facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




يصبح المراسل مسؤولاً في بلاد الواق واق


محمود الدباس - أبو الليث
03-03-2025 11:33 AM

في بلاد الواق واق.. حيث يسود العجب قبل المنطق.. ويصعد المتملق قبل الكفء.. تخرج شاب من ما يشبه الجامعة في ايامنا هذه.. بتقدير سيء.. لا يؤهله لشيء.. سوى الوقوف على عتبات الوظائف.. التي لا تقيم للكفاءة وزناً.. فلم يجد أمامه سوى.. أن يكون مراسلاً في إحدى المؤسسات الأهلية.. يقدم الضيافة لمن كان يجلس على المكاتب.. ينقل البريد بين الأيادي.. يستقبل الضيوف ويوصلهم لمكاتب الموظفين.. يبتلع الإهانات بابتسامة ذليلة.. ولكنه لم يكن يراها دروساً.. بل جروحاً نازفة.. لم يكن يعتبرها خبرة.. بل مظلمة تستحق الانتقام..

لم تدم معاناته طويلاً.. ففي بلاد الواق واق.. لا تحتاج في كثيرٍ من الأحيان إلى عقل راجح.. أو خبرة متراكمة.. كي تصعد.. بل إلى أساليب أخرى أكثر دهاءً.. بدأ يتقرب من أصحاب القرار بأساليب لا تخفى على أحد.. دسائس هنا.. نميمة هناك.. وولاء أعمى لكل من يحمل مفاتيح الصعود.. ولم يطل الوقت.. حتى تمكن من النفاذ إلى مؤسسة رسمية.. بوظيفة لا علاقة لها بدراسته.. أو قدراته.. لكنه لم ينسَ لحظة واحدة تلك الأيام.. التي كان يُعامَل فيها بدونية.. فصار يكيد لزملائه المجتهدين.. ويتلذذ بإقصائهم واحداً تلو الآخر.. حتى أزاح أكثرهم كفاءة وأبعده بعيداً لسنوات..

مرت الأيام.. وخرج صاحبنا للعمل في دولة مجاورة.. عبر لجنة استقطاب.. لا ترى سوى من يعرف كيف يتقن لعبة التملق.. وهناك التقى بشلة من أبناء الواق واق.. ممن هم على شاكلته.. تقاربوا.. تحالفوا.. وتبادلوا المصالح في جلساتهم المغلقة.. ولم تمضِ سنوات حتى عاد أحد أفراد تلك الشلة.. مسؤولاً في نفس المؤسسة.. التي خرج منها صاحبنا.. فكان أول قراراته.. أن يعيد صديقه القديم.. ذاك الحاقد.. الذي لم يُخمد نار الانتقام في صدره بعد..

دخل الرجل المؤسسة مجدداً.. لكن هذه المرة لم يكن مجرد موظف حاقد.. بل عاد وفي يده سيف السلطة.. وفي لحظة تدخل القدر.. أزيح المدير الذي أحضر صاحبنا.. وجاء مديرٌ جديد.. لكنه لم يكن ممن يُخدعون بسهولة.. فسرعان ما كشف خبث صاحبنا.. وأطاح به خارج المؤسسة.. وللمرة الثانية تجرع مرارة الطرد.. ولكن النار التي التهمت قلبه في المرة الأولى.. لم تكن شيئاً مقارنة بالحقد الذي سكنه الآن..

مرت السنوات مجدداً.. حتى عُين للمؤسسة مسؤولٌ كبير.. بمرتبة وزير في أيامنا.. كان صديقاً لذلك الموظف المطرود.. فكان القرار جاهزاً.. المدير الذي كشف فساد صاحبنا وخبثه أُقيل.. والموظف الحاقد الذي لا يحمل في جعبته سوى الغدر والانتهازية.. أصبح على رأس المؤسسة.. بما يشبه مديراً عاماً هذه الايام.. ومن هنا بدأت الفوضى..

لم يكن يملك مؤهلات القيادة.. ولا حتى الادارة.. لكنه كان يملك شيئاً أخطر.. الشعور بالنقص.. الذي اعطاه القدرة على الإقصاء والتدمير.. فأطاح بكل مدير كفء.. وأبقى حوله فقط من يجيدون الطاعة العمياء.. وممن هم على طباعه.. فأصبحت المؤسسة وكراً للمحسوبية.. تسودها الرداءة.. يحكمها الولاء الأعمى.. وتُقطع فيها الأرزاق بقرار مزاجي.. فلفّها الفساد والتراجع من عدة جوانب.. وكان لا بد أن يحين وقت الانتقام الأكبر..

زميله القديم.. ذاك الذي كشف ضعفه في بداياته.. ذاك الموظف الكفء الذي أطاح به صاحبنا حين كان موظفاً فاشلاً.. كان لا يزال يعمل في المؤسسة.. ولكن.. أصبح تحت سلطة الطاغية الجديد.. والفاشل سابقاً.. فلم يهدأ له بال.. حتى بدأ مسلسل القهر والتهميش بحقه.. كما الحال مع الموظفين الجيدين.. ولكن الزميل المجتهد.. لم يرضخ.. بل كتب شكواه للمسؤول الأعلى.. يطلب العدل.. ووفق الأصول المعمول بها ادارياً.. لكن ذلك المدير المريض نفسياً.. أبقاها عنده في الخُرج (لأنه لم يكن عندهم ادراج ومكاتب).. ولم يرسلها إلى صاحب القرار.. وظن أن الأمر انتهى..

لكن المظلوم لا يسكت.. وبعد أشهر.. أرسل شكواه مجدداً إلى المسؤول الأعلى بشكل مباشر.. ظاناً امتلاكه العدالة والمهنية.. وهنا حدثت الكارثة الحقيقية.. فبدلاً من أن يكون ذلك المسؤول عادلاً.. ويعيد الأمور إلى نصابها.. بعلمه ان هذه الشكوى هي الثانية.. سلَّم الشكوى إلى المدير الحاقد نفسه.. وكأنه قدَّمه له قرباناً جديداً.. ليكمل انتقامه بحرية.. لم ينظر إلى الحق.. لم يبحث عن العدل.. بل أغلق عينيه.. وترك المفترس يهيم كيفما شاء.. وأصبح الخصم هو الحَكم والجلاد..

وهكذا.. أصبح المراسل مسؤولاً.. وأصبح الفساد هو القاعدة.. وأصبح الظلم هو القانون.. لأن في بلاد الواق واق.. لا يرتفع الكفء.. بل المتملق.. ولا يُكرَّم النزيه.. بل المنافق.. وحين يظن الناس.. أن الظلم قد بلغ مداه.. يثبت الواقع أنه دائماً قادر.. على إنتاج طبقة جديدة من الحاقدين.. الشاعرين بالنقص.. الذين سينتقمون بدورهم.. حين تحين الفرصة.. ويستمر المسلسل.. بلا نهاية..

فهل من تشريعٍ يُسن.. لكف يد أمثال هذا المدير الحاقد.. مِن أن يستغل بعض الاجراءات البيروقراطية المقيتة.. سيفاً مسلطاً على رقاب من يخالفه.. أو يقع ضحية لظلمه؟!.. حتى لا ينطبق علينا.. ما حدث عندهم..

رحم الله والدي.. الذي ملأ عقلي بقصص الواق واق.. التي لا تنتهي..

فللحديث بقية دوماً..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :