حقيقة صادمة عن الزواج: 69% من المشكلات لا تُحل ولكن لا تدمر العلاقة!
د. أحلام ناصر
07-02-2025 02:15 PM
اذا كنت تعتقد أن الزواج الناجح هو الذي يخلو من المشاكل، فأنت لست وحدك. كثيرون يظنون أن الشجار المستمر أو عودة نفس النزاعات تعني أن العلاقة في خطر، لكن الدراسات تكشف حقيقة مدهشة: 69% من المشكلات الزوجية لا تُحل أبدًا، ومع ذلك، لا تؤدي إلى الطلاق! قد تبدو صادمة، لكنها تحمل في طياتها رسالة أمل، أن الخلافات الزوجية ليست علامة على فشل العلاقة، بل هي جزء طبيعي منها، وطريقة التعامل معها هي التي تحدد مدى نجاح الزواج واستمراريته.
هذا ما توصل إليه الباحث الشهير جون غوتمان، الذي أمضى أكثر من أربعة عقود في دراسة العلاقات الزوجية، ليكتشف أن الخلافات المستمرة ليست بالضرورة مؤشرًا على فشل العلاقة، بل قد تكون جزءًا طبيعيًا من الزواج الصحي. ولكن إذا لم يكن الحل هو المفتاح، فكيف يمكن للأزواج الاستمرار رغم كل هذه المشكلات؟.
في هذا المقال، سنستكشف كيف يمكن للأزواج حول العالم التعامل مع النزاعات بطريقة صحية، وفقًا لنظرية "الحلم داخل النزاع" التي طرحها غوتمان، والتي تساعد في فهم جذور المشاكل الزوجية وتحويلها إلى فرص لتعزيز العلاقة.
قد تبدو بعض الخلافات اليومية قابلة للحل، ولكن الواقع أن معظمها يعود لأسباب متجذرة في الشخصية والقيم والتوقعات الفردية، على سبيل المثال، الخلافات حول ترتيب المنزل، وتربية الأطفال، وأسلوب الإنفاق غالبًا ما تعكس اختلافات أعمق في طريقة التفكير ونمط الحياة لكل من الزوجين. يوضح ذلك غوتمان بأن الأزواج الذين يدركون أن بعض المشاكل لا يمكن حلها تمامًا، ولكن يمكن التعايش معها بذكاء، هم الأكثر سعادة واستقرارًا. الفكرة ليست التخلص من المشكلة، بل إيجاد طريقة للتعامل معها دون أن تؤثر سلبًا على العلاقة.
ومن هنا طرح غوتمان نظرية الحلم داخل النزاع، والتي تفسر وتطرح حلا لما الذي نخفيه وراء خلافاتنا؟.
كل نزاع زوجي يحمل في طياته أحلامًا أو مخاوف غير معلنة، فمثلاً، قد يتحول نقاش بسيط حول التأخر في العودة إلى المنزل إلى خلاف كبير، ليس بسبب التأخير بحد ذاته، ولكن لأنه قد يعكس شعورًا بعدم التقدير أو الحاجة إلى المزيد من الاهتمام. يُطلق غوتمان على هذا المفهوم "الحلم داخل النزاع" ماذا يخفي كل نزاع زوجي؟ أي أن كل مشكلة متكررة ترتبط برغبة أو توقع داخلي لم يُعبر عنه بوضوح. عندما يدرك الأزواج هذه الحقيقة، يمكنهم التعامل مع النزاع بطريقة بنّاءة بدلًا من الاستمرار في دوامة الجدال العقيم والذي لا يؤدي الى التوصل الى حل او عدم تكرار نفس المشكلة في المستقبل.
في المجتمعات العربية، حيث الأسرة هي ركيزة الحياة الاجتماعية، قد يكون من الصعب او غير المألوف نتيجة للثقافة المجتمعية للرجال والنساء على حدٍ سوا، من التعبيرعن احتياجاتهم ومخاوفهم بحرية وانفتاح. ولكن، كما تشير أبحاث غوتمان، الى أن الحل ليس في تجنب او تجاهل او تجذيرالخلافات الزوجية، بل في تغيير طريقة التفاعل والتعامل معها.
بدلاً من الانشغال بمحاولة تغيير الطرف الآخر أو فرض أسلوب معين في العلاقة الزوجية، من الأفضل أن يتم التركيز على كيفية التعايش مع هذه الاختلافات باحترام، وقبول أن بعض المشاكل لن تُحل أبدًا عند نشوب خلاف مع شريكك، حاول أن تسأل نفسك عن معنى المشكلة بالنسبة لك، فقد يكون وراء الخلاف شعور بعدم التقدير أو الإحساس بعدم الأمان. حاول أن تكتشف التوقعات أو الأحلام التي لم تُعبّر عنها بعد، لأن كل نزاع قد يكشف عن رغبات أو احتياجات عميقة لم تتم مناقشتها بشكل واضح. بتطبيق هذا المنظور، يمكنك تحويل الخلافات إلى فرصة لفهم أعمق لما يجري في العلاقة.
التركيز على التواصل العميق بدلًا من الجدل، بدلًا من التركيز على من المخطئ ومن المحق، حاول أن تركز على فهم المشاعر الكامنة وراء المشكلة. بدلاً من تحويل الخلاف إلى معركة لإثبات من هو الأصح، يمكن أن يؤدي الحوار الهادئ والصادق إلى تعزيز الفهم المتبادل بينكما. هذا النوع من التواصل يساهم في بناء الثقة ويتيح لكما اكتشاف بعضكما البعض بشكل أعمق.
لا تجعل كل نقاش معركة، من المهم أن تفهم أن الخلافات الزوجية ليست حربًا يجب أن يخرج منها احد الزوجين منتصرًا. في الواقع، التعامل مع النقاشات كفرصة لفهم شريكك بشكل أفضل، يمكن أن يقوي العلاقة، ويقلل من التوتر والصراعات المتكررة. بدلاً من السعي للانتصار في النقاش، ركز على استكشاف وجهات النظر المختلفة وتقديم الدعم العاطفي.
كما أن الاعتراف بأننا مختلفين هو امرٌ طبيعي، ان العلاقات الناجحة، لا تعني أن الزوجين متشابهان تمامًا، بل على العكس، النجاح في العلاقة يكمن في تقبل واختلاف كل طرف عن الآخر. الاحترام المتبادل لهذه الاختلافات يمكن أن يخلق بيئة صحية، بحيث يشعر كل طرف بالقيمة المضافة والفعلية والتقدير في العلاقة.
قد يبدو النزاع الزوجي أمرًا مرهقًا، لكنه ليس دليلًا على فشل العلاقة، بل فرصة لفهم أعمق لبعضنا البعض. إذا تعامل الأزواج مع النزاعات بوعي، يمكنهم تحويلها إلى جسر للتفاهم والتقارب بدلاً من أن تكون سببًا للانفصال. كما أن النجاح في الحياة الزوجية لا يأتي من غياب المشاكل، بل من القدرة على التعامل معها بحكمة ومرونة. فحينما ندرك أن الخلاف ليس دائمًا يدور حول السبب الظاهري، بل حول الاحتياجات العاطفية العميقة ، يمكننا بناء علاقة أكثر قوة وسعادة على المدى الطويل. على سبيل المثال، قد يظهر الخلاف على أنه انزعاج الزوجة من كثرة خروج الزوج مع أصدقائه، لكنه في الحقيقة يعكس حاجتها إلى مزيد من الاهتمام والتواصل العاطفي معه، وليس مجرد اعتراضها على وقته مع أصدقائه.
في الختام: لا تحاول القضاء على النزاعات، بل تعلم كيف تديرها!
إذا كنت تعتقد أن الزواج السعيد او المستمر يعني غياب الخلافات، فقد حان الوقت لتغيير هذه النظرة. الحقيقة هي أن الخلافات الزوجية ليست العدو، بل طريقة التعامل معها هي التي تحدد نجاح العلاقة أو فشلها. من خلال تقبل أن بعض المشكلات ستظل موجودة دائمًا، والتركيز على فهم المشاعر والتوقعات الخفية وراء النزاعات، يمكن للأزواج بناء علاقات أكثر استقرارًا ومودة. نخلص بالقول ان السر ليس في إيجاد شريك خالٍ من العيوب، بل في إيجاد شخص يمكنك أن تحب وتتفهم عيوبه، ويحب ويتفهم عيوبك بالمثل.
في النهاية،هل سبق لك أن واجهت نزاعًا متكررًا في علاقتك الزوجية؟ كيف تعاملت معه؟ شاركنا تجربتك أو رأيك في التعليقات.