رمضان ليس مجرد شهر صيام، بل هو محطة روحية عظيمة تتيح للمسلم فرصة لتجديد إيمانه ، والتقرب إلى الله ، وتحسين علاقاته بالآخرين ، فهو شهر القرآن ، شهر المغفرة ، شهر الرحمة ، وشهر الجود والإحسان ، فمن يغتنمه بالعبادة والعمل الصالح ، فقد فاز بأعظم المكاسب الدنيوية والأخروية ، وشهر رمضان هو أحد أعظم شهور السنة في الإسلام ، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، يتميز بمكانة خاصة بين المسلمين لما يحمله من فضائل روحية وتربوية واجتماعية ، وفرصة كبيرة للإستثمار للدنيا و الاخرة وفي هذا المقال ، سنتعرف على أهمية رمضان في الإسلام ولماذا يحتل هذه المنزلة الرفيعة.

يقترب شهر رمضان ، ويزداد معه الاستهلاك والإنفاق بشكل ملحوظ ، مما يشكل تحدياً اقتصادياً لكثير من الأسر، فمع ارتفاع أسعار المواد الغذائية ، وزيادة فواتير الكهرباء والمياه ، ومصاريف العيد ، قد يجد البعض أنفسهم في ضائقة مالية غير متوقعة ، ولكن مع التخطيط الجيد والإدارة الحكيمة للميزانية ، يمكن تجاوز هذه التحديات والاستمتاع برمضان دون قلق مالي ، ويمكن الاستثمار به قبل بداية رمضان ، من المفيد جدًا وضع خطة مالية واضحة تحدد فيها المبالغ التي ستنفقها على الاحتياجات المختلفة ، مثل المواد الغذائية الأساسية ، فواتير الكهرباء والمياه ، العزائم والضيافة ، ملابس وهدايا العيد ، الصدقات والزكاة ، فعند تحديد ميزانية مسبقة ، ستتمكن من ضبط نفقاتك وعدم الوقوع في الإنفاق العشوائي.

ولعله من المفيد التسوّق بذكاء وتجنب الشراء غير الضروري، و إن ليس كل غرض يستحق الشراء، وإن إعداد قائمة مشتريات مسبقة والالتزام بها ، و عدم الذهاب للتسوق وأنت جائع ، لأن ذلك يؤدي إلى شراء أشياء غير ضرورية ، و شراء المواد الغذائية الأساسية قبل حلول رمضان ، حيث تكون الأسعار أقل ، و مقارنة الأسعار بين المتاجر والاستفادة من الخصومات الحقيقية ، ان ذلك كله يندرج تحت التسوق بذكاء ، و لتجنب الاسراف وزيادة المصاريف يمكن اتخاذ بعض التدابير البسيطة ، مثل طهي كميات معتدلة تكفي أفراد الأسرة ، و استغلال بقايا الطعام في وجبات اليوم التالي بدلاً من التخلص منها ، وكذلك تقليل الاعتماد على الأطعمة الجاهزة والمأكولات الفاخرة التي تستهلك ميزانية كبيرة ، وهناك طرق لترشيد الاستهلاك و خاصة صرف المياه و الكهرباء، مثل إطفاء الأجهزة الكهربائية غير المستخدمة و ضبط المكيف على درجة حرارة معتدلة (بين 24-26 درجة مئوية)، استخدام غسالة الملابس والأواني عند امتلائها بالكامل فقط ، الاعتماد على الإضاءة الموفرة للطاقة .

تذكر أن الصدقة لا تعني الإسراف ، و رمضان هو شهر العطاء ، ولكن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ، قد يجد البعض صعوبة في التبرع بمبالغ كبيرة فلا تقلق ، فالتبرع لا يُقاس بحجمه ، بل بإنتظامه واستمراريته ، و يمكن التبرع بمبالغ صغيرة ولكن بشكل دوري ، تقديم المساعدة العينية مثل الملابس أو الطعام ، ودعم الأسر المحتاجة بطريقة مدروسة بدلاً من العطاء العشوائي.

قال الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: (183) ، الصيام هو أحد أركان الإسلام الخمسة ، وهو عبادة تهدف إلى تهذيب النفس وتعويدها على الصبر والتحمل وهو ليس مجرد إمتناع عن الطعام والشراب ، بل هو مدرسة روحية تعلم المسلم التحكم في شهواته وتقوية إرادته ، شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة ، ففي رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار،كماقال النبيﷺ: "إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ" (متفق عليه ، وهذا يعني أن رمضان فرصة ذهبية لكل مسلم ليبدأ صفحة جديدة ويستثمر مع الله ، فيتوب عن الذنوب ، ويكثر من العبادات، ويطلب المغفرة والرحمة.

رمضان يعزز العلاقات بين المسلمين، حيث تجتمع العائلات حول موائد الإفطار، ويتزاور الأهل و الأصدقاء وتزداد مظاهر التراحم والتعاون، كما يشجع الإسلام على الصدقة في رمضان ، حيث يشعر الغني بحال الفقير، فتنتشر روح التكافل والمساعدة بين أفراد المجتمع ، الصيام يهذب النفس ويقوي الإرادة لا يعلم الإنسان الصبر فقط ، بل يعلمه أيضًا التحكم في رغباته وضبط نفسه ، فهو يساعد على التخلص من العادات السيئة ، مثل كثرة الكلام بغير فائدة ، أو الغضب السريع ، أو الإدمان على بعض العادات غير الصحية.

قال النبي ﷺ:"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (متفق عليه).كل الأعمال الصالحة في رمضان مضاعفة الأجر، سواء كانت الصلاة، أو الصدقة، أو الذكر، أو قراءة القرآن . لذلك، فهو فرصة عظيمة لمضاعفة الحسنات وتكفير السيئات قال الله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ القدر:).ليلة القدر هي ليلة مباركة تتنزل فيها الملائكة بالرحمة والسلام ، وهي ليلة العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر (أي أكثر من 83 سنة!). ولذلك هذا استثمار مع الله الذي لاتضيع ودائعه ، يحرص المسلمون على الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان، خاصة في الليالي الوترية، لنيل بركة هذه الليلة العظيمة.

نبارك لجلالة الملك القائد المعظم وولي عهدة الامين والشعب الاردني العظيم والى المسلمين كافه حلول شهر رمضان الفضيل وإعادته على الامتين العربية والاسلامية بكل خير و بركه .

*النائب السابق / د. بركات النمر العبادي