facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفلسفة فن الحياة


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
18-04-2023 08:58 PM

الشهور الماضية تعمقت في دراسة فلسفة أبيقور، فولتير، سارتر، كامو و ديكارت و الفلسفة الرواقية لقناعتي أن الفلسفة هي محاولة عقلية حقيقية لفهم طبيعة الاشياء و البحث عن الحقيقة. لقد كان لكل من هؤلاء الفلاسفة وجه يستهويني و وجه ينفرني و لكن بعد أن تعمقت في فلسفة الجميع استطيع القول أن خرجت بملخص لتلك الأوجه الفلسفية قد يكون ذا فائدة في الحياة اليومية. هنا لا بد أن أذكر أنني لم استطع استكمال دراسة الفلسفة من منظور الكتاب و الفلاسفة المتشائمين أمثال نيتشه و ديستوفسكي و اصحاب الفلسفة العدمية لانني وجدت منذ البداية أنها فلسفة منبثقة من رحم معاناة شخصية لهؤلاء و فيها قدر كبير من السلبية التي لا أجد نفسي تهواها.

بالتأكيد ليس كل ما خلصت اليه قابل للكتابة لاسباب كثيرة و لكنني سألخص فهمي للإيجابيات في تلك الفلسفات و التي أجد لها مكانا في حياتنا اليومية قد تساعد في البعد عن التعمق في السطحية و ثقافة التذمر و التشكي و التفاهة التي تشكل برأيي غزوا فكريا عالميا قد يكون مقصود و قد يكون بالصدفة لخدمة اقتصاد الاستهلاك الذي حصر حياتنا اليومية بمعايير الربح و الخسارة المادية الضيقة و أهمل الامتلاء الروحي مما يدفع جيلًا بأكمله من الشباب الى الخواء و السعي المتواصل وراء سراب. و أؤكد مرة أخرى أن ما أكتبه هو ملخص الايجابيات وفق فهمي من المدارس الفلسفية المختلفة دون تحديد مصدرها في كل فلسفة و ضمن ما يسمح به مداد قلمي.
الانسان يولد حر الارادة و التفكير و مسؤول عن أهدافه و أعماله و بالتالي فهو مسؤول عن ايجاد الاهداف المناسبة لقدراته و الاستمتاع بالسعي لها بالعمل الجاد دون مبالغة او تهاون لاعطاء معنى للحياة. لكن هذه الاهداف لا بد أن تهدف الى تحقيق المعنى الروحي و المادي فالاول يتحقق بتنفيذ غاية الخالق جل و علا في أن ننفذ تعليماته لنحقق الرضا للذات و للمحيط ثم للابعد و هكذا حتى نصل بان نعمل الخير للانسانية و للبيئة و الكائنات الحية التي تشاركنا الحياة على هذا الكوكب.

أما الاهداف المادية و التي تحقق معنى روحي و مادي للحياة فهي تتمثل بثلاث مبادئ الاول هو بالتحرر من الخوف و القلق و الألم الجسدي و الثاني في السعي و تحقيق المتع الضرورية التي لا تتعارض مع الاخلاق و الفضيلة و أما المبدأ الثالث فالوصول الى حالة الهدوء الداخلي الاشبه بالفراغ و الرضا. و ساشرح قليلا في كل مبدأ.

الالم و اللذة و المتعة حالة جسدية و ذهنية. فالحاضر اللحظي نشعر فيه بالالم أو اللذة الجسدية و الذهنية أما الخوف و القلق و التفكير بالمستقبل و استعادة ذكريات الماضي فقد تحقق لنا متعة او ألما ذهنيا يظهر في صورة التوتر و القلق و الخوف إن ركزنا على السلبي و في صورة انتشاء و فرح و حيوية و طاقة إن ركزنا على الإيجابي. السعي و الشعور بالمتعة بإشباع الحاجات الضرورية مثل الجوع و العطش و الامن تحقق سعادة ذهنية و جسدية و أما الزيادة في هذا سواء بالسعي او بالتحقيق فسيؤدي الى ألم و قلق و خوف و لذلك نصح معظم الفلاسفة بالابتعاد عن السعي الى الشهرة و الثروة و الوضع الاجتماعي العالي و النفوذ لانه كل هذه بدون سقف و بالتالي ستسهلك حياة الفرد بالسعي وراء السعادة بدل احساسها كما أن هذه وفق ابيقور ستنتج مشاكل و أعداء يسببون الالم و القلق و ينزعون المتعة و التي قد تتحول الى متعة الانتقام.

باستثناء سارتر يجمع الفلاسفة على أن الصداقة من أسمى المتع و التي تحقق السعادة و الأمن و تخفف أو تبعد الألم و القلق و الخوف و لكنها الصدقة الحقيقية القائمة على تلاقي الاروح و ليس السطحية القائمة على المصالح.

غالبية الفلاسفة يجمعون على أن الخوف من الخالق و من الموت من أهم اسباب القلق و التعاسة في حين أن الخالق عظيم و كامل و رحيم و بالتالي لا سبب للخوف فالانسان لن يشعر بالالم بعد الموت و الخالق سينزله منزلا حسنا إن حقق ما يريده منه و هو أن يكون حسنا و نافعا و غير ضار أو مؤذي لنفسه و لعائلته و للمحيطين به و للإنسانية و للبيئة.

لذلك فان السعادة تتحقق وفق غالبية الفلاسفة بالمتعة المتحركة (من السعي مثل البحث عن الطعام) و الساكنة (مثل الشبع) في غياب الالم و الخوف. أما الألم فالانسان قادر على تحمل قدر من الالم و المعاناة دون أن تعيقه عن تحقيق المتع الضرورية و التي تتحقق بحياة فيها شيء من الزهد حتى في وجود الوفرة و لاكون أكثر دقه اضع المصطلح باللغة الانجليزية (minimalist).

لا بد أن أذكر قبل أن أختم بأن الفلسفة انفصلت عن العلم في مرحلة ما فاصبحت الاستنتاجات العقلية ليست بالضرورة متوافقة او تطمح الى البحث عن الاثباتات العلمية للاشياء و كذلك لا بد أن أذكر أن الفلسفة المتاحة للجميع و تخاطب تفاصيل الحياة العامة كانت الاقدر من الفلسفة القديمة الجافة المغلقة للنخب. كذلك لا بد أن أذكر الفلسفة الرواقية لأهميتها و إن كنت أجدها سلبية مستسلمة و لكن للفائدة فهي قائمة على التركيز لما نستطيع التحكم فيه و تغييرة مثل ردود افعالنا و مشاعرنا تجاه الاحداث و تقبل ما لا نستطيع التحكم بمستقبله و تغييره مثل الوظيفة و المال و الفقد.

ألخص و أقول أن الفلسفة في مجموعها باستثناء المتشائم منها النابع من معاناة ذاتية أجمعت على أن السعادة حالة تتكرر من السعي و الشعور بالمتع المادية و الروحية في غياب الألم والخوف والقلق للوصول الى الهدوء الداخلي المحاط بحالة من الصفاء و الفراغ و أن أهم اسباب غياب السعادة هو في الغرق بالسعي الى سراب الشهرة و المنصب و النفوذ و الحياة المادية المبالغ فيها فوق الحاجات الضرورية. و أن الانسان قابل لتغيير حياته بوضع اهداف ضمن قدراته تعطي معنى لذاته و تنقله من حالة اليأس و التردد و الجبن إلى النقيض.

يبقى هذه فهمي المجمل للاتجاهات الفلسفية بشقها الإيجابي أحببت أن أشاركه معكم وفق ما هو قابل للكتابة مذكرا أنها أفكار من كتبوها و بالتالي لست ملزما بالدفاع عن أفكار غيري في زمن يدافع الكثير عن أفكار غيره معتقدا أنها أفكاره.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :