزارة العدل) واشترط علي مسمار تعيين زملائه في مناصب مماثلة بنفس المستوى وتم اعادة تلك الكوكبة من القضاة بمناصب عليا..
وفي موقف آخر للقاضي علي مسمار. ذكر رئيس الوزراء سليمان النابلسي في مذكراته ان الملك عبدالله الاول استدعاه مع علي مسمار وأثناء اللقاء معه والحديث مع الملك عبدالله الأول أخرج ورقة صغيرة وكتب عليها أسم شخص وثنى الورقة واعطاها الى القاضي علي مسمار وقال له اسم الشخص يهمني له عندك دعوى ويهمني امره. تناول علي مسمار الورقة ووضعها في جيبه دون قراءة الأسم وخرج من اللقاء مع رئيس الوزراء. وعند بوابة القصر تناول القاضي علي مسمار من جيبه الورقة ومزقها ورماها في سلة المهملات دون قراءة أسم الشخص المكتوب.
فما كان من رئيس الوزراء النابلسي ان قال له يارجل كان فتحت الورقة وقرأت اسم الشخص. فرد عليه القاضي علي مسمار. لو قرأت الاسم لبقي عالق في ذهني. ولا اريد ان يؤثر على مجريات الدعوى والقاضي حراً ونزيها ولاينطق الا بالحق ولا يحكم الا بنص القانون والعدل.
وحينما علم الملك عبدالله الأول بما حصل من تمزيق الورقة وعدم قراءة الاسم من القاضي علي مسمار. ضرب بيده على الطاولة ثم رفع يداه الى السماء.. وقال: الحمد لله ان قضاءنا بخير وعادل..
والمعروف لدينا ان القاضي علي مسمار كان بحكم منصبه كرئيس للتمييز والعدل العليا كان أحد الاوصياء على العرش حينما تولى جلالة الملك الحسين العرش. وبعد ان اشتد المرض به تقدم باستقالته. فعلم الملك حسين رحمه الله بذلك وطلب منه البقاء في منصبه. فرفض ذلك..
وقال ياسيدي.. لا يجوز للقاضي ان يقضي بين الناس وهو مريض لأنه لن يحقق العدالة وانا مريض ولا أريد ان اتقاضى راتبي وانا لا اعمل وآخذه حرام. لكن ياسيدي لدي قاض عادل ونزيه أوصيكم بتعيينه بدلاً مني اسمه موسى الساكت. وتم تعيينه بعده..
رحم الله.. رجال المواقف والنزاهة والحياد من القضاة السابقون. الذين علمونا ان العدل أساس الملك وصنعوا للقضاء تاريخاً يسجل بأحرف من ذهب..
ونأمل للقضاة الحاليون التوفيق. وكلنا ثقة بالقضاء الاردني بالسير على نهجهم بالحياد والنزاهة وتطبيق القانون على الجميع والحكم بالعدل..
مدير مركز الحق للدراسات الاستراتيجية