حوادث السير "حرب غير معلنة على البشرية" .. ومطالب بتشديد الرقابة
21-05-2023 03:07 PM
عمون - منذر الفاعوري - بالأمس، وقع حادث تدهور وانقلاب حافلة مدرسية كانت تقل اكثر من "40" شخصا فوق طاقتها الاستيعابية والمفترض أن تكون "22" راكبا مع السائق في منطقة دابوق بالعاصمة عمان، حيث نتج عن الحادث إصابة 40 شخصا -معظم الركاب- بجروح ورضوض في مختلف أنحاء الجسم، تم نقلهم الى المستشفيات القريبة لتلقي العلاج اللازم.
وبحسب ما أفاد مصدر مطلع في وزارة التربية والتعليم عمون، فإن الحافلة كانت تقل عائلات في رحلة خاصة ولا علاقة للمدرسة أو وزارة التربية بها.
وبحسب المصدر ذاته، فإن الحافلة تعود لسائقها وتعمل لحساب المدرسة، إلا أن السائق يقوم بتأجيرها في العطل لنقل عائلات في رحلات خاصة.
الاجهزة الأمنية المختصة أجرت تحقيقا مروريا بالحادث، عازية السبب الى التعامل الخاطئ مع المنعطفات وتحميل ركاب أكثر من الحد المقرر.
الى هنا، مر الخبر مرور الكرام حاله حال أي حادث مروري آخر قد لا نقف عنده مطولا، ولكن المتتبع للأحداث يجد أن مثل هذا الحادث قد تكرر سابقا باختلاف بسيط في الزمان والمكان وكذلك الأمر أحدث تعاطفا شعبيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وترك حزنا وحسرة في قلوب ذوي الضحايا او المصابين.
وبالعودة قليلا بالذاكرة، شهدنا بداية أيار الحالي تدهور شاحنة محملة بمادة الحديد بعد فقدان السائق للكوابح وعدم السيطرة عليها بمنطقة نزول العدسية، ما أدى الى سقوط الحمولة على عدد من المركبات واشتعال النيران بثلاث منها، ونتج عن الحادث 8 وفيات وعدد من الإصابات بجروح ورضوض في مختلف أنحاء الجسم.
وقبل نحو شهر من الآن، أصيب 21 شخصا بتصادم حافلة ركاب عمومية وشاحنة في منطقة إيدون على طريق إربد عجلون، وسبق ذلك بشهر ايضا انزلاق حافلة طلاب بالقرب من دوار أبو صياح على اوتوستراد عمان - الزرقاء وانحرافها عن مسارها، ولولا لطف الله وعنايته لحلت كارثة كبيرة نظرا للظروف الجوية التي كانت سائدة وتساقط الأمطار آنذلك.
في العام الماضي شهدنا ايضا يوما حزينا، حيث توفي 3 طلبة واصيب 34 شخصا بمحافظة الزرقاء إثر تدهور حافلة نقل طلبة.
المقدمة السابقة كانت لجزء بسيط من حوادث أثارت واستعطفت الرأي العام وسط مطالبات بتشديد الرقابة على الحافلات ومركبات الشحن، خاصة عند ترخيصها وضرورة تفقدها بين حين وآخر لضمان سيرها بشكل طبيعي على شوارع الأردن، ولعلنا نستذكر في كل حادثة مأساة البحر الميت عام 2018 التي لم تدمل جراحها ولم تجف دموع ذوي الضحايا حسرة على فلذات أكبادهم، حيث يحيي ذوي ضحايا تلك الفاجعة سنويا والتي أودت بحياة 22 شخصا، منهم 19 طفلا كانوا في رحلة مدرسية في منطقة وادي ماعين -لم يكتب لها العودة-.
سيناريو الحوادث المؤلمة لا يتوقف بغض النظر عن أسبابها سواء كانت اهمالا بشريا او ضعف الرقابة خاصة على الحافلات التي تمتلكها المؤسسات الخاصة والنقل العام والشحن والتي يجب أن تكون ضمن مواصفات ومقاييس محددة تضمن سلامة الركاب ومستخدمي الطريق، ما يستدعي الوقوف مطولا عند تكرارها في ظروف وأسباب مشابهة ليس اعتراضا على قدر الله، ولكن حتى نعقل ونتوكل علينا الأخذ بالأسباب والاحتياطات اللازمة وعدم الإهمال في تبديل مكابح او عجلات او صيانة دورية.
أحد المسؤولين اقترح سابقا تقليل فترة الكشف على مدى جاهزية الحافلات المدرسية والجامعية، وعدم ترخيصها الا بتقرير فني يؤكد صلاحيتها -وفي هذا نصيحة أيضا- فكيف لحافلات غير مؤهلة تقل أروحا برئية ربما اطفالا او طلابا او حتى كبارا، فجميعهم لديهم أهل ومحبين وكلها أرواح تستحق أن نحافظ عليها.
إدارة الاعلام والتثقيف المجتمعي في مديرية الأمن العام، دأبت على إعطاء وتقديم محاضرات توعوية لجميع المؤسسات التعليمية والقطاعية في الميدان وداخل أروقة المكاتب، اضافة الى النشرات الاعلامية والرسائل التوعوية المنبثقة في كيفية السلامة على الطريق والعبور الآمن والتأكد من صلاحية المركبات الفنية، اضافة الى الحملات الدورية من مرتبات السير والدوريات الخارجية، ناهيك عن أننا قبل ايام احتفلنا بالأسبوع العالمي للمرور واليوم العربي للمرور، يعد محطة لاستذكار الحوادث المرورية المؤلمة التي ينتج أغلبها من عدم الالتزام بقواعد المرور، والسرعة، فلهم الحق ولهم الشكر والتقدير.
مدير شرطة إربد العميد هزاع الطورة، قال خلال احتفالية بهذه المناسبة إن حوادث السير بمثابة "حرب غير معلنة على البشرية" باعتبارها أصبحت الأكثر فتكا بالأرواح والممتلكات، ما جعل السلامة المرورية تتصدر أولويات مديرية الأمن العام، والعمل على مواجهتها توعويا إلى جانب إنفاذ القانون وتعزيز السيطرة الالكترونية والتقليدية.
الخلاصة أن حوادث المرور أصبحت بشهادة المعنيين والمتضررين على حد سواء، ظاهرة مقلقة ومؤرقة نظرا لما تتسبب به من خسائر في الأرواح والاقتصاد تنعكس سلبا على حياة الناس وتطور المجتمعات، ما يستدعي ترسيخ مفهوم الالتزام بقواعد المرور كسلوك حضاري وقيمي وتثقيفي، الى جانب تشديد اجراءات التفقد والصلاحية والترخيص لسير المركبات على الطريق، حفاظا على حياة "ابن ،أخ ،أم، مسن، ...إلخ ".