مسلمات ما بعد لقاء الملك مع ترامب
نضال العضايلة
12-02-2025 12:39 PM
يلعب الأردن دورًا سياسيًا ودبلوماسيًا بالغ الأهمية في استقرار المنطقة، ورغم صغر مساحته الجغرافية، إلا أن مواقفه الثابتة ومبادئه الراسخة جعلت منه ركيزة أساسية في تحقيق التوازن الإقليمي.
ويتمسك الأردن بمواقفه التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، التي تمثل أولوية في سياساته الخارجية، مؤكداً حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشرقية، وهو موقف لا يتزعزع ولا يتغير.
في المقابل، تسعى بعض الأطراف الإقليمية، التي تفتقر إلى العمق السياسي أو التاريخي، إلى تضخيم دورها بما يفوق قدراتها وإمكاناتها الحقيقية، وعلى الرغم من محاولاتها توظيف الموارد المالية لتحقيق نفوذ أكبر، يبقى تأثيرها محدوداً، إذ لا يمكن للأموال وحدها أن تعوض غياب الأسس السياسية المتينة أو الثقل التاريخي، مما يجعل محاولاتها محكومة بالفشل أمام الحقائق الراسخة للواقع السياسي في المنطقة.
امس، وقف العالم كله على قدم وساق ينتظر لقاء الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما ان إنتهى اللقاء حتى ساد الهرج والمرج الإعلام العربي والعالمي، وظهرت التأويلات هنا وهناك، واستبق المحللون المندسون كل الأحداث ليخرجوا بنتيجة مفادها، الملك عبدالله الثاني يوافق على تهجير الفلسطينيين، حتى انهم لم ينتظروا ليحللوا ما جرى بشكل واقعي.
تصريحات الملك عبدالله الثاني ابن الحسين خلال لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالبيت الأبيض، جاءت معبرة ولا تحتمل التأويل تجاه رفض التهجير، هذه اول المسلمات.
الموقف الأردني في هذا الشأن ثابت وواضح، وعبّر عنه الملك عبدالله في مناسبات عديدة، كما أن الشعب الأردني بمختلف أطيافه يعارض التهجير بجميع أشكاله، ويرفض أي مخططات تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها، وهذه مسلمة ثانية.
الالتزام بمنع تهجير الفلسطينيين لا يقتصر على الأردن وحده، بل يمتد إلى مصر، حيث عبّر الرئيس عبد الفتاح السيسي والشعب المصري عن رفضهم التام لأي مشاريع تهدف إلى التهجير أو التوطين، إضافة إلى الموقف السعودي الواضح، الذي أكدت خلاله المملكة مرارًا أنه لا يمكن إقامة أي علاقات مع إسرائيل دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الكاملة وإقامة دولته المستقلة، وهذه مسلمة أخرى.
المسلمة التالية هي ان الملك عبد الله شدد خلال زيارته إلى الولايات المتحدة على أهمية التوصل إلى موقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية، والتنسيق بين الدول العربية لإيجاد حلول عادلة، مؤكدًا أن هناك جهودًا تُبذل من قِبل مصر ودول عربية أخرى لبلورة خطة واضحة لتحقيق السلام في المنطقة.
وأخيراً، المسلمة الحتمية هي، انه لا مجال للمساومة على حقوق الشعب الفلسطيني، وكلام الملك معبر عن مصلحة الجميع والأمة العربية والفلسطينيين.
ألا تكفي هذه المسلمات الذباب الالكتروني الذي انتشر كالنار في الهشيم، ليقف عندها ويعاود التفكير من جديد.
عاش الأردن، عاشت فلسطين، وسيبقى الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين.