facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الزغيلات لـ"اللويبدة": منعت "لبرلة" الرأي


16-07-2007 03:00 AM

عمون - خصت "اللويبدة" شقيقتها "عمون" ببعض المواد والقصص والتحقيقات الصحفية المنشورة في عددها الاخير ، وذلك في اطار التبادل الاخباري والصحفي الهادف الى افادة القاريء بما يجري على الساحة الاردنية تحديداً ، وقد تم اختيار مقابلة مع الزميل عبد الوهاب زغيلات رئيس تحرير "الرأي" وفق سلسلة المواد التي تكشف الوجه الآخر للعامة .. وفيمايلي نص المقابلة : من ينابيع كثربة، القرية الكركية الصغيرة الوادعة، الى ينبوع الكلمة الأردنية الذي لا ينضب “الرأي”، هي قصة شاب أردني أتى من قرية جنوبية طارقاً بوابة صحيفة، أصبحت لاحقاً سيدة الصحافة الأردنية، بدأ فيها موظفاً بسيطاً، وترقّى إلى أن أصبح رئيساً لتحريرها .. قصة كفاح لا تخلو في تفاصيلها من أيام بطعم العلقم، وأخرى تغالب الشهد حلاوة..

الزميل عبدالوهاب الزغيلات رئيس تحرير “الرأي” يفتح خزانة ذاكرته لـ”اللويبدة”، فكان حوار، وكان بوح، وفي كل منعطف قصة، وفي كلّ مانشيت حكاية .. جنرالاً في مطبخ التحرير، ومعرقلاً لمشروع “لبرلة” لم يكتب له النجاح منذ لحظة ولادته .. تزامل مع الكبار، ووفاء لم ينقطع مع الأحياء منهم .. س : البدايات .. كثربة، والطفولة، هل تحدثنا عنها ؟

ج : ولدت في 6/11/1953 في قرية كثربة، القريبة من الكرك، لعائلة ينتهي اسمها بـ”القرالة”، وعائلتي الصغيرة هي “الزغيلات”، وهذا الإسم سبب للعديد من الأصدقاء، وغير الأصدقاء، مشكلة. إذ يلتبس الأمر عليهم، أكنت أنا من أصول فلسطينية أم اردنية، لكنّ هذا الإشكال لدى الاصدقاء، منحني هامشاً مريحاً للتحدث في القضايا المتّصلة بالأصل والمنبت بشكل مريح .. لقد ساعدني ذلك داخل صالونات عمان، التي لا همّ لها سوى البحث عن الأصل والمنبت، فكنت اطرح رأيي فيخال للسامع أنّني من أصول فلسطينية، لكنه يتفاجأ بانني عكس ما

كان يُقدّر، فيعود عندها ليرتّب كلماته من جديد، والعكس صحيح تماماً، في مجلس آخر..
أمّا قريتي كثربة، فهي قرية متواضعة شأن سائر قرى الجنوب .. كتب عنها حديثاً كتاب أصدرته جامعة مؤتة، تحت عنوان “كثربة بين الماضي والحاضر”، وأشار هذا الكتاب إلى أنّها من أوائل الأمكنة التي شهدت حياة عمرانية، وهذا ليس كلامي، بل ما جاء في الكتاب... في قريتي 21 نبع ماء، في وقت تخلو فيه باقي القرى من عيون المياه، وهذا في تقديري سبب إضافي لأسبقية القرية في إحتضان العمران.

أمّا طفولتي، فهي كطفولة سائر أبناء القرى خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، إذ أنّ للحياة الزراعية وتربية الماشية بصمات على حياتنا ... لقد تميّزت حياتنا بالكد والتعب و”النضال” إن شئت .. بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معنى، ودرست الإبتدائية والإعدادية في ظروف أقلّ ما يقال عنها إنها شاقة ... أما الثانوية، فكانت في مدرسة عيّ المجاورة لقريتنا، وكانت المسافة تقارب الأربعة كيلو مترات نقطعها ذهاباً واياباً كل طالع شمس، إلى أن أنهيت الثانوية العامة عام 1971 .

من عاش في مثل تلك الظروف، لا يستطيع أن يتذكّر متى كان طفلاً، إذ منذ وصولنا إلى العام السادس من أعمارنا، نلج مباشرة إلى مرحلة الرجولة، بمعنى أنّ علينا ما على الكبار من مهام ومسؤوليات، تتّصل بالزراعة وتربية الماشية ..

عندما أعود بالذاكرة الى الوراء، أتذكّر أنني عشت في بيت من الطين حيناً، وفي بيت الشعر أحياناً اخرى، وهو متطلب أساسي للحياة الموزّعة بين الزراعة وتربية الماشية .. إنني اعتز كثيراً بهذه الذاكرة التي جبلت على النضال .. لقد كانت حافزاً لي على الإنجاز... كانت أمنيتي في الطفولة أن اقتني دراجة، أو أن أجلس لدقائق على مقعد مريح في سيارة، ولازمني هذا الحلم إلى وقت متأخر – أي إلى أن أنهيت دراستي الإعدادية والثانوية ... ورغم الألم، لكنّها كانت بحق حياة ممتعة.

س : وكيف بدأت حياتك العملية وهل كانت الصحافة احدى خياراتك؟

ج : أنهيت الثانوية العامة عام 1971 ، وبدأت أتلمّس طريقي.. تقدّمت إلى القوات المسلحة، للدخول في الكلية العسكرية، لكنني لم أفلح في ذلك، بسبب سنتمتر واحد، إذ كان طولي وقتها 169سم، والمطلوب لدخول الكلية 170سم ... سنتمتر واحد حال بيني وبين دخول القوات المسلحة ضابطاً ... بعدها تقدمت لدخول معهد المعلمين ولم أفلح أيضاً .. ربما ساعدني الحظ في البداية، أن تقدّمت للعمل في صحيفة “الرأي” .. وكانت أول مكان أعمل فيه في حياتي ...

س : وكيف دخلت الرأي؟

ج : لدخولي العمل في “الرأي” قصّة: كنت أراجع بصورة دورية إدارة “الرأي” بحثاً عن عمل، وكانت البلاد خارجة للتوّ من أزمة العام 1970 ، وكان مبنى “الرأي” مدججاً بالحرس على مداخله.. وكانت أمنية لي أن أدخل المبنى لأراجع الشؤون الإدارية فيها. وكنت أراجع زميلاً لي الآن، وكنت أفلح أحيانا بمقابلته، وفي أحيان أخرى لم أفلح بمقابلته، إلى أن شاء الله، ودخلت “الرأي” موظفاً.. كنت أحدث نفسي بأنني سأنتقم ممن منعوني من دخول “الرأي” خلال مراجعاتي، ولكنّ ذلك بالطبع لم يحدث أبداً... في البداية، عملت عملا مهنياً صرفاً في مطابعها لمدة ستة أشهر.

س : وكيف انتقلت للعمل في التحرير..

ج : لقد بدأت محاولاتي لدخول التحرير لحظة تعييني موظفاً.. وباءت في البداية محاولاتي بالفشل عشرات المرات، إلى أن يسرّ الله لي أن غادر المدير الاداري آنذاك في مهمة رسمية خارج البلاد، ليتمكن نائبه من توقيع كتاب تحويلي للتحرير في قسم الرصد والوكالات. أمضيت في هذا القسم عامين. وحدث أن آلت ملكية “الرأي” في ذلك الوقت إلى القطاع الخاص، بعد أن كانت مملوكة بالكامل للحكومة.. ولهذه قصّة أخرى.. المهم في الأمر، أن صاحب الفضل في أن أصبح محرراً في “الرأي”، هو أستاذي ومعلمي المرحوم جمعة حماد، وقرّر هذا القرار، بعد أن قُيّض لي أن أتعامل معه لمدة يوم واحد..

س: إذن، دخلت في مطبخ “الرأي” .. كيف تعرفت عليه من الداخل؟

- كنت شاباً حين دخلت مطبخ التحرير في “الرأي”، ذلك المطبخ الذي مرّ عليه أساتذة كبار، وتدربت على أيديهم، وأولهم الأساتذة المرحوم محمد داوود، الذي أصبح لاحقاً مديراً لوكالة الأنباء، إلى أن أصبحت محرراً رئيسياً للشؤون العربية والدولية، وتزاملت مع أساتذة .. سليمان القضاة، وبدر عبد الحق، ومحمد عمايرة، وسليمان خيرالله، ومحمد كعوش، واحسان خالد، وجورج عيسى، ومحمد زين الدين العابدين، وراكان المجالي، وتتلمذت على أيدي الكبار.. محمود الكايد، وابراهيم سكجها، وسليمان عرار، وهؤلاء كوكبة من عمالقة السياسة والصحافة. هؤلاء تعلّمت منهم الوفاء والانتماء، وان لا حياة لدعاة الطائفية والجهوية والإقليمية.. هذا هو مطبخ “الرأي” وعندما تجتمع فيه هذه الاسماء قطعاً لن تشتمّ منه إلا رائحة المهنية الصادقة، والوفاء الحقيقي لقضايا الوطن والأمة، ولا مكان فيه للحسابات الضيقة والصغيرة..

س : هل يمكن أن تعقد مقارنة بين الأستاذين المرحوم سليمان عرار والأستاذ الفاضل محمود الكايد.. بماذا يختلفان؟!

ج : كنت أود لو كان السؤال: بماذا يتشاركان، وبماذا يلتقيان؟.. لأنهما كانا يمتازان برحابة الصدر، وبمواقفهما العروبية الصادقة، ومهنيتهما العالية، ووفائهما للأصدقاء.. فضلاً عن كونهما يتميزان بالكرم الصادق، الذي لا يخالطه رياء.. وهما أيضاً رجلان مسؤولان يتخذان القرار إن اقتنعا به، بصرف النظر عن النتائج..

س : لكنك كنت ملازماً أبو عزمي (محمود الكايد)...

ج : نعم، فعلاقتي مع أستاذي أبو عزمي كانت متفردة، فأبو العزم أسبغ على العلاقة شكلاً أبوياً منذ أن تشكّلتُ سياسياً ومهنياً، وكان صديقاً وأباً لشاب آت من قرية نائية إلى أجواء عمان الصاخبة، بكل ما يحتاجه إلى من يوجهه.. هكذا كان أستاذي ومعلمي ابو العزم معي، وانا ممتن جداً لهذا الرجل ما حييت..
أنا أقول دائماً.. إن كان لدي خصال حميدة، فهي آتية من “ابو عزمي” .. كنت أجالسه يومياً في مكتبه، وخارج مكتبه، على مدار ربع قرن من الزمان. أثر فيّ هذا الرجل في كل مناحي حياتي بدءاً من علاقتي مع أبنائي، وحتى في موقعي الآن رئيساً لتحرير “الرأي”..

س : هل خصك ابو عزمي بترقيات دوناً عن جيلك؟!

ج : لست الوحيد الذي ترقى وظيفياً على يدي أبو عزمي.. فكل زملائي نالوا ما نلت من أبي العزم، سواء حينما كان مديراً للتحرير، ثم رئيساً للتحرير، ثم رئيساً لمجلس الإدارة، ورئيساً لهيئة التحرير.. لقد كان ينظر إليّ أبو عزمي كصحفي جاد، ومثابر، أحب عملي، وأنتمي لمؤسستي كأنها بيتي، وتولّدت لديه قناعة بأنني أستطيع أن أتحمل مسؤولية أي موقع أتسلمه، وكنت من جانبي أعزّز لديه هذه القناعة، والثقة، يوماً بعد يوم. لقد عملت محرراً للشؤون العربية والدولية سنين طوالاً، ثم سكرتيراً للتحرير، ثم مساعداً لمدير التحرير، ثم مديراً للتحرير، ثم نائباً لرئيس التحرير، ورئيس تحرير ثانياً، حين كان زميلي الاستاذ سليمان القضاة رئيساً للتحرير.. وها أنا الآن رئيس للتحرير، ولهذه الأخيرة قصّة تروى.

س : هذا هو سؤالنا، إذن، هل كنت تتوقع أن ترأس تحرير “الرأي”، وكيف وصلت إلى هذا الموقع المهمّ؟

ج : ليس هذا مقام الاستعراض، لكنني كنت أعمل على ذلك منذ لحظة دخولي “الرأي”، وانا صادق باذن الله.. فمنذ أن كنت محرراً، عملت على أن أصبح في يوم ما رئيساً للتحرير، وهو طموح مشروع لشاب لم يغادر “الرأي” إلا في إجازة طوال 35 عاماً.. لقد أصبحت رئيساً للتحرير بعد أن غادر أستاذي أبو عزمي الجريدة، لكن اللبنات الاساسية في مسيرتي كانت بيدي أبو العزم.

س : شهدت الرأي تقلبات خلال مسيرتها الطويلة، كيف تراها بعد أن أصبحت “الرأي” على ما هي عليه الان..؟

ج : لقد دخلت “الرأي” وهي صحيفة حكومية، وكنا نوزعها مجاناً على الأرصفة، لكي نحث المواطن على قراءتها، ثم آلت ملكيتها الى الاتحاد الوطني.. ثم بيعت إلى القطاع الخاص، وملكها الأساتذة جمعة حماد وسليمان عرار ومحمود الكايد ومحمد العمد ورجا العيسى.. لقد أغلقت “الرأي” 4 مرات.. لنشرها أخباراً لم ترق للحكومات آنذاك.. لكن هذه الإغلاقات قد جذرت المصداقية بين الصحيفة والقارىء.
... أذكر ان الإغلاق الأول للصحيفة دفع بقراء إلى إرسال شيكات موقعة لتعويض الصحيفة عن خسائرها جراء الاغلاق.. لكي تستمر.. كنت شاهداً على تلك الأيام.. لقد تمّ إغلاق الصحيفة ذات مرة، وشمعت بالشمع الاحمر.. وإتّخذ قرار بسحب إمتيازها، وكان مجلس الوزراء قد إتّخذ هذا القرار، لكن تمّ الإستعاضة عنه بعد ذلك بتعطيلها عن الصدور خمسة عشر يوما.. لن أدخل في التفاصيل لكنها كانت أياماً صعبة.
في أحد الإغلاقات لثلاثة أيام، أعيد الصدور ليهاجم رئيس التحرير الأستاذ محمود الكايد وزير الاعلام.. وعلى الصفحة الاولى.. كما كتب زميلنا طارق مصاروة على الصفحة الأخيرة مقالاً ساخناً بعنوان: “من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر” في ذلك اليوم، ومنذ الصباح الباكر، توتّرت الأجواء، وكادت “الرأي” أن تصبح في خبر كان.. وكما قلت إتّخذ قرار سحب الإمتياز، ثم استعيض عنه بالتعطيل 15 يوما.
... والإغلاق بالاغلاق يذكر، ففي أحدها شُمّعت الصحيفة بالشمع الاحمر، وعندما غادر مالكو الصحيفة المبنى، وكان المرحوم الأستاذ إبراهيم سكجها رئيس تحرير ثانيا،ً وطُلب منه إدارة الصحيفة، وكنت وقتها مناوباً تنفيذيا.. والطلب جاء على شكل أمر حكومي.. فرفض أستاذنا سكجها ذلك إحتجاجا على القرار الحكومي، فجيئ بمدير من مدراء الإعلام في الوزارة، فأدار الصحيفة لليلة واحدة، ثم عادت الأمور إلى مجراها في اليوم التالي..

س : وكيف تتذكر قرار “التأميم” او الاستيلاء الحكومي على الصحيفة؟!

ج : لقد أصدر مجلس الأمن الإقتصادي، وهو الإدارة العرفية للحكومة آنذاك، قراراً أجبر بمقتضاه مالكي “الرأي” على بيع حصصهم للصناديق الحكومية، وغادر جمعة حماد رئيس مجلس الادارة، ومحمود الكايد رئيس التحرير، ومحمد العمد المدير العام، وجيئ بكل من: راكان المجالي رئيساً للتحرير، وراضي الوقفي مديراً عاماً، وخليل السالم رئيساً لمجلس الإدارة.. وبعد أحداث الجنوب قرر المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه إستئناف الحياة الديمقراطية، وجاء الأستاذ مضر بدران رئيساً للوزراء، فقرر إلغاء قرار الإدارة العرفية، ومن ضمنها القرارات المتعلقة بصحيفة “الرأي”. فعاد على إثر ذلك محمود الكايد رئيساً للتحرير، وكذلك المرحوم جمعة حماد ومحمد العمد.. ليس كمالكين رئيسيين إذ مرت مياه كثيرة تحت الجسر وتغيّرت الدنيا.

