"الأردن وفلسطين .. وحدة المصير وصمود الهوية في وجه التحديات"
د. منذر النمر العبادي
07-02-2025 06:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب الأردني العظيم،
عندما نتأمل في صفحات التاريخ المشرقة، نجد أن العظماء لا يُعرفون بأقوالهم، بل بأفعالهم، وأن الأمم لا تنهض بالشعارات وحدها، بل بالعزم والعمل والتضحية. ومن بين أعظم النماذج التي سطّرها التاريخ، نجد قصة سيف الدين قطز، ذلك القائد الذي لم يرضخ للواقع الأليم، بل واجه المغول، القوة التي ظنها العالم لا تُهزم، وانتصر في معركة عين جالوت.
في وقت كان فيه المسلمون يعيشون الفرقة والانقسام، وقف قطز شامخًا، مدركًا أن المسؤولية لا تُلقى على غيره، بل يحملها هو بنفسه، فقال كلمته الخالدة:
"وا إسلاماه! من للإسلام إن لم نكن نحن؟"
لم يكتفِ بالكلام، بل قاد الأمة نحو النصر، وأثبت أن القوة الحقيقية تكمن في الإيمان بعدالة القضية، والوحدة حول الهدف، والإصرار على التضحية.
أيها الأردنيون الأحرار،
إننا اليوم نواجه تحديات كبيرة، ليس بالسيوف والرماح، بل بمخططات تسعى لطمس هويتنا الوطنية والنيل من قضايا أمتنا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وكما وقف قطز في عين جالوت، فإننا اليوم مطالبون بالوقوف صفًا واحدًا، متحدين حول الوطن وقيادته الهاشمية، مدافعين عن حقنا التاريخي، رافضين أي مساومة على هويتنا وانتمائنا.
قضية فلسطين ليست شعارًا، بل مبدأ ثابت في وجداننا.
إننا لا نخذل أشقاءنا في فلسطين، ولا نقبل أن يُجبر أهلنا في غزة على الرحيل عن أرضهم. نحن ندرك أن هذه الأرض ليست للبيع، وأن الحقوق لا تُشترى بالمساعدات، بل تُنتزع بالصمود والتكاتف والعمل.
لقد كانت مواقف الهاشميين على الدوام حصنًا منيعًا للقضية الفلسطينية، فالمملكة الأردنية الهاشمية لم تتخلَّ يومًا عن دورها، ولم تفرط يومًا في واجبها:
الدعم السياسي والدبلوماسي: تقود الأردن جهودًا حثيثة على المستوى الدولي، مؤكدة أن فلسطين ليست قضية قابلة للتفاوض، بل حق تاريخي ثابت.
المساعدات الإنسانية والإغاثية: كان الأردن دائمًا أول من يمد يد العون لأهلنا في غزة والضفة الغربية، ليبقى الشعب الفلسطيني صامدًا على أرضه.
حماية المقدسات في القدس: تحت الوصاية الهاشمية، لم ولن يُترك المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية وحيدة في وجه التهويد والاعتداءات المتكررة.
أيها الأردنيون الأباة،
إن المخططات التي تُحاك اليوم لتهجير الفلسطينيين من غزة ما هي إلا محاولة جديدة لتغيير معالم التاريخ والجغرافيا، لكنها ستفشل كما فشلت كل المحاولات السابقة، لأن إرادة الشعوب أقوى من أي مؤامرة، وصمود الفلسطينيين في أرضهم هو رسالة للعالم أجمع أن الأرض لمن يتمسك بها، لا لمن يطمع فيها.
إن مسؤوليتنا اليوم أكبر من أي وقت مضى، فالأردن القوي الصامد هو السند الحقيقي لفلسطين، وهو الدرع الذي يحمي هويتنا الوطنية من محاولات التذويب والطمس. إن الالتفاف حول الوطن وقيادته، والتكاتف في مواجهة كل المخططات، هو السبيل الوحيد للحفاظ على حقنا التاريخي، وهو الضمانة الحقيقية لمستقبل أجيالنا القادمة.
فلنتذكر دائمًا، كما قال سيف الدين قطز: "من للإسلام إن لم نكن نحن؟"
واليوم، نقولها بكل إيمان وعزم: "من لفلسطين إن لم نكن نحن؟ ومن للأردن إن لم نكن نحن؟"
عاش الأردن حرًا أبيًا، وعاشت فلسطين عربية مستقلة، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.