معركة الكرامة: صخرة تكسرت عليها اسطورة جيش لا يقهر
د. بركات النمر العبادي
23-03-2025 12:55 PM
بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب 1967 واحتلال إسرائيل للضفة الغربية وسيناء والجولان ، وكعادتها دولة الاحتلال اولى اولوياتها التوسع على حساب الارض العربية ، ودائما تعمل على ايجاد اراضي عازلة ، وكانت متفوقة على الجيوش العربية بالعدد و العتاد و تفوق منقطع النظير في سلاح الجو المزود بأحدث المقاتلات وكانت تشعر ان جيشها لا يقهر ، ناهيك انها تحارب العرب بقوة الغرب المتوحش ، وبنشوى كبيره و التعطش للدم هجمت دولة الكيان بقضها وقضيضها وكان بعض جنودهم مربطين بالسلاسل داخل الدبابات و المجنزرات منعاً من الهرب ، هجموا مع الخيوط الاولى من فجر يوم 21 مارس(اذار) عام 1968 .
فقد هاجم الجيش الاسرائيلي من ثلاثة محاورعلى الجبهة الاردنية ، وكان الهجوم خاطفا 1- المحور الشمالي ، قوات إسرائيلية عبرت نهر الأردن عند جسر الأمير محمد (دامية حاليًا) لمهاجمة الجيش الأردني من الخلف. 2- المحور الأوسط ، الهجوم الرئيسي من جسر الملك حسين باتجاه بلدة الكرامة مباشرة. 3- لمحور الجنوبي: عبرت القوات الإسرائيلية من جسر الأمير عبدالله لمهاجمة القوات الأردنية المتمركزة في المنطقة ، فالجيش غير الجيش 67 والعزيمة و الاستبسال غير مجرى المعركة.
الأردني لا يترك ثأره أبدا، والأردني النشمي فارس ويحمل أخلاق الفروسة أينما حل و ارتحل وعند هذا الهجوم إنتخا للوطن نخوة الشجعان وربط شماغه على راسة وتاج الجيش العربي الاردني المصطفوي يلمع على جبينه وصاح بيهم ابو عبدالله اليوم يومكم يالنشاما ، قالها ملك القلوب الملك الراحل طيب الله ثراه الملك حسين بن طلال، فدوت هذه النخوة على الثلاثة محاور، وكان النصر و طرد الجيش الاسرائيلي من الارض الاردنية ، وتكسرت اسطورة الجيش الاسرائلي الذي لا يقهر على صخرة الصمود الاردني رغم قلة العدد و العتاد ، السلام عليك ايها الملك القائد السلام عليك اباعبد الله ونحتسبك عند الله .
معركة الكرامة لم تكن مجرد معركة عسكرية ، بل كانت رمزًا للصمود العربي والانتصار على العدو رغم الفارق في العتاد والقوة ، وقعت هذه المعركة بين الجيش الأردني من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى ، على أرض الكرامة في الأردن ، ورغم ضخامة الهجوم الإسرائيلي ، إلا أن الأردنيين تمكنوا من تحقيق إنتصار أذهل العالم وأثبت أن الإرادة القوية أقوى من أي سلاح.
فاننا نستذكرهذا اليوم المجيد بكل فخر واعتزاز في الذكرى السابعة والخمسين لمعركة الكرامة الخالدة، التي سطّر فيها نشامى الجيش العربي المصطفوي أروع البطولات والتضحيات، وقدموا درسًا للعالم في الصمود والإرادة القوية ،فهي لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت تأكيدًا على أن الإرادة الحرة و الصلبة والعزيمة الصادقة قادرة على تحقيق النصر و دفع العدوان، وهي امتداد لمسيرة النضال الأردني بقيادة الهاشميين كابر عن كابر، التي ناظلت في ساحات المعارك وامتدت إلى المياداين السياسية ، في الدفاع عن القضية الفلسطينية .
رفعت معركة الكرامة من معنويات العرب بعد نكسة 1967، وأكدت أن إسرائيل ليست قوة لا تُهزم، فكانت خسائر الجيش الإسرائيل أكثر من 250قتيلًا وجريحًا وتدمير 27 دبابة، و30 ناقلة جند، وعدد كبير من الآليات العسكريةالاخرى ، اما خسائر الجيش الاردني فقد ارتقى 87 شهيد و 108 جريحا اللون لون الدم والريح ريح المسك ، وأن القوات المسلحة الاردنية قادرة على ردعها، وعززت هذه المعركة مكانة الأردن سياسيًا، وأكدت حقه بالدفاع عن أراضيه، كما كانت الصدمة كبيرة، واضطرت للاعتراف بأن المعركة لم تكن "انتصارًا لها " كما كانت تروج دائمًا، بل هزيمة قاسية أضعفت هيبتها العسكرية ، كما اعتبرت هذه المعركة نقطة تحول، وأشاد بها الجميع باعتبارها ردًا قويًا على الاحتلال ، اما الصحافة العالمية: أشارت إلى أن إسرائيل لم تحقق أهدافها، وأن الجيش الأردني أثبت قدرتهم على المواجهة.
الكرامة كانت وما زالت مثالًا للحمة الوطنية، وعنوانًا للصمود والعزة، ويجب أن نحرص على عدم الوثق بدولة العدو بالرغم من معاهدة السلام فهو عدو غادر لا عهد له ولا ذمة، يتربصون بنا في كل حين ، ان الردعلى هولا هو تربية جيل محصن بالدين وبناء القدرات الوطنية و التدريب المستمر، والاعتماد على النفس هو السبيل الوحيد للحفاظ على الكرامة الوطنية، فملة الكفر واحدة .
فليرحم الله شهداء الكرامة، وحمى الله الوطن من كل كريهة، وسدد جلالة الملك وولي عهده الامين على طريق الرشاد .
* النائب السابق/ د. بركات النمر المهيرات العبادي.