facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العفو العام .. التوقيت والدلالات


د.زهير أبو فارس
26-03-2024 10:31 AM

التوجيهات الملكية للحكومة بإعداد مشروع قانون للعفو العام الرابع في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني، والثامن عشر، منذ تأسيس الدولة الاردنية، قبل مائة عام، تأتي، وبلدنا يحتفل باليوبيل الفضي لتسلم الملك سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش، مدشنا عهدا جديدا للمملكة الهاشمية الرابعة، عنوانه: الإصلاح السياسي المتدرج، وتحديث الدولة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والإدارية، والثقافية، وغيرها، مما يعطيه دلالاته الخاصة في هذه المرحلة التاريخية بالذات. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، الاهتمام الملكي بالهموم الداخلية التي يعيشها مواطننا الاردني.. اقتصاديا واجتماعيا،وبخاصة في شهر رمضان، وعلى أبواب عيد الفطر المباركين. مع أهمية الإشارة إلى أنه(العفو)، لا يعني، باي حال، المساس او التفريط، بالحقوق الشخصية والمدنية للمواطنين، ولا يتعارض مع مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي،بل يمثل فرصة لإصلاح المجتمع، من خلال مراجعة الذات، للعودة إلى جادة الصواب.

وهنا، يمكن تناول هذه المبادرة الملكية من ثلاث زوايا:

الأولى-إنسانية، وهي نابعة من فلسفة «الأنسنة «التي يقوم عليها حكم الهاشميين منذ تأسيس الإمارة، وصولا الى عهد الملك عبد الله الثاني في المملكة الرابعة، ليكون هذا العفو، في حال اقراره من مجلس الأمة، حدثا وطنيا، انتظره ناسنا بفارغ، الصبر، مما سيخفف من الاعباء الاقتصادية والاجتماعية على المواطنين. وهنا يمكن الوصول الى ما يشبه المصالحات العدليةبين المواطن والدولة وحقوقها.اي ان العلاقة بين الحكم والشعب تؤكد فلسفة احترام حقوق ومصالح الانسان الأردني، والاهتمام باوضاعه وشؤون العامة، بل ان الاهتمام يبدو أكثر وضوحا تجاه الفئات الضعيفة وأصحاب الحاجة، في إطار العدالة والمساواة وسيادة القانون ؛

الثانية–سياسية داخلية، حيث أثبتت مسيرة بلدنا خلال قرن من عمر الدولة الأردنية الحديثة، ان الحكم الهاشمي بقي، على الدوام، مسكون بهموم شعبه، الذي يبادله الوفاء والرعاية بمزيد من الولاء والوفاء والالتفاف حول قيادته. ومثل هذه المكارم واللفتات الملكية دليل على ما نزعم، حيث أصبحت جزءا من التقاليد الهاشمية التي اعتاد عليها الأردنيون، بل وينتظرونها، بين فترة وأخرى، انطلاقا من فلسفة التسامح، وسعة الصدر،والعفو، كنقيض لسياسات العقاب والعنف والثار، التي لا يطيقها الهاشميون عبر تاريخهم الممتد. كما أن هذه الفلسفة هي جزء من تراثهم والرسالة التاريخية التي يحملونها، جيلا بعد جيل ؛

الثالثة -فلسفة وقيم الإصلاح، والتطوير، والوسطية، والتسامي على الصغائر، المستمدة من إرث ديني حضاري أصيل، من منطلق أن الوقوع في الخطأ، والجنوح عن جادة الصواب، هي جزء من الطبيعة البشرية. بل ان ديننا الحنيف قد أشار إلى هذه الخاصية البشرية، وإلى الفرص المفتوحة للتوبة وتصحيح المسار، وهي المبادىء، إياها، التي يعتمدها الهاشميون في التعامل مع شعبهم، وحتى مع كثير من المعارضين «التناحريين » حد «كسر العظم»، ليقابلوهم بالحلم، «وجبر» الخواطر، وسعة الصدر، والتسامح، بل وإشراكهم في المواقع والمناصب السياسية والإدارية. لذلك بقيت اياديهم الطاهرة نظيفة، لم تلطخ بدماء، حتى أشد المعارضين لهم، وسمت نفوسهم الطيبة، التي لامكان فيها للضغينة والثار والانتقام، على الصغائر.. وهي أخلاق اشراف العرب وسادتهم.

كما أن الحكم عندهم يقوم على مبدأ الأسرة الواحدة المتماسكة، التي تحتوي الجميع تحت خيمتها الواسعة، ليكون العفو والتسامح جزءا من منظومتهم الاخلاقية هذه، التي ترعى ابناءها، وتوفر الفرصة لمن حاد عن الطريق السوي، للعودة عضوا فاعلا في مجتمعه وبين أهله.

وأخيرا، فإن النظر إلى هذا العفو الملكي، وفي هذه الظروف الاستثنائية، والتحديات التي تواجه بلدنا داخليا وخارجيا، يجب أن تتم من منظار مصلحة الوطن عموما، وبناء مجتمع التسامح والمودة، وتحصين بلدنا لمواجهة الأعداء الطامعين المتربصين به، والحاسدين على دوره ومنجزاته.

ويقينا ان هذا العفو الملكي ليس عامل ضعف، بل مصدر قوة وثقة والهام لمجتمعنا، ونظامنا السياسي،

والوطن الأردني عموما. كما يمثل انفراجة اجتماعية، وفرجا وراحة لنفوس العديد من الأسر، التي لطالما انتظرت هذه اللحظة، ومحطة ينطلق منها مجتمعنا، بكافة أبنائه وبناته، بحماس وطاقة إيجابية جديدة، نحو المزيد من العطاء والبناء والمنعة.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :