رؤية الشيخ زايد الخير طيب الله ثراه في العمل الإنساني
د. محمد خالد العزام
15-02-2025 06:49 PM
كان المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، "طيب الله ثراه"، قائدًا حكيمًا ورجل دولة ذو رؤية إنسانية عميقة. لقد استطاع أن يترك بصمة راسخة في تاريخ العمل الإنساني، ليس فقط على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، بل على مستوى العالم. هذا الرجل، الذي أسس منهجًا إنسانيًا متفردًا يرتكز على العطاء والتضامن، كان دائمًا في المقدمة عندما يتعلق الأمر بتقديم المساعدة للدول المنكوبة، سواء في العالم العربي أو في دول شرق آسيا. ورغم مرور الزمن، يبقى إرثه الإنساني حاضراً وذو تأثير قوي على الأجيال الحالية والمستقبلية، مما يعكس قوة رؤيته التي تخطت الحدود المحلية لتصبح شاملة وطموحة على الصعيد العالمي.
كان الشيخ زايد يؤمن، إيمانًا راسخًا، بأن العمل الإنساني لا يعرف حدودًا جغرافية أو سياسية، بل هو واجب أخلاقي يستدعي من الإنسان تقديم العون للمحتاجين في أي مكان يتواجدون فيه. ولذلك، لم يتردد الشيخ زايد في تقديم الدعم بكافة أشكاله، محليًا وعالميًا، معتبرًا أن المساعدات الإنسانية تعزز السلام والاستقرار وتدعم التعاون بين الشعوب. ومن هنا، كان العمل الإنساني جزءًا لا يتجزأ من رؤيته الطموحة للتقدم الاجتماعي والاقتصادي، في سعي دائم لتحقيق الإنسانية وخدمة المجتمعات.
علاوة على ذلك، لم يكن الشيخ زايد يركز اهتمامه على المبادرات المحلية فحسب، بل أولى اهتمامًا خاصًا بالدول العربية التي تعرضت لأسوأ الظروف جراء الحروب والكوارث الطبيعية. كانت دولة الإمارات، تحت قيادته، من أولى الدول التي استجابت لمساعدة تلك البلدان. ومن أبرز الأمثلة على دعمه الإنساني، وقوفه بجانب العراق وفلسطين ولبنان والسودان خلال سنوات الأزمات.
كما قام بتوفير المساعدات الطبية والغذائية والمأوى للآلاف من اللاجئين والمشردين في لبنان وفلسطين، وهذا الدعم كان له أثر عميق في تخفيف معاناة الكثيرين وإعادة الأمل إلى قلوبهم.
بينما كان الشيخ زايد يقدم العون للدول العربية، لم يتجاهل أيضًا الاحتياجات المُلِحَّة في دول شرق آسيا التي عانت من الكوارث الطبيعية والصراعات. ففي باكستان، كان له دور بارز في تقديم المعونات للضحايا الذين تأثروا بالفيضانات والزلازل، حينما كانت المساعدات تَصِل بشكل سريع وفعّال. إضافة إلى ذلك، لم ينسَ تطلعات شعوب العالم ، حيث كان يسهم في تقديم الدعم اللازم في صورة إمدادات لمراكز الرعاية والبنية التحتية اللازمة لتلبية احتياجات السكان.
وعلى الرغم من أن أغلب تركيز الشيخ زايد كان منصباً على المساعدات الإنسانية الطارئة، فقد كان له رؤية بعيدة الأمد تتجلى في تأسيس مشاريع تنموية مستدامة، والتي تعد أساسًا للنمو المجتمعي. فقد أسس العديد من المستشفيات والمدارس والجامعات، مؤكدًا أهمية التعليم والرعاية الصحية لتطوير المجتمعات وتحقيق التقدم. وبالتالي، كانت مساعداته تهدف إلى بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة، حيث تكتمل صورة التقدم من خلال تحسين الأوضاع المعيشية وتوفير الفرص الحقيقية للرفع من مستوى المجتمعات.
لقد أسس الشيخ زايد من خلال جهوده الإنسانية مؤسسة الشيخ زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، التي كانت حجر الزاوية في تنظيم وتوجيه المساعدات الإنسانية. هذه المؤسسة ساهمت في دعم الآلاف من المشاريع الإنسانية حول العالم، مما جعلها واحدة من أبرز المؤسسات الخيرية. وواصلت هذه المؤسسة مسيرتها في تقديم العون، مما يعكس التزام الشيخ زايد العميق بإسعاد الإنسان وتخفيف معاناته.
لقد ترك الشيخ زايد إرثًا إنسانيًا مستدامًا، سواء من خلال مساهماته المباشرة أو من خلال المؤسسات الخيرية التي أسسها. واليوم، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، تواصل الإمارات السير على نفس النهج الذي أراده الشيخ زايد، مما يؤكد التزام البلاد بتقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز التعاون الدولي. إن هذا التوجه يمثل استمرارًا لرؤية الشيخ زايد، التي ترى أن الإنسان هو المحور الأساسي للتقدم والازدهار، وأن العمل من أجل خير البشرية واجب مستمر.
ختامًا، لقد كانت شخصية الشيخ زايد "طيب الله ثراه" نموذجًا فريدًا في مجال العمل الإنساني؛ إذ ترك أثرًا لا يُمحى في الدول التي استفادت من مساعداته وأسهم في تعزيز روح العطاء والتضامن بين الشعوب. تبقى رؤيته في العمل الإنساني منارة إلهام للعالم بأسره، وتستمر الإمارات في الالتزام بنفس النهج الذي أسسه في مسعى لنشر الخير والسلام بين الأمم.