facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




النموذج الأردني للإصلاح بديلا عن "التغيير بالصدمة"!


د.زهير أبو فارس
30-08-2023 01:54 PM

لقد اثبتت تجارب العديد من الدول خلال مرحلة بناء الكيانات الوطنية ما بعد حقبة الاستعمار (ومنها بلادنا)، وتحديدا منذ فترة ما سمي "بالربيع العربي".. ان تجربتها الاردنية في ورشتي الحوار الوطني، وما اعقبها من تعديلات دستورية جذرية، وآخرها مخرجات اللجنة الملكية للتحديث السياسي والاقتصادي والاداري.. هي الخيار الصحيح والأكثر ملاءمة وانسجاما مع واقعنا الإجتماعي والسياسي، الذي تشكل وفق سيرورة تاريخية ساهمت في ترسيخها عوامل داخلية وخارجية موضوعية، على الرغم من اختلاف وجهات نظر العديد من نخبنا السياسية والاجتماعية في تحليل أسبابها ومالاتها، اعتمادا على تعدد الخلفيات والمنطلقات الفكرية والاجتماعية، بل والايدولوجية للطبقة السياسية في بلادنا. مع أهمية الإشارة إلى أن ذلك يمثل ظاهرة صحية، وكذا حالة طبيعية مقبولة، بل وضرورية في المجتمعات الحية، التي استطاعت دائما أن تحول الصراع والتباين في الرؤى والمواقف بين فئات وقوى المجتمع، من حالة "المغالبة" و"الصراعات التناحرية" إلى توافقات والتقاء في منتصف الطريق، وحسم التناقضات من خلال الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، كنهج ديموقراطي اثبتت تجارب الشعوب في دول الديموقراطيات الراسخة، وتلك حديثة العهد بها، أنها الخيار الأمثل والأكثر فاعلية، والبديل المجرب للمواجهة، التي تؤدي، لا محالة، إلى الفوضى، والضمانة لمنع الانقسام وزعزعة الاستقرار والسلم الاهلي، وما يرافق كل ذلك من أزمات ومشاكل اقتصادية ووجودية للكيانات الاجتماعية نفسها. وهناك نماذج صارخة في منطقتنا العربية تمخض الاستقطاب والصراع التناحري بين قواها السياسية والاجتماعية عن فوضى وتشرذم ودمار أودى، أو كاد، بكياناتها الوطنية أمنا واستقرارا ووجودا.

ويرى كاتب هذه السطور ان السبب الحقيقي لمالات هذا النموذج الماساوية يعود لكونها اختارت، ما يمكن تسميته بطريق "المغالبة" و"كسر العظم" لحسم خلافاتها وتناقضاتها، وفق "قانون الطبيعة"، المتمثل في مبدأ: "كل شيء أو لا شيء"!، والذي يتناقض جذريا مع القوانين الإجتماعية، وإن تباينت، اعتمادا على المنطلقات الفكرية والايدولوجية.

اما المقاربة الأردنية فقد تميزت وانفردت "بنموذجها" الخاص بها، والمتمثل في حسم الخلافات والمواقف المتباينة من خلال آليات الحوار الهادئ، على قاعدة: لا أحد يملك الحقيقة الكاملة!، واحترام الحق في الاختلاف، وتعدد الأفكار والرؤى، وصولا في المحصلة، الى التوافق لما فيه مصلحة الوطن، بعيدا عن "إرهاب الموقف"، والتمترس خلف مواقف جامدة تصل عند أصحابها إلى مرتبة القداسة.

ويبدو ان النموذج الأردني في الإصلاح المتدرج هو الأكثر ملاءمة لظروف بلادنا، والمنسجم مع واقعنا الإجتماعي المعاش، وكبديل عن خيارات، ما يسمى "العلاج بالصدمة"، الذي ينسف الواقع قبل بناء النموذج المنشود. كما أن نهج الإصلاح المتدرج يفسح المجال لتقييم التجربة اولا بأول، وتعديل المسار ضمن الآليات الديموقراطية الناظمة للحياة السياسية، والتي أصبحت نهجا وطنيا بضمانات ملكية راسخة..

* عضو مجلس الاعيان





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :