الانتخابات الألمانية .. تحالفات "غير متوقعة" تقلق المهاجرين العرب
06-02-2025 06:40 PM
بعد مضي عقد على تطبيق ألمانيا سياسة "الباب المفتوح" أمام اللاجئين السوريين، سارعت برلين، وعدة دول أوروبية، إلى تعليق طلبات اللجوء المفتوحة للسوريين بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الفائت، فقبل عقد وعندما كانت المعارك على أشدها في سوريا، قالت المستشارة آنذاك أنغيلا ميركل عبارتها الشهيرة: (Wir schaffen das) أي يُمكننا أن نفعل ذلك، التي اعتبرت حينها عنوانا لسياسة الدولة تجاه اللاجئين.
في الوقت الراهن يراقب أبو عيسى -لاجئ سوري- بعين القلق والتوجس القرارت الجديدة التي تتعلق بتقييد إجراءات لم الشمل للمهاجرين في ألمانيا، ومع أن البرلمان الألماني (البوندستاغ)، أسقط في جلسته المطوّلة يوم الجمعة 31 كانون الثاني الماضي، مشروع قانون تقدّم به زعيم حزب CDU، فريدريش ميرتس، ودعمه حزب "البديل من أجل ألمانيا AFD "، إلا أن ذلك لم يبدد مخاوف أبو عيسى، وهو الذي وصل نهاية العام 2022 وحصل على حق اللجوء.
ويتجه الناخبون الألمان في الثالث والعشرين من الشهر الجاري إلى صناديق الاقتراع للتصويت في انتخابات تشريعية مبكرة، لكن الألمان من أصولٍ مهاجرة عربية لهم ثقل فيما لو كان إقبالهم مكثفا، سيما وأنه نحو 260 ألف لاجئ سوري حصلوا على الجنسية الألمانية، فيما يتبقى أكثر من 700 ألف يعيشون بإقامات لجوء، أو إقامات حماية مؤقتة بانتظار استيفاء شروط الحصول على الجنسية.
ويرى الصحفي السوري المختص بالشأن الألماني محمد الشيخ علي أنه من الضروري على الجاليات العربية منهم المشاركة في التصويت رغم وجود أصوات ضمن الجالية تتساءل حول جدوى المشاركة ويستشهد بالمقولة الألمانية "Jede Stimme zählt" أي كل صوت له قيمته.
ويرى الشيخ علي أن هناك بعض الأحزاب الألمانية تتماهى مع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهة ترحيل المهاجرين جماعيًا، ومن ضمنهم ميرتس الذي عبّر عن السلوك الذي سيتبعه في التعامل مع المهاجرين على اعتبار أنه المرشح الأوفر حظًا للفوز بالمستشارية.
وفي سابقة في تاريخ السياسة الألمانية تشهد التحالفات الحزبية تكتل أحزاب يسارية وأحزاب معتدلة CDU, FDP, BSW مع حزب اليمين المتطرف AFD ، الحزبِ الذي يدعو الى طرد الاجانب ووضع قيود على كل أجنبي.
وختم الشيخ علي كلامه بالقول: "نحن في بلد حر، لذلك أنا لا أدعو السوريين للتصويت إلى حزب بعينه ولكن يجب أن يكون الناخب على دراية بسياسة الحزب الذي سيصوت له وكيف ينظر لنا، ونحن اليوم كسوريين سواء من حملة الجنسية الألمانية أو ممكن لم يتمكن بعد بالحصول عليها، مدينون لألمانيا لذلك ينبغي علينا أن نقف بجانبها في وقت الشدائد، واليوم أرى بأن التصويت ضد الأحزاب اليمينية المتشددة هو واجب إنساني وواجب أخلاقي تجاه هذا البلد، لأن التطرف السياسي اليميني خطر على ألمانيا ولنا في تاريخ الحربين العالميتيين عبرة وذكرى".
ووفقا لمقترح ميرتس الذي تقدم به سابقا للبوندستاغ، فإن قيودا حدودية صارمة ودائمة سيتم ضربها مع جميع الدول المجاورة لمنع تدفق اللاجئين، ومنع دخول أي شخص لا يحمل وثائق قانونية، إضافةً إلى تنفيذ عمليات ترحيل يومية، بما في ذلك رحلات العودة المنظمة إلى سوريا.
محمد داوود طالب في جامعة EBC للعلوم التطبيقية في هامبورغ، يرى بأن الأحداث الأخيرة داخل ألمانيا وخارجها عززت تصاعد النقاش حول الهجرة، كما أن الهجوم الدامي على سوق عيد الميلاد في مدينة ماغديبورغ، الذي نفذه شخص كان يحمل وضع لاجئ في ألمانيا، بالإضافة إلى عدة هجمات بالطعن من مهاجرين في عام 2024، فما كان من البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية إلا التناغم مع هذه المطالب والإعلان عن سياسات أكثر تشددًا .
وأضاف محمد أن نهاية الشهر الماضي وتحديدا الأربعاء الماضي (22 يناير/ كانون الثاني 2025) أدى هجوم بالسكين وقع في متنزه بجنوب ألمانيا، لمقتل شخصين أحدهما طفل وإصابة آخرين بجروح بالغة، على ما أعلنت الشرطة وكان المشتبه به أفغاني، ما أثار الكثير من الجدل حول تنفيذ عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم.
ويلفت محمد أنه لا يمكن إغفال سقوط الدكتاتور السوري بشار الأسد في زيادة الجدل حول قضايا الهجرة واللجوء، خصوصًا في ألمانيا التي تحتضن واحدة من أكبر جاليات اللاجئين السوريين في أوروبا حيث يُثار النقاش الآن حول ما إذا كان يجب على هؤلاء اللاجئين العودة إلى سوريا في الوقت الحالي، وهو أمر يشغل اهتمام السياسيين والناخبين على حد سواء.
إلى أن يتم إجراء الانتخابات بعد أيام قليلة، يبقى أبو عيسى والكثير ممن ينتظر إجراءات لم الشمل أو الحصول على الجنسية أو تجديد الاقامات من اللاجئين على أعصاب مشدودة لأن لا يمكن لأحد ان يتكهن بنتائج انتخابات من هذا النوع من ضبابية المشهد وخلط للأوراق.
الجدير بالذكر أن الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU) وشقيقه الاجتماعي المسيحي (CSU) في مقاطعة بفاريا اللذان يشكلان معًا ما يُعرف بـ "الاتحاد"، يخططان إلى إعادة صياغة سياسة الهجرة بشكل كامل، والابتعاد عن سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، وشغلت ميركل منصب المستشارة بين 2005 و2021، وكان نهجها المفتوح في قضايا اللجوء قد ساهم في استقبال نحو 1.3 مليون لاجئ في الاتحاد الأوروبي بعد عام 2015. هذه السياسة التي انتقدها فريدريش ميرتس، مرشح الحزب بالقول: "لقد ارتكبنا أخطاء أثناء وجودنا في الحكومة، وتعلمنا منها".