facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قبل أن نلوم المواطن .. من أوصله إلى هنا؟!


محمود الدباس - أبو الليث
25-02-2025 04:19 PM

في لحظات الأزمات الكبرى.. تنكشف المعادن.. ويظهر الفرز الحقيقي بين من يملك العقل.. وبين من يسير بلا وعي خلف السراب.. والسراب هنا ليس مجرد إشاعة عابرة.. بل هو حالة متكاملة من التشكك المزمن.. الذي استوطن النفوس.. حتى بات الخبر الصادق يُكذَّب.. إن صدر من جهة رسمية.. ويُصدَّق.. إن جاء من عدو أو غريب..

لم نصل إلى هذه المرحلة بين ليلة وضحاها.. بل تراكمت أسبابها على مدار سنوات طويلة.. فالحكومات المتعاقبة.. لم تدرك أن الحقيقة وحدها.. هي السلاح الأقوى.. لم تدرك أن المصداقية.. تُبنى بالكشف والوضوح.. لا بالمواربة والتأجيل.. فكانت كل أزمة جديدة.. تُضاف إلى رصيد التشكيك.. بدلاً من أن تكون فرصة لاستعادة الثقة.. فيصبح الحديث الرسمي.. أشبه ببيان مرسل لا يُلتفت إليه.. وإن التفَت الناس إليه.. فلكي يسخروا منه.. أو يفندوه بعشرات الروايات المضادة..

وليس المواطن بريئاً في ذلك كله.. بل ساهم في ترسيخ هذا الخلل.. حين انساق خلف عواطفه ومخاوفه وأهوائه.. لم يعد يسأل عن مصدر الخبر.. أو عن مدى دقته.. يكفيه أن يُرضي قناعاته.. ليؤمن به دون تدقيق.. فكم من إشاعة بدأت همساً في زوايا الإنترنت.. ثم تحولت إلى حقيقة راسخة في عقول العامة.. دون دليل أو برهان؟!..

اليوم نشهد فصولاً متكررة لهذه المعضلة.. من أسطوانات الغاز.. التي باتت فجأة قنابل موقوتة في أذهان البعض.. إلى السيارات الكهربائية.. التي قيل إنها تحرق أصحابها.. وتصعق المارة بالكهرباء.. إلى أخبار غزة.. التي صارت بعض العقول تستقيها من إعلام العدو مباشرة.. مع علمهم انه عدو.. وإعلامه موجهٌ.. وخربي.. وثم تدافع عنها.. بحجج الحرية والمهنية والموضوعية..

لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا.. لماذا حين يتحدث الملك.. أو الناطق العسكري.. ينبري الجميع -معارضة وموالاة- لتأييد حديثه.. بينما حين تتحدث الحكومة.. تُقابل بالرفض والتشكيك؟!.. أليس ذلك دليلاً على أن الثقة.. لم تزل قائمة.. لكنها لم تعد تُمنح لكل من يحمل صفة رسمية؟!.. أليس هذا مؤشراً خطيراً.. على أن الدولة في وادٍ.. والحكومة في وادٍ آخر؟!..

الخطر الأكبر ليس في التشكيك بذاته.. بل في عواقبه.. حين يأتي يوم تُحذّر فيه الحكومة من خطر داهم.. فلا يجد تحذيرها آذاناً صاغية.. حين تُطالب الناس بالانتباه لأمر مصيري.. فيقابلونها بالسخرية والتجاهل.. هنا لن يكون الفشل فشل حكومة فقط.. بل فشل مجتمع بأكمله في حماية نفسه.. من وهم اليقين الكاذب..

إذا كانت الحكومة تريد إعادة الثقة.. فعليها أن تدرك أن الشفافية لم تعد خياراً.. بل ضرورة مصيرية.. عليها أن تتوقف عن التبرير المتأخر.. وعن البيانات الجافة التي لا تجيب على الأسئلة الحقيقية.. عليها أن تسبق الإشاعة بالحقائق.. لا أن تلهث خلفها.. محاولة إنكارها.. بعد أن تكون قد انتشرت..

أما المواطن.. فعليه أن يتحمل مسؤوليته هو الآخر.. فليس كل ما يوافق هواه حقيقة.. وليس كل ما يخالف قناعاته كذباً.. عليه أن يسأل نفسه قبل أن يصدق أو ينكر.. هل أملك الدليل القاطع.. أم أنني مجرد تابع في قطيع.. يركض خلف أول من يلوّح له بالمعلومة؟!..

وفي النهاية.. المسؤولية الأكبر تقع على من يملكون التأثير.. على من تصدّروا المشهد الإعلامي والفكري.. فإما أن يكونوا جسراً يعيد بناء الثقة.. على أساس من الوعي.. أو معولاً يهدم ما تبقى منها.. تحت ذريعة الإثارة.. والتفاعل.. والسبق الإعلامي.. فالكلمة مسؤولية.. والمسؤولية أمانة.. ومن خان الأمانة لا يستحق أن يكون قائداً للرأي.. أو موجهاً للعقول..

فحين تفقد الحكومات مصداقيتها.. يفقد المواطن بوصلته.. وحين تضيع البوصلة.. لا أحد يعرف إلى أين نتجه..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :