اجتماع الدوحة يوم أمس والذي ضم مجموعة من وزراء الخارجية العرب : معالي ايمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية و شؤون المغتربين ، و معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر، وسمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود وزير خارجية المملكة العربية السعودية، و معالي الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج في جمهورية مصر العربية، ومعالي خليفة شاهين المرر وزير دولة بوزارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، و معالي حسين الشيخ أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط. ، هو تأكيد وتصميم عربي على تنفيذ الخطة العربية لإعادة اعمار قطاع غزة.

هذا الاجتماع يشكل خطوة هامة في الجهود المبذولة لإعادة إعمار غزة وإيجاد حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين. ويبرز حقيقة التنسيق الوثيق بين الدول العربية في معالجة الأوضاع في غزة. وان عرض خطة إعادة الإعمار التي أقرّتها القمة العربية في القاهرة في 4 اذار/مارس 2025، من قبل الوزراء العرب يدل على وحدة الموقف العربي في تعزيز الجهود الخاصة بإعادة الإعمار.

ويؤكد هذا الاجتماع على الثوابت العربية التالية:

• حرص الوزراء العرب على رفض أي ضغوط أمريكية قد تضعف من استقلالية الجهود العربية. ومن خلال التأكيد على أن خطة الإعمار هي أساس العمل العربي المشترك، فإن هذا يعكس تمسكهم بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، ورفضهم التدخلات التي قد تؤثر سلبًا على سير العملية.

• تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين ، وهو تأكيد على المبادئ الثابتة للسياسة العربية تجاه القضية الفلسطينية. وتأكيد على أن التهدئة في غزة وإرساء الأمن في الضفة الغربية هما الأولوية في المرحلة الحالية.

• تؤكد تصريحات وزراء الخارجية العرب على أهمية استمرار الحوار مع مختلف الأطراف، وتنسيق الجهود مع القوى الإقليمية والدولية للوصول إلى حل نهائي وشامل، ما يعكس الدور الفاعل للدبلوماسية العربية في السعي نحو سلام دائم في المنطقة.

• استضافة دولة قطر لهذا الاجتماع تشير إلى دورها النشط والريادي في القضايا العربية والإقليمية. إذ إن هذه الاستضافة لم تكن مجرد تنظيم لحدث، بل كانت فرصة لتعزيز التنسيق بين الدول العربية مع الأطراف الدولية الفاعلة.

وبالتالي يمثل اجتماع الدوحة يوم أمس مع المبعوث الأمريكي خطوة هامة نحو تحقيق تقدم في قضية إعادة إعمار غزة، ويعكس التمسك العربي بالمبادئ الثابتة لحل القضية الفلسطينية وفقاً لرؤية حل الدولتين، مع تأكيد الرفض للضغوطات الأمريكية أو أي محاولات لتقويض الجهود العربية. وزراء الخارجية العرب قدموا نموذجاً مشرفاً في التنسيق المشترك والاصرار على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما يتطلب من جميع الأطراف المعنية الالتزام بتلك الجهود البناءة.

وهنا حقيقة لا بد من الإشادة بالدور القطري البارز في احتضان هذا الاجتماع والاجتماعات السابقة حول وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث أكدت دولة قطر من جديد على مكانتها كداعم رئيسي للجهود العربية والدولية في وقف العدوان وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة. واستضافة دولة قطر لهذا الاجتماع تأتي في إطار التزامها المستمر بتعزيز التنسيق العربي والدولي، وهي خطوة تؤكد على سياسة قطر النشطة في دعم القضايا العربية والإسلامية.

تصريحات وزراء الخارجية العرب في الدوحة جاءت لتؤكد على أن أمن المنطقة هو أولوية عربية، وعلى أهمية تعزيز التعاون العربي المشترك من أجل مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تهدد استقرار المنطقة، ومواصلة التنسيق مع جميع الأطراف المعنية لتحقيق الأهداف المشتركة، بما في ذلك وقف العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة وتعزيز جهود إعادة الإعمار. وأن السلام الشامل والعادل هو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة، مما يعكس التزام الدول العربية الراسخ بالقضية الفلسطينية والحرص على تحقيق أمن واستقرار المنطقة بأسرها.

هذا الاجتماع جاء ليعزز أيضاً الإرادة العربية في الساحة الدبلوماسية العربية والدولية، وأهمية التعاون العربي المشترك للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وأن القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولويات الدول العربية.

الدور القيادي الذي تلعبه قطر في استضافة هذا الاجتماع وفي الاجتماعات السابقة المتعلقة بوقف إطلاق النار والتهدئة في غزة يعزز من مكانتها كداعم رئيسي للسلام والاستقرار في المنطقة. وتأتي تصريحات معالي وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لتؤكد على التنسيق العربي والدولي لتحقيق الأمن الإقليمي الدائم، وهو ما يعكس رؤية قطر الثابتة في دعم الحلول العادلة والمستدامة في المنطقة.

السفير الدكتور موفق العجلوني
مدير عام مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me