انتهى العدوان على غزة .. وهذا هو المطلوب
صالح الراشد
18-01-2025 02:22 PM
انتهى العدوان وسيُشاهد أبناء غزة سمائها دون خوف من أزيز الطائرات وصواريخها، ويعانقون زُرقة البحر دون خوف من صياد يتربص بهم، ويغفون في الخيام والبيوت المهدمة بسلام، ويحلمون بغزة وقد عاد إليها بهائها وضيائها وأمانها، سيفتقدون الاحباب والأصدقاء وهم يتجولون بين البيوت الخَرِبة والشوارع المُدمرة، وسيزورون القبور الجماعية ويقرأ كل منهم الفاتحة على من فقد في حرب لم يكن لهم قرار في اشتعالها أو نهايتها، سيبحثون بين الأنقاض عن الذكريات وصور الأحباب لعل الصور القديمة تغذي ذاكرتهم بالأمل كون صور اليوم لا تحمل إلا الوجع، ففي هذا الزقاق استشهد الكثيرون وفي ذلك الشارع لم يعرفوا هوية الشهداء وتلك البيوت نامت على أسرارها ولن تعود تحمل ذاك الضجيج الحبيب.
انتهى العدوان وتراجع الكيان صاحب البطولات على الأطفال والنساء وعلى شعوب ترتعب من اللقاء، وأدرك نتنياهو الذي يقود جيش يستمتع بالقتل ولا يُجيد القتال انه لا يقوى على الفرسان والشجعان، وأن جنوده بلا السلاح الأمريكي دُماً خشبية لا يعلو لهم نعيقهم إلا بفضل الصمت العربي، ولم نسمع سوى زئير أهل غزة الذين تحملوا كل أنواع القهر ورفضوا الهروب من قطاعهم، وكانت رسالتهم واضحة بأننا صامدون في القطاع حتى إن قطعتنا الصواريخ الصهيوأمريكية، ليكتبوا نهاية العدوان ويعودون لمنازلهم المدمرة ولأراضيهم التي حرثها الطيران العسكري وزرعها بالدم ليزرعها أهل غزة بالخير.
وفي العالم العربي الذي لم تبقى من عروبته إلا لغة الضاد فقد غردوا وهللوا وتسابقوا على صفحات العالم الافتراضي للتغني بنصر كُتب بدم أهل غزة فقط، فاحتفل غالبيتهم بنصر غير مكتمل وحولوه لفتح مبين وكأنهم حملوا السلاح وحاربوا أو هُجروا من بيوتهم وصبروا أو كأنهم فقدوا أبنائهم وبناتهم ووالديهم شهداء واحتسبوا، هللوا والكل يدعي النصر في عالم الهُلام حتى يحصلوا على حصتهم من نصر صنعه أهل غزة، فما أكذبكم أيها العرب وما أقل مروأتكم وما أعظم جرأتكم باجترار الكذبة تلو الأخرى لسرقة دماء الشهداء وجراح المصابين.
انتهى العدوان ومعه بدأ الحساب والعمل ليوم أفضل، انتهى العدوان وسيبدأ الإعمار ومعه لا يجب التوقف عن مُطاردة مردة شياطين الكيان في المحاكم الدولية، والبناء على قرار المحكمة الجنائية بمحاكمة نتنياهو لقتلة حوالي خمسين ألف فلسطيني ومئة ألف مصاب وتدمير أكثر من سبعين ألف بيت، وتسببه في وجود الآلاف اليتامى ومئات الالاف ممن أصبحوا بحاجة لعلاج نفسي، لتكون محاسبة المجرم حق واجب التنفيذ لتعزيز المواقف العالمية، وهنا نشكر جنوب أفريقيا لارتدائها ثوب العزة والكرامة بانتصارها لشعب تتم إبادته بقرار غربي بقيادة واشنطن، فيما اكتفى العرب بالدعاء والجهاد بالسنن ليكونوا في مقدمة صفوف المتخاذلين، وينتظر العالم الحُر قرار الجنائية الدولية ليتأكد بأنه لا يوجد صفقة دولية بوقف الحرب مقابل التنازل عن حق الدماء الفلسطينية التي شارك الكثيرون في نزفها.
آخر الكلام:
على الشعب الفلسطيني في غزة تشكيل لجنة وطنية من كبار الخبراء الذين عانوا من العدوان، لتقييم ما جرى منذ السابع من أكتوبر بحيث تتكون اللجنة من خبراء وسياسيين ومهندسين وأطباء واقتصاديين من أجل تحديد مستقبل غزة، ويجب عدم ترك مستقبل غزة للعوام أتباع القنوات الفضائية المسيرة وذات الأجندات الخادعة والكاذبة، كما يجب أن يتم البحث في أولويات الحكم وأيهم أفضل أن يكون الحُكام من رجال العسكر أو رجال الاقتصاد للنهوض بغزة.