التوجس الإسرائيلي من التعاطي الأمريكي في أوكرانيا
خلدون ذيب النعيمي
05-03-2025 02:29 AM
"تحالف البلطجية" هو أخر ما يمكن توقع أن تصف فيه الصحافة الإسرائيلية السياسة الأمريكية على الرغم ما قدمته واشنطن لتل أبيب من مساعدات مالية وسياسية وعسكرية هائلة منذ قيام إسرائيل بشكل لم تحلم بالحصول عليها أي دولة أخرى في العالم ، وهو الوصف الذي يأتي أيضاً في ظل الضوء الأخضر المدعوم الذي اعطته أدارة ترامب لنتنياهو بالتصرف بما يخص أستئناف العدوان على غزة ، ومصطلح تحالف البلطجية ورد في مقال المحلل العسكري الإسرائيلي ناحوم برنياع في صحيفة يديعوت احرنوت العبرية حيث يضم هذا التحالف كما يرى كاتب المقال بالإضافة لحليف تل ابيب الوثيق كل من روسيا والصين وذلك بالنظر للتعاطي الأمريكي مع الإدارة الجديدة بما يخص أوكرانيا .
هذا التعاطي الجديد يرى فيه برنياع ناقوس خطر يدق بقوة حول تخلي واشنطن عن حلفاءها التقليديين وذلك ضمن صفقة مع موسكو وبكين خاصة في ضوء أطروحات الملياردير الأمريكي المقرب من صانعي القرار في بلاده أيلون ماسك حول تفكيك حلف الناتو في ظل انتفاء الحاجة اليه بسبب التوافق الروسي الامريكي الصيني ، ويرى الصحفي الإسرائيلي أنه رغم الدعم الامريكي الكبير للتعدي الإسرائيلي الدائم على حقوق الانسان والديمقراطية والاستيلاء على الاراضي بمنطلق القوة فأن هذا الدعم ليس مضموناً في ضوء ما جرى في أوكرانيا ، وهنا يبدو نتنياهو كمن ينطلق عليه المثل الشائع "أن حلق جارك بلل ذقنك" فما حدث لزيلنسكي الأوكراني مرشح لتكراره معه في ضوء وضع اسرائيل كل أتكالها في "سلة البيض الأمريكية" ، وهنا يشير برنياع أن ذلك الأمر بمثابة الرعب القاتل الذي ينتظر مصير إسرائيل في ضوء هذا الاتكال الكبير وما يصاحبه من تطورات ومتغيرات دولية .
لا شك أن برنياع صدق في تحليله وهو الحريص على دوام الدعم الأمريكي لجرائم وتعديات حكومته وجيشه ، فهو يبدو أنه قد أستوعب جيداً ما حدث لإسرائيل غداة هجوم المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول 2023م والأنهيار الكبير لمنظومة الأستخبارات والردع الإسرائيلية وما صاحبه من تخبط لصانع القرار السياسي والعسكري فكان الدعم الأمريكي هو بمثابة طوق النجاة الذي أكد في نفس الوقت مدى حاجة أسرائيل واعتمادها على الحليف الأمريكي ، وهو الاعتماد الذي أعتبر بنفس الوقت الخسارة الأستراتيجية الكبرى في تاريخها على الرغم من دوام اعتداءاتها واجرامها بعد الهجوم سواء في قطاع غزة والضفة الغربية او ضد جيرانها العرب.
حري بالعرب الاستثمار بهذا التوجس الإسرائيلي خاصة مع قمتهم الراهنة في القاهرة وبشكل يعيد لقممهم الأمل والاهتمام من قبل الشعوب العربية ، فالبناء على الرفض الكبير الأخير لطروحات ترامب في التهجير والتوطين يشكل أملاً لتكون أرضية قوية للعمل العربي المشترك الذي يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني بعيداً عن الغطرسة والأجرام الإسرائيلي ويكسب أيضاً احترام القوى العالمية الكبرى التي تسمع للقوي فقط في هذا العالم ولا وقت لديها لسماع أدبيات العدالة الدولية وحقوق الشعوب المظلومة ، فزيلنسكي فزع للحضن الأوروبي بعد التخلي الأمريكي ووجد عنده الإصرار على الدعم والتأييد لبلاده ، والشعب الفلسطيني المكلوم ينتظر دوام دعم أمته خصوصاً أن العدو هنا لا يستهدفه وحده بل يستهدف الأمة جمعاء باعترافه وسلوكه .