facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الهديّــة


رنا شاور
23-03-2011 02:43 AM

« أحنّ إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي، وتكبر فيّ الطفولة يوما على صدر يومِ، وأعشق عمري لأني إذا متّ، أخجل من دمع أمي. خذيني، إذا عدت يوماً وشاحاً لهدبك، وغطّي عظامي بعشبٍ تعمّد من طُهر كعبك، وشدّي وثاقي بخصلة شعرٍ، بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..، عساني أصير إلها..ً إلهاً أصيرُ، إذا ما لمست قرارة قلبك. ضعيني، إذا ما رجعتُ وقوداً بتنور نارك .. وحبل الغسيل على سطح دارك، لأني فقدت الوقوف بدون صلاة نهارك. هرمت، فردّي نجوم الطفولة حتى أشارك صغار العصافير درب الرجوع.. لعشّ انتظارك».

كبرنا وابتعدنا وتعبنا. ثم نعود لنقبض على تعويذة «محمود درويش» كلما اتسعت مساحات التصحّر في حياتنا، وكلما نفذ رصيد الأمان سوى من مرفأ واحد يضيء فناره: أمّي.

ثم يأتي عيد الأم، ونندهش كل عامٍ بذات الوتيرة كيف تنفلت الأيام في خلسة من احساسنا بالوقت؟!. ونبدأ حماساً سنويّاً للبحث لأمي عن هدية، هي أصلاً لا تنتظرها وليست في حاجة إليها.

كنا في العقد الأول من البراءة نُهديها بطاقات معايدة، فثمة حصّة رسم مدرسيّة مخصصة في هذا اليوم لتصميم بطاقة ملونة ذات شرائط ورسومات طفوليّة،لأفاجأ مؤخّراً أنّ أمي لا تزال برغم السنين الطّوال وبرغم اصفرار لون الورق، تحتفظ بتلك البطاقات في الدرج الثالث من خزانتها، بعيداً عمّا قد يصيبها من تلف. كرّت الأعمار وأهدينا أمي رغماً عنها: عطور وساعات ومجوهرات وحقائب، تململت دوماً لقبولها.

كبُرنا، وصارت أمي وهي في السبعين تجدّ في دعوات الرّضى كي تقنعنا بعدم شراء مزيد من الهدايا لها.. فقرّرنا أنها قد تحتاج أكثر إلى مايعينها على تخفيف اعراض الضغط والسكري والروماتيزم والشقيقة والكولسترول، فأهديناها طنجرة قلي بدون زيت، مشواة كهربائية لطعام صحي، ميزان حديث لقياس ضغط الدم، وأوعية لحفظ الأكل طازجا في الثلاجة.. لكن إصرارنا على اهدائها كان يسارع بتكديس هذه الهدايا على الرفوف وداخل الخزائن، لتعود لاحقاً، كعادتها في الإيثار، فتوزّع علينا ما أحضرناه لها!.

أمي وأمهات كثيرات شجرة توت باذخة، تعطي فلا يهمها عناية أو تقصير. أمي وأمهات كثيرات كفصول السنة، في كل موسمٍ عطاءٌ وحصادٌ وثمرٌ جديد. أمي وأمهات كثيرات سنظل نهرب إليهن كلّما اشتدت الحاجة إلى جدار منيع يصدّ عنا رهق الحياة، حتى لتبدو لحظة طمأنينة، بين جدران دارها ورائحة خبزها وطعم شايها، غير قابلة لأن تستبدل بشيء.

(الرأي)





  • 1 وليد 24-03-2011 | 01:30 AM

    رائعة


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :