يقود الرئيس ترامب بلاده صوب العزلة الدولية والإنهيار وعودتها لولايات منفصلة لكل منها نظامها، وقد تنبأ عالم الاجتماع الفرنسي "ايمانويل تود" بسقوط الإمبراطورية السوفيتية وهذا ما حصل، وفي كتابه بعنوان "ما بعد الإمبراطورية" توقع انهيار النظام الأمريكي" وأفول نجمها كقوة عسكرية واقتصادية عظمى، ولخلص تود معضلة الولايات المتحدة بقوله: "بعد سنوات من النظر إليها باعتبارها قادرة على حل المشاكل، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مشكلة لبقية العالم"، فواشنطن بقيادة ترامب تتعامل مع جميع دول العالم على أنهم أتباع عليهم تطبيق القرارات التي يصدرها البيت الأبيض دون نقاش، وتخلو هذه القرارات من أي لباقة سياسية وتحمل مظاهر الغطرسة والتباهي بالقوة .

وللهروب من المصير المحتوم للولايات المتحدة للحاق بالاتحاد السوفيتي تقوم واشنطن بشمل مستمر بافتعال حروب وقضايا خارجية في محاولة لتأجيل النهاية المتوقعة كما وصفها تود، والتكهنات بأن الولايات المتحدة ستتصدع من الداخل بتمزق ولاياتها وتحولها لدول خارج الفيدرالية الأمريكية، وحتى يحصل هذا الأمر فإنها بحاجة لرئيس ضائع فكرياً يركب "روسينانتي" حصان الدونكيشوت باحثاً عن بطولات وهمية ليكتب اسمه بتاريخ الولايات المتحدة بأحرف من ذهب، لكن الحقيقية أنه لن يحقق شيء وسيكتفي بمحاربة طواحين الهواء ويعود معتقداً بأنه المنتصر رغم فشله في تحويل جميع قراراته إلى واقع حقيقي في ظل القرارات المضادة لدول العالم.

فترامب الحالم بعالم من العبيد سيكتشف أنه حول الولايات المتحدة إلى عدو ينبذه الجميع بسبب عنجهية الرئيس وقراراته، ومنها طلبه من الدانمارك أن تتنازل عن جرينلاند للولايات المتحدة وطلب من كندا أن تصبح الولاية الحادية والخمسين الأمريكية، كما طالب بنما أن تتنازل عن قناة بنما لأمريكا، وطالب السعودية باستثمار تريلون دولار في أمريكا وأن تستوعب الأردن ومصر سكان غزة وأن الكيان يحب أن تزداد مساحته، وطلب من دول الناتو زيادة الإنفاق العسكري 2% من ناتجها القومي وأن تزيد منظمة اوبك إنتاج النفط لإضعاف روسيا، وطلب أيضاً من ألمانيا واليابان دفع مليارات الدولارات مقابل القوات الأمريكية على أراضيها، كما ويريد الهيمنة على الصين بزيادة استيرادها من الولايات المتحدة، وفرض زيادة الضرائب على البضائع المستوردة من كندا والصين والمكسيك لترد هذه الدول بذات الطريقة برفع الضرائب على السلع الأمريكية، ليجد الأمريكيون أنفسهم محاصرين ويعانون من إرتفاع غير مسبوق للأسعار.

إن ما طلبه ترامب يعتبر إعلان حرب على جميع الدول الصديقة وغير الصديقة، وهو ما سيجعل العالم أجمع لا يثق بالولايات المتحدة لتتجه دوله صوب إنشاء تكتلات اقتصادية على طريقة بريكس، وهذا أمر في غاية الخطورة لواشنطن وسيساهم في هبوط سعر الدولار وربما اختفاءه من التعاملات الخارجية،، وحينها لن يصمت أصحاب رأس المال الأمريكي بسبب الكساد الكبير الذي سيلحق بمنتجاتهم وسيدافعون عن أنفسهم ممن تسبب في تراجع قوتهم المالية، وهذا سيقود عديد الولايات التي تعتمد على تجارتها مع العالم للمطالبة بالإنفصال عن الولايات المتحدة لإنقاذ نفسها من الحصار العالمي بسبب ضرائب ترامب، ولن يكون بمقدور القوات الأمريكية المنتشرة في العالم شن حرب على جميع الدول بذات الوقت، لتتفسخ الولايات إلى دول على طريقة الاتحاد السوفيتي وكل هذا بسبب عنجهية البيت الأبيض الذي سيسميه الأمريكيون بالبيت الأسود.

آخر الكلام:

وصفت ابنة شقيق الرئيس ترامب، ماري ترامب عمها في كتابها "أكثر من اللازم دون اكتفاء" إنه نرجسي، وإنه يهدد الآن حياة جميع الأمريكيين، وتساءلت ماري، كيف خلقت أسرتي أكثر رجل خطورة في العالم.