هل تُعلن غزة استقلالها ؟!
04-02-2025 10:14 AM
انتهت الحلول الترقيعية لإعادة العلاقات الفلسطينية بين غزة والضفة بعد أن وصلت الأمور بينهما إلى طريق مسدود يرفض كل منهما الآخر، بل تمتد أطماع السلطة للاستيلاء على غزة وإعادتها لبيت الطاعة، فيما غزة تبحث عن تغيير نظام السلطة وإيجاد نظام تابع لها، هذه المعادلة تعيدنا للمثل الفلسطيني "مركب الضرائر سار ومركب السلفات إحتار"، وهذا ما حصل في مركب غزة والضفة حيرة ما بعدها حيرة ولن يجدا مرفأ عربي أو إسلامي يلجئان إليها لحل قضية التمزق الفلسطيني، الذي لا حلول له في ظل وجود سلطة فلسطينية وضعت نفسها تحت أمر الاحتلال بفضل إتفاقات مجحفة بحق الوطن الكبير، وسلطة حماس الباحثة عن مصالحها الخاصة بالبقاء لتتمكن من القيادة.
وحالياً فشل الطرفان الفلسطينيان في إيجاد حلول ظاهرة وعلى أسس ثابتة لإنهاء الخلاف، ليكون الحل الأخير بالبتر وذهاب الضفة وغزة كل في طريق، وقيام سلطة غزة باستفتاء شعبي للإنفصال عن الضفة وإعلان غزة دولة مدنية مستقلة، وعندها على سلطة غزة بغض النظر عن تركيبتها أن تتحمل شؤون إدارة الدولة كاملة، وإنهاء الوضع الحالي الذي تقوم من خلاله سلطة رام الله بالإنفاق على جميع المؤسسات الحكومية في غزة، لا سيما انه لا يوجد حدود مشتركة بين الضفة وغزة لوجود الكيان كعازل بينهما، ويمثل هذا الأمر انفصال جغرافي للجزئين من فلسطين ويؤدي لصعوبة التنقل بينهما حيث يحتاج لتنسيق مع قوات الكيان، وهذه حالة غير طبيعية في الخارطة العالمية وقلما نجدها إلا في دول ترتبط مع بعضها بعلاقات سياسية مميزة مثل ولاية مدحاء العمانية الواقعة بكاملها في الأراضي الإماراتية.
لقد أثبتت الحروب المتتالية في فلسطين بين الكيان وشعب فلسطين أو بانفصال الجسد الفلسطيني لجزئين خسارة جميع من شاكوا فيها، وأهل غزة أصبحوا بعد سلسلة من الحروب بحاجة للسكينة والهدوء لإعادة ترتيب أمور حياتهم، وهذا ليس بالأمر السهل ولن يقدمه لهم أحد من الخارج، ونتذكر حين قال رابين: " اتمنى أن أصحوا واجد البحر قد ابتلع غزة"، فيما العرب يشعرون بأن غزة عبء ولا أحد يريد تولي إدارتها، بدورها فان السلطة الفلسطينية تقبع تحت حكم الاحتلال وهذ أمر لن يمكنها من حكم غزة، لذا لم يبقى لغزة إلا أهلها الذين لن يكونوا قادرين على المحاربة للأبد وهو ما يوجب على حماس زيادة اهتمامها بالشعب الذي عانى الكثير وتوفير الرفاهيه له، وهذا أمر ليس بالمستحيل إذا تحولت حماس لسلطة تُدير دولة ولها واجباتها الكاملة لصناعة النهضة .
ان على أهل غزة وسلطة حماس أن يمتلكوا الجرأة في تقرير مصيرهم بالاستفتاء على الانفصال وتحمل مسؤولية القرار، والقيام بإنشاء دولة على طريقة سنغافورة بإنشاء ميناء ومطار واستخراج الغاز، وقبل كل ذلك إعلان غزة دولة مدنية تجري فيها انتخابات نزيهة بإشراف دولي حتى يتقبلها العالم الذي لا يعارض في تقبل رجال الدين، كما فعل مع سوريا ونظامها الحاكم الجديد حيث تقبلهم ودافع عنهم، وعندها قد نشاهد سنغافورة جديدة في العالم العربي تكون قادرة على منافسة الدول الغنية وتصبح أحد أهم مراكز التجارة العالمية البحرية.
آخر الكلام:
الإنفصال عند العرب مقبول وليس بالأمر الجديد، فقد انفصلت اليمن إلى يمنين والسودان إلى دولتين مبدئياً كونها قابلة للزيادة، وسوريا والعراق في الطريق للإنفصال إن لم تصبح الدول المركزية أقوى، كما انفصلت ارتيريا عن إثيوبيا وانفصلت التشيك وسلوفاكيا، والجبل الأسود وكوسوفو عن صربيا، وبالتالي فان انفصال غزة عن الضفة لن يشكل حالة شاذة في النظام العالم وسيلاقي استحسان وقبول عربي دولي.