أنا مغلق للصيانة * د. عاطف شواشرة
18-12-2010 03:32 PM
في أحد أيام الجمعة المباركة صحوت مبكرا وذهبت لإحضار طعام الافطار الذي اعتدنا ان نجتمع عليه في كل يوم جمعة انا وعائلتي، فوجدت المتجر مغلقا، وقد كتب عليه عبارة "المحل مغلق للصيانة"، حولت مساري وفكري منشغل بهذه العبارة القصيرة، فهذا الكيان المادي الماثل هنا منذ سنوات يغلق بين فينة واخرى للصيانة فيتجدد من الداخل ويجدد عطاءه للناس فيقبلون عليه بشهية أكبر، ونحن البشر نلهث ونركض عشرات السنوات وراء المادة دونما توقف ودونما مراجعة للنفس لصيانتها مما علق بها من غبار الأيام وضغوط العمل وأعباء الحياة.
ان الضغوط ظاهرة من طبيعة وجودنا الانساني فعلينا اذن أن نواجهها، فمواجهة الضغوط قرار ذاتي وإرادة من داخل الانسان للتعامل مع منغصات الحياة ومعيقاتها بأسلوب توافقي شجاع لا هروب فيه. ففي هذا العالم السريع التغير، نواجه يومياً مشكلات جديدة تتحدى قدراتنا وإمكاناتنا، ونسعى جاهدين لحلها، وأياً كانت هذه المشكلات بسيطة أو معقدة من حيث الشكل والحجم ودرجة الصعوبة والأهمية، والأساليب اللازمة لمواجهتها، فإنها تترك آثارها على نفوسنا وتعاطينا الاجتماعي مع الناس من حولنا، ولو كانت الحياة تسير بنفس الرتابة والروتين لما أضحى حل المشكلات ضرورة ملحة يلزم تعلمها والتدرب عليها لمواجهة متغيرات الحياة ومستجداتها.
ما أحوجني إلى اجازة قصيرة بضعة أيام للراحة والاستجمام، أراجع فيها نفسي وأقيم تجربتي، أغلق هاتفي الجوال، وأتأمل الوجود وأتفكر في آيات الله وفي نعمائه، أتصالح مع نفسي ومع العالم من حولي فأعيد السكون أليها، فتزداد ألقا ومحبة وايجابية، وتتجدد طاقتي للعطاء وأقدامي على الحياة فينعكس ذلك على علاقتي مع زوجتي وابنائي وطلبتي وزملائي وكل الناس من حولي.
أيها الأصدقاء قررت أن أذهب في رحلة إلى مكان سري، ارجو ان لا يتصل بي أحد فانا مغلق للصيانة.