facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




غريسا ومحمود الزيودي والوطن


د.طلال طلب الشرفات
22-05-2023 05:38 PM

غريسا رداء الشمس، وأريحة الأمس الباسقة، الواثقة والرابضة على تخوم الأنفة الوطنية، وأكتاف مدينة الجند، ومحمود الزيودي يتجرّع الحزن صمتاً وصبراً ورضى وانعتاق من دمعة حرّى على رفيقة الدرب، دمعة عزّ انفكاكها وسكنت السويداء مقاماً إلى حين، رحلت أم نزار التي أنجبت، وضحّت، وصنعت كغيرها من حرائر الأردن فضاءً شريفاً للوطن؛ جنوداً ورجالاً غير آبهة بمتاع الدنيا، رحلت راضية مرضية، وجاورت الشهداء، والأباة، وصنّاع الفضائل وحسُن أولئك رفيقاً، غادرت وبقي الأثر الطيب، والوفاء العنيد، وما زالت رائحة القمح والمحيّا السمح تُطِل من وجنتي أبي نزار، ولون الشمس شاهدة عطاء في المنجل، وعبير الزعتر البرّي، والصبر المسجى في حنايا الوطن، وطرقات غريسا العتيقة.

غريسا لم تعد قرية بلا سقوف بعد أن هزم دم الشهيد راشد الزيود رواد الظلام، وشذّاذ الآفاق، هبوب الريح صنع للوطن عنفواناً لا يصدأ، وللكرامة الوطنية عنواناً لا يهدأ، المنية ولا الدَّنيّة، وإن عَادوا عُدنا، والدَّم الزَّكي قرباناً نستحضره في كل لحظة ومقام؛ فداءً للتاج والتراب المقدس الطهور. غريسا التبر والتراب هي النقش على حدِّ السيف، وقهوة الضَّيف، السمراء العابقة بالحكايا العتيقة، غريسا ملهمة شريك الهوى الوطني النبيل حبيب الزيودي؛ شذا البوح، وعتب القصيدة، الذي غنّى للثرى، والثريا، ولعمان الحب، وواسط البيت الكبير؛ فغفى غفوته الطويلة الموجعة في هضاب العالوك النَدية:

فإن عطشتِ وكان الماءُ ممتنعا
فلتشربي من دموعِ العين يا بلدي
وان سقطتُ على درب الهوى قطعاً
أوصيكَ اوصيكَ بالأردن يا ولدي.

محمود الزيودي ملح الأرض كما عهدناه، وفارس الكلمة كما ألفناه ، وحارس أمين للهوية الوطنية الأردنية الأصيلة في كل عمل أنجزه أو دور أدّاه، ورسول الأردنيين الصادق لتجليات الدراما الأصيلة، ومفاعيلها الناصعة التي عكست تضحيات الأردنيين، وأحلامهم النبيلة في البناء الوطني، وأداء دورهم المكلل بالغار في الدفاع عن فلسطين، ونصرة الأقصى؛ لم يألف الجنوح نحو الاغتراب، والحداثة المزيّفة التي تغادر القيم والجذور، ولم يأنس لكل مظاهر الردّة الوطنية التي تفتك بقيمنا الحية، وإرثنا الشريف، بل بقي يكتب " للخاكي" والحداء للجيش والحصّادين، وذكرياتنا الجميلة التي خالطت هواه؛ فتمسك بها، وعضّ على الولاء للعرش، والانتماء للأرض بالنواجذ، وعاش شريفاً يعانق الشمس؛ بشرف أمسى عزيزاً على الكثير ممن هم بين ظهرانينا.

الزيودي أثقل علي بالنقد ذات مقال، ولكن ذلك ما زادني -والله- إلا شرفاً بالحوار معه، والوفاء لقلمه ولتاريخه الشريف؛ والسبب أن هذا الرجل قدم للأردن والتراب والهوية أكثر بكثير مما قدمنا، وما زلنا نتلمس في أفقه الكبير، وضميره الوطني الحي طريقنا نحو مساحات النبل الوطني، ومعايير الإخلاص في سعة الوطنية الشريفة، وضيق المواطنة المحفوف بقلق الحساب المقيتة.

غريسا والزيودي توأمان يتبادلان الحكايا والوصايا الشريفة، واذا كانت أم نزار قد رحلت إلى بارئها؛ فالبقاء لله وحده، والأوطان التي تنبت الشرفاء حتماً لا تموت، ولعل الأوجاع تهدأ.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :