المشاريع الإسرائيلية باتت مكشوفة
د.حسام العتوم
09-02-2025 06:05 PM
الطريق للدولة الفلسطينية حدد بوصلته القانون الدولي عبر القرار 242 الذي قبل به العرب ، و يعني مغادرة إسرائيل للاراضي العربية المحتلة لعام 1967 ، و التي نادى بها الأمير / الملك عبدالله بن عبد العزيز في قمة العرب في بيروت بتاريخ 27 أذار 2002 بقول جلالته رحمه الله وقتها " إنسحاب إسرائيلي شامل مقابل سلام شامل " وعلى أن تكون القدس عاصمة لها ، و قبله القرار 181 الذي عمل على تقسيم فلسطين إلى دولة عبرية قامت ،و إلى عربية أريد لها أن لا تقوم حتى الساعة ، و هو القرار الذي رفضه العرب و جامعتهم العربية فقط بسبب قدسية فلسطين غير المقبول تقسيمها في العرف و الوجدان العربي . وتم تثبيت قرار التقسيم بشن حرب إسرائيلية على العرب عام 1948 . و في عام 1967 وسعت إسرائيل احتلالها ، ولم تنسحب لغاية الان من فلسطين ( الضفة و غزة ) ، و الجولان – الهضبة العربية السورية ، و من جنوب لبنان . و لفلسطين تاريخ كنعاني عريق يمتد لخمسة الاف سنة و أكثر قبل الميلاد، و ارتباطها بالعصر الحجري عمره يتجاوز نصف مليون سنة.
وفي المقابل عبر اليهود منطقتنا " ترانزيت " ثمانون عاما فقط ، ومكان ميلادهم الأصيل منطقة " باراذ بيجان " في العمق الروسي في الشرق الأقصى المحادد للصين ، و بمسافة عن صنع القرار في موسكو بلغت 8000 كم ، وهي بلغة " بيدشيت " تقع على ضفاف نهر الأمور برافديه – بيرا و بدزان - . وفي عمق الزمن المعاصر ، و تحديدا عام 1881 ، بعد اغتيال القيصر الكسندر الثاني بائع إقليم " الاسكا " لأمريكا عام 1867 ، اجتاحت روسيا القيصيرية موجة معادية لليهود ، فطرح كارل ماركس حلا للمسألة اليهودية ، تبناها جوزيف ستالين ليكون وطنهم في الاتحاد السوفيتي في باراذ بيجان ، ثم اقترح عام 1950 أن يكون في القرم على ضفاف البحر الأسود ، أو في سخالين على حدود اليابان ، لكن المد اليهودي – الاحتلالي الذي انطلق من مؤتمر بازل في سويسرا عام 1897 اعتمد التوجه لفلسطين عبر توراة مزورة و بحثا عن هيكل سليمان السرابي الذي بحثوا عنه طويلا ولم يجدوه ، ولن يجدوه.
مع اندلاع السابع من أكتوبر البطولي و رغم ادانته وسط المجتمع الدولي عام 2023 ، وهو الذي عبر عن مظلمة في القضية الفلسطينية العادلة عبر الاحتلال ، و الاستيطان ، و السجون ، و القتل و التشريد ، تحرك اليمين المتطرف الإسرائيلي يتقدمه حزب الليكود بطرح توجه التهجير القسري للفلسطينيين بداية ثم حوله عبر الولايات المتحدة الأمريكية بعد صعود دونالد ترامب لسدة الحكم في البيت الأبيض بتاريخ 20 / يناير 2025 إلى طوعي أكثر سخفا تجاه مصر و الأردن ، و إلى أي مكان ممكن ، متناسيا شرعية المواطن الفلسطيني على أرضه فلسطين ، و عدم شرعية الوجود اليهودي في فلسطين ، وعبر المستوطنات اليهودية غير الشرعية أيضا . و المدهش أكثر هو بأن النظام الإسرائيلي النازي لم يتحدث عن حرب الإبادة التي اقترفها بحق الفلسطينيين و اللبنانيين و راح ضحيتها أكثر من 47 ألف شهيد جلهم من الأطفال ، و النساء، و الشيوخ ، و اعتبرها حادثة مارقة لا تستحق الوقوف عندها ، و هكذا تصرف الغرب ( المتحضر ) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، لدرجة هي غاية في الغرابة ، طالب من خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محاكمة محكمة الجنايات الدولية لملاحقتها مجرم الحرب بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يواف غلانت ، معتبرا تدخلها و عملها استغلالا للسلطة.
ووصف نتنياهو لاحقا قيام دولة فلسطين بالتوجه الإرهابي بعد حادثة السابع من أكتوبر ، ولكي لا يتكرر . و لا يرغب نتنياهو وكل اليمين الإسرائيلي المتطرف بالإقرار بحقوق الفلسطينيين و العرب داخل أرضهم الشرعية التاريخية ، و يتناسى نشأة كيانه من رحم الإرهاب المتمثل بعصابات ( شتيرن ، و الهاجاناة ، و أرغون ) وغيرها . و في التفكير الأمريكي المشبع بالرواية الإسرايلية اليمينية المتطرفة ، تظهر فكرة " ريفيرا – غزة " ، و كأنها من صنع مدينة الأفلام العالمية " هوليود " في لوس أنجلوس في كاليفورنيا ، و ليس من أفكار الرئيس دونالد ترامب فقط . وفي المقابل ، فإن التوجه الإسرائيلي الجديد بنقل فكرة تهجير المواطنين الفلسطينيين إلى العربية السعودية الشقيقة مستهجن فعلا أيضا ، و رفض فورا من قبل السعودية ومن قبل العرب.
الفلسطينيون أصحاب القضية العادلة ، مستر- نتنياهو ، و بن غفير ، و سيموتريش ، باقون في أرضهم التاريخية ، وهو وطنهم ، بينما أنتم قوم صهيون من صنعتم لأنفسكم وطنا مزورا فوق جثث شهداء فلسطين و العرب،و سلحتم أنفسكم بسلاح غربي ، و أمريكي تحديدا ، تتقدمه الترسانة النووية التي كشف عن أسرارها للصحافة البريطانية مردخاي فعنونو عام 1986 ،و بالأخص لصحيفة " صانداي تايمز " المشهورة ، لمعرفتكم المسبقة بأن سارق الحق مثلكم يخاف و يرتعب من رصاص المقاومة العربية الباسلة و من جيوش العرب المغوارة حال توحدها و قراراتها . و لازال السلاح الأمريكي يتدفق على إسرائيل حتى بعد جريمة الإبادة في غزة و جنوب لبنان ، وهو أمر يتناقض مع مفهوم الحضارة.
يراهن الأردنيون ، و الفلسطينيون ، و العرب على رحلة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظة الله ، السياسية الصعبة في هذه المرة إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض ، خاصة بعد تصريحاته بشأن دراسة تهجير الفلسطينيين من غزة ،و بناء مشروع " ريفيرا " سياحية مكانهم . ويحمل جلالة الملك في جعبته رسالة أردنية و فلسطينية ، و عربية موحدة رافضة للتهجير ، و تنادي بدولة فلسطينية كاملة السيادة تكون القدس عاصمة لها ، مع تجميد المستوطنات اليهودية غير الشرعية في اطار حل الدولتين ، و هو مطلب يناضل من أجله المجتمع الدولي غربي العالم و شرقيه ، و تتقدمه كبريات الدول العظمى مثل روسيا الاتحادية ، و الصين الشعبية.
وشخصيا أدعو الله أن يوفق جلالته في رحلته السياسية هذه تحديدا ، التي ينتظر نتائجها منطقتنا العربية و الشرق أوسطية الساخنة ، وكل العالم . وجلالته خبير كبير في سياسة القضية الفلسطينية ، و حكيم ، و قادر على اقناع الادارة الأمريكية بحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته على ترابه الوطني بعاصمتها القدس ،و بضرورة انصياع إسرائيل لقرار الأمم المتحدة و مجلس الأمن 242 القاضي بأن تغادر إسرائيل الأراضي العربية لعام 1967 ، ليحل السلام في المنطقة ،ولتحصل إسرائيل على الأمن الذي تبحث عنه وسط العرب و دول العالم .
وفي الختام هنا ، من غير الممكن صنع السلام عبر الحروب ، وفي زمن معاهدات السلام الخمس ، و المراهنة على استسلام الطرف المقابل مثل الفلسطينيين و العرب . و يؤمن العرب كثيرا بمقولتهم الشعبية " مافي حق بضيع ووراه مطالب " . دعونا معا نتابع المشهد.