س : لنعد الى المطبخ، بعد أن كنا في شرفة الذاكرة.. هل تتذكر أحد المانشيتات التي طبعت في الذاكرة، بعد ان طبعت على الورق؟

ج : أذكر أنّه في حرب تشرين عام 73 خرجت “الرأي” على القراء بمانشيت “واندلعت الحرب”، ثم وعلى إثر زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات القدس، خرجنا بمناشيت “وفعلها السادات”، كما أنتجنا وقتها صورة “ممنتجة” على شكل بوستر فيه السادات وبيغن وهما يتراقصان.. أذكر كذلك عندما إجتاحت القوات العراقية الكويت.. وقتها إجتاحنا قلق، إذ داهمنا الحدث ولم نكن نعلم كيف سيكون عليه المشهد في اليوم التالي، ولكي لا نقع في المحظور.. خرجنا بمانشيت محايد وهو “القوات العراقية تمدّ سيطرتها على الكويت”.. كل عنوان يحتاج إلى كتاب، ولكل مانشيت قصة تروى.

س : قيل إنك كنت “جنرال تحرير” خبر الحرب العراقية الايرانية، هل تذكر لنا ذلك وسبب التسمية تلك؟!

ج : لقد كلفت منذ اليوم الاول للحرب أن أحرر الأخبار المتصلة بها.. وبقيت أحرر خبر الحرب العراقية الايرانية إلى أن وضعت الحرب اوزارها.. على مدى ثمانية اعوام... كان الزملاء يطلقون عليّ لقب جنرال، لانني كنت ملمّاً بتفاصيل تلك الحرب، وبيومياتها، ونوعية الأسلحة، وعدد القتلى والشهداء.. في تلك الفترة تعلمت شيئاً مهماً، وهو أن التخصّص داخل غرفة التحرير يبقى أمراً حيوياً لا بد منه، وأنا الان أحاول تطبيقه.

س : في تلك الفترة رزقت بمولود فهل لهذا السبب اسميته “عدي”؟

ج : سر تسمية إبني البكر “عدي” متّصل بوعينا نحن كجيل فتح عيونه على هزائم ونكسات، وكنت أبحث، مثل غيري، عن ضوء في نهاية نفق النكسات، وجاءت الحرب العراقية الإيرانية، وكانت الإنتصارات العراقية يومية في تلك الحرب، وكنت مسكونا بتفاصيل تلك الحرب، وليس بشخوص أو قيادات، فسميّت إبني “عدي” تيمّنا بزعيم عربي حقق النصر، ومن هنا كانت التسمية، ولكن في الفترة التي تلت تعرّض العراق إلى هجمة دولية غير مسبوقة، فكتبت مقالاً عنوانه “إلى إبني عدي”، قلت فيه: إنني نادم على تسميتك، لأنني أشعر بأنني سببت لك المصائب والمشاكل، حتى أنه قد لا تقبلك جامعة عربية، ولا يرحب بك أي مطار عربي..

س : الحرب بالحرب تذكر كيف تتذكر اجتياح لبنان؟

ج : لقد عايشت تلك المرحلة بكل ما فيها من مرارة .. فقد كانت مفصلاً مأساوياً من تاريخ الأمة، تتملكنا الحيرة ونحن نحرّر الأخبار .. من أين نبدأ عن عاصمة عربية تتهاوى أمام قذائف العدو وقصف طائراته ودباباته... هزيمة تلو الأخرى لهذه الأمة .. كنّا في غرفة التحرير نحاول أن نضع العناوين التي تساعد الناس على إستيعاب الصدمة، وأن نرفع من معنوياتهم، دون أن نخدعهم .. كانت مهمتنا لا تقل خطورة عن القابعين في اتون النار على الجبهة.. إنتهت تلك الحرب – كما نعلم – بخروج المقاومة الفلسطينية إلى شتات جديد، وبدأنا نحرر الأخبار المتعلقة بالقرارات الدولية، والإتفاقات، والحراك السياسي الذي كان يحاول لملمة الشظايا ..

س : وماذا عن اجتياح الكويت .. كيف تعاملتم مع تلك الازمة الخطيرة؟

ج : كانت بحق طامة كبرى .. حين غزت القوات العراقية الكويت. كانت أزمة بكل تجلياتها، إلى أن انتهت بهزيمة للعراق وفرض الحصار عليه .. وكانت هذه الحرب مقدمة للشروع في قضية البحث عن السلام المفقود .. فجاء مؤتمر مدريد وتلاه إتفاق أوسلو وصولاً إلى ما نحن عليه الآن، من مراوحة بحثاً عن سلام مشرف ..

س : لنعد مجددا من الجبهات الى المطبخ .. إلى سؤالنا السابق، كيف أصبحت رئيساً للتحرير؟

ج : كنت مساعداً لرئيس التحرير الأستاذ سليمان القضاة، ثم نائباً له، فارتأى الأستاذ محمود الكايد أن يكون للصحيفة أكثر من رئيس تحرير، نظراً لاتساع المهام، وتنوّع المتطلبات لمؤسسة أضحت من كبريات الصحف العربية، فقرر “أبو العزم” أن أكون رئيساً للتحرير إلى جانب رئيس التحرير المسؤول الأستاذ القضاة .. وبقيت إلى أن أطيح بي ..

س : وهل تسمي انتقالك من رئاسة التحرير الى مستشار اطاحة؟

ج : نعم، وهل لها غير هذا الاسم؟

س: وكيف؟

ج : نعم، أطيح بي لأسباب لم أكن لأعرفها في حينها، وخلال عملي مستشاراً عرفت التفاصيل بطرقي الخاصة ..

س : هل عرفتها عبر أشخاص؟

ج:نعم، لقد عرفت تفاصيل ذلك من أحد المشاركين الرئيسيين في الإطاحة بي .. لقد دعيت إلى عشاء في منزل الصديق مصطفى الحمارنة، وقبيل الجلوس إلى مائدة الطعام قلت للصديق الحمارنة: من عادتي أن لا أخون من آكل في بيته “زاداً”، ومن أتناول في بيته الطعام لن اكنّ له أي نوع من الغضب أو العتب، فهل تستطيع إخباري عن قصة العمل على إقناع الحكومة بعزلي من رئاسة تحرير الرأي؟!

فأجاب الحمارنة بالتفصيل .. وإذا بكلّ الأمر لا يعدو أن يكون موقفاً شخصياً كوّنه 4 أشخاص، ممن كنت أعتقد أنّهم أصدقاء ولا دخل للسياسة في القرار .. كما أني معروف للقاصي والداني انني عروبي حتى العظم، وأردني حتى النخاع. وبحسب صديقي الحمارنة، كان إتّخذ قرار تسليم الزميل الأستاذ جورج حواتمة رئاسة تحرير “الرأي” بدلاً من الأستاذ سليمان القضاه، لكن “الأصدقاء” الأربعة إنتابهم خوف من أن يكون الزغيلات معرقلاً لمشروع “اللبرلة- نسبة إلى الليبرالية” في “الرأي”، وقالوا: إذا بقي الزغيلات، فإنه سيعرقل الأستاذ الحواتمة.. ولا بد من إزاحته عن الطريق، بصورة نهائية، وليس بنقله من مكانه إلى مكان داخل المؤسسة.
كان في الجلسة صديق خامس، وهو معالي الصديق سمير الرفاعي، الذي كان له رأي مغاير لآرائهم، إذ قال: لا مبرّر لإخراج الزغيلات نهائياً من “الرأي”، حيث يمكن الإستفادة منه في دوائرها الكثيرة.. فكان القرار النهائي لوزير الاعلام وقتها الأستاذ طالب الرفاعي، بالإتفاق مع الثلاثة الآخرين على أنني أعرقل مشروع “اللبرلة”. لكنني ناضلت نضالاً مستميتاً أن لا أخرج من “الرأي”.. وقبلت بأن أكون مستشارا،ً وكان إيماني أنّ الانسان كلما شعر بالغبن فإنه يُنصف في النهاية، لأن لا مكان للظلم في بلدنا الخيّر.
... ثلاثة أعوام، وأنا مشتّت، أشاهد وأراقب مشروع “اللبرلة”، وأنا لا أحمّل هنا زميلي السابق أية مسؤولية، لأن لكل مجتهد نصيباً.. كادت “الرأي” أن تقع في المحظور مهنيا،ً وإعلاميا،ً وموقفا،ً والأخير هو الأهم في نظري، إذ أنّ الموقف الشريف، هو الذي يحمل الصحيفة، ويحميها، ويجنبها المخاطر.

س : وكيف عدت رئيساً مسؤولاً للتحرير؟

ج : المهم في الأمر أنني عدت، وهذا يؤكد أنّ بعض القرارات تتّخذ بطريقة شللية ومحسوبية، ومحصّلتها أنّها تدمّر، ولا تبني، إذ ما معنى أن يكون الزغيلات معرقلا،ً ثم يعود رئيساً للتحرير؟

س : لنذهب الى دفء البيت ونتعرف على اسرتك الصغيرة؟

ج : انا متزوج والحمد لله، ولدي 3 بنات و3 أبناء، أكبرهم أريج، التي أنهت البكالوريوس في الترجمة إلى الانجليزية وهي متزوجة ولديها أولاد، فأنا “جد”، وشذى أنهت بكالوريوس صحافة وإعلام وهي متزوجة ولديها طفل، وندى أنهت العلوم السياسية، وكل بناتي موظفات في مواقع مختلفة..أمّا أبنائي: عدي، ويدرس في الجامعة الاميركية ببيروت، ومحمد وزيد فهما ما زالا على مقاعد الدراسة.

س : لنعد الى الكتابة والصحافة.. ترى لماذا انت مقل في كتابة المقال.. الا في المناسبات؟!

ج : أنا لست من المتحمّسين لمبدأ الكتابة اليومية، كما أنّني لم أطرح نفسي كاتباً، وهناك فرق بين المحرّر والكاتب الصحافي، رغم أنهما صحفيان.. إذ ليس كل صحفي كاتباً ، أو أنّ كل كاتب صحفي، ثم هناك مشكلة أخرى تتّصل بموقع رئيس التحرير والكتابة.. في تقديري، أنّ موقع رئاسة التحرير يحدّد هوامش الكتابة، إذ تغيب المعايير الانطباعية، وينبغي أن تغيب، إذا إراد رئيس التحرير أن يكتب مقالا.ً وللكاتب هوامش، قد لا تكون متوفرة لدى رئيس التحرير، وهذا ليس أمراً متصلاً بالشأن السياسي فحسب.. فلو كتب رئيس التحرير في شأن ما فإنه يسهل أن تتحمّل الصحيفة الموقف المتبنى في مقالة رئيس التحرير، لذلك فإن المناسبات هي المناخ الأكثر ملاءمة لكتابة رئيس التحرير، لأنها ربما تحتاج إلى موقف يمثل رأي كل العاملين في الصحيفة.. ولهذا الأمر حديث يطول!

س : وما دمنا في أجواء الكتابة.. ترى لماذا تزدحم “الرأي” بالمقالات؟

ج : لدي تفسير بسيط.. “الرأي” هي كبرى الصحف الاردنية، دون فخر بل واقعاً مع الفخر.. ولأنها كذلك، فإن العديد من الكتّاب يرغبون في أن يكون لهم مساحة في “الرأي”، إعتقاداً منهم أن صوتهم ربما يصل لأوسع قاعدة من القراء.. للإزدحام مبرراته، وضروراته أيضا،ً ومن إيجابياته أنه يكرس التنوع في المجتمع.. وهو تنوع إيجابي بالضرورة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :