ديوان المحاسبة ردا على وزارة النقل : اتفاقية مطار الملكة علياء الدولي ما تزال بحاجة الى إطار تشريعي
04-07-2011 04:30 AM
عمون - سماح بيبرس - أكد ديوان المحاسبة أن اتفاقية مطار الملكة علياء الدولي ما تزال بحاجة إلى إطار تشريعي ينسجم مع احكام المادتين 33 و117 من الدستور.
وتمسك الديوان بتقريره الذي أكد وجود تجاوزات مالية وإدارية من قبل شركة مجموعة المطار الدولي التي تدير المطار حاليا وتبني مبنى آخر جديدا بدلا منه.
وبين الديوان في كتاب موجه الى رئيس الوزراء حول الاتفاقية، رد فيه على وزارة النقل التي كانت قد دافعت عن دستورية الاتفاقية وانسجامها مع الدستور، أن قانون التخاصية وقانون الطيران المدني لا يحلان اشكالية دستورية الاتفاقية.
وجاء في الكتاب أن ديوان المحاسبة "يرى أن هذه الاتفاقية وحفاظاً على حقوق الخزينة بحاجة الى إطار تشريعي لكي تنسجم مع احكام الدستور وذلك انفاذاً للمادة (117) من الدستور والتي تنص على ان (كل امتياز يعطى لمنح أي حق يتعلق باستثمار المناجم او المعادن او المرافق العامة يجب ان يصدق عليه بقانون".
وأشار الكتاب الى أن المطار هو مرفق عام سنداً لهذا النص الدستوري ولقرار محكمة العدل العليا رقم (74) لسنة 1967 فإننا نرى ان منح حق الاستثمار في الاتفاقية المنوه عنها يعتبر من الناحية القانونية مخالفاً لاحكام الدستور لعدم المصادقة عليه بموجب قانون وفقاً لأحكام الدستور.
وحول ما ردت عليه الوزارة بأن ديوان التشريع والرأي كان قد صرح للوزارة بإمكانية اللجوء للمادة (4) من قانون التخاصية قال الديوان أنّ "هذا من نافلة القول لأن القانون يجب بكل الاحوال ان لا يخالف المظلة التشريعية الاعلى في الدولة الا وهي الدستور".
واوضح في هذا المجال "ان قانون التخاصية المذكور قد نظم اجراءات عملية التخاصية على الوجه الموصوف فيه اذا ما كان الطرف الثاني (القطاع الخاص) محلياً. فلو سلمنا جدلاً برأي ديوان التشريع والرأي الآنف الذكر فانه يجوز وفقاً لاجراءات التخاصية منح حق ادارة المرافق العامة لاطراف اجنبية وفي هذا انتهاك صارخ لمادة (33) من الدستور الاردني وانتهاك لمبدأ السيادة".
وأشار الى أن المادة (33/ب) من الدستور والتي جاء في متنها (المعاهدات والاتفاقيات التي يترتب عليها تحميل خزينة الدولة شيئاً من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ولا يجوز في اي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية). فإنها تنطبق تمام الانطباق على الاتفاقية مدار البحث حيث عرضت هذه المادة على المجلس العالي لتفسير الدستور، وقد قرر بشأنها في قراره رقم (2) لسنة 1955 انه:
بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في جلسته المنعقدة بتاريخ 20/2/1954 اجتمع المجلس العالي المنصوص عليها في المادة (57) من الدستور لاجل تفسير الفقرة الثانية من المادة (33) من الدستور وبيان انواع المعاهدات التي يشترط لنفاذها الحصول على موافقة مجلس الامة عليها بمقتضى احكام هذه الفقرة.
وبعد الاطلاع على قرار مجلس الوزراء المشار اليه وتدقيق نصوص الدستور تبين لنا ان الفقرة الثانية المطلوب تفسيرها تنص على ان "معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات الاخرى التي يترتب عليها تعديل في اراضي الدولة او نقص في حقوق سيادتها او تحميل خزينتها شيئاً من النفقات او مساس بحقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة".
والواضح من هذا النص ان الدستور قد قسم المعاهدات من اجل غايات هذه الفقرة الى قسمين:
القسم الاول: معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة. القسم الثاني: المعاهدات الاخرى التي يترتب عليها تعديل في اراضي الدولة او نقص في حقوق سيادتها او تحميل خزينتها شيئاً من النفقات او مساس بحقوق الاردنيين العامة او الخاصة.
فالمعاهدات المشمولة في القسم الاول لا تكون نافذة المفعول في كل حال الا اذا وافق عليها مجلس الامة وذلك بغض النظر عن ماهيتها والالتزامات التي ترتب بموجبها اذ ان مثل هذه المعاهدات تعد بالنسبة لطبيعتها وموضوع التعاقد فيها ذات مساس بحقوق الدولة الاساسية وبسلطاتها وسيادتها على اقليمها البري والبحري والجوي.
أما بخصوص مصادقة السلطة التشريعية على الاتفاقية من خلال المصادقة على القانون رقم (41) لسنة 2007 فإننا نؤكد بهذا الخصوص على ما ذكرناه سابقاً من ان القانون يجب ان لا يتعارض مع الدستور وخصوصاً المادة (117) منه التي اوجبت منح حق الامتياز بموجب قانون يصدر لهذه الغاية وليس ضمناً وعرضاً كما اشار وزير النقل في وقت سابق حول قانون الطيران المدني.
وأكد الديوان أنّ هذه الاتفاقية هي من الاتفاقيات المشمولة بأحكام المادتين (117- 33) من الدستور وان منح حق الامتياز فيها يستلزم موافقة مجلس الامة نظراً لانطوائها على مساس بحقوق الدولة الاساسية وسلطانها وسيادتها على اقليمها الجوي.
السجلات والقيود المالية
وفيما يتعلق بالتدقيق على السجلات والقيود المالية لمجموعة المطار الدولي، اشار ديوان المحاسبة الى إن الاتفاقية سمحت للحكومة فحص السجلات والقيود المالية للمجموعة مرة واحدة فقط في الشهر وذلك خلال ساعات دوام المجموعة الرسمية وهذا الشرط ينصرف الى تقييد عملية التدقيق بيوم واحد في الشهر حسب ما ورد في الاتفاقية.
وقال الكتاب انه كان قد تم مخاطبة الوزراء السابقين بهذا الخصوص وقد اخبرونا انه وبموجب الاتفاقية فإنه لا يسمح لديوان المحاسبة الاطلاع على سجلات المجموعة كونها غير خاضعة لرقابة ديوان المحاسبة، الا اننا اقترحنا كديوان محاسبة ان يشارك مندوباً من الديوان مع موظفي وحدة ادارة المشاريع (PMU) لمساعدتهم في التدقيق للمحافظة على حقوق الخزينة وكان الوزراء السابقين متعاونين معنا، حيث وافقوا على هذا الاقتراح، علماً بأننا كنا قد اقترحنا عليهم ايضاً ان يطلبوا من المجموعة تزويد الوزارة بشهادة خاصة صادرة عن مدقق حسابات المجموعة الخارجي وموقعة منه حسب الاصول تفيد ان الايرادات المسجلة في سجلات ودفاتر المجموعة وقيودها المالية تمثل جميع الايرادات الاجمالية المتحققة وانه لم يتم تخفيضها بأية مصاريف او تكاليف مهما كان نوعها وذلك للمساعدة في تحديد نصيب الخزينة الفعلي منها.
وبالنسبة لما اشار اليه وزير النقل الحالي بأنه يمكن الرجوع للتقرير الاخير الذي تم ارساله لنا وكان مندوب الديوان الذي شارك في اللجنة قدم ملاحظات ضمن هذا التقرير ولدى قيامنا بمراجعة هذا التقرير تبين لنا وجود ملاحظات هامة وجوهرية تمس بشكل كبير ومباشر بحقوق الخزينة العامة.
وفيما يتعلق بعدم تقيد شركة مجموعة المطار الدولي بإخضاع السلع والخدمات لضريبة المبيعات وتحصيل ضريبة الدخل قال الديوان ان المجموعة لم تتقيد بكتاب عطوفة مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات رقم (8/7/4264) بتاريخ 13/9/2009 (والمتضمن إخضاع العديد من السلع والخدمات لضريبة الدخل والمبيعات وخاصة خدمات المناول الارضية وخدمات مواقف السيارات وتم ابلاغ الوزارة بذلك بموجب كتب سابقة.
وفيما افاد به وزير النقل من ان الضريبة الخاصة على تذاكر السفر بالجو والتي لا تستوفى بموجب قانون والتي كانت تحصل سابقاً من قبل دائرة ضريبة الدخل والمبيعات قد اعيد حق تحصيلها الى المستثمر بموجب مذكرة تفاهم بين الحكومة والمستثمر بهذا الخصوص.
فكما هو وارد في رد الوزير فإن الضريبة الاضافية على تذاكر السفر بالجو (ضريبة المغادرة سابقاً) والي كانت تورد للخزينة وكانت قيمتها تتجاوز (40) مليون دينار سنوياً قد تم تحويلها للمستثمر بموجب مذكرة تفاهم بين الحكومة وبينه، علماً بان المادة (111) من الدستور تنص على (لا تفرض ضريبة او رسم الا بقانون) في حين تنص المادة (115) من الدستور على (جميع ما يقبض من الضرائب وغيرها من واردات الدولة يجب ان يورد الى الخزينة العامة وان يدخل ضمن موازنة الدولة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ولا يخصص أي جزء من اموال الخزانة العامة ولا ينفق لأي غرض مهما كان نوعه الا بقانون) وبالتالي فإن هذه المخالفة مزدوجة كون هذه الرسوم تمت بموجب تعليمات وهذا يخالف الدستور اضافة الى ان إناطة صلاحية تحصيلها وقبضها والانتفاع بها قد تم للمستثمر بموجب مذكرة تفاهم.
وفيما يتعلق بقيام شركة مجموعة المطار الدولي برفع رسوم خدمات المطار بنسبة (21.12%) فإننا نرى انه وبالرغم من ان الحكومة سوف تحصل على نسبة (54.47%) من الزيادة جراء رفع رسوم خدمات المطار بهذه النسبة. الا ان هذا الاجراء بحد ذاته هو عبارة عن فرض ضريبة جديدة وان كانت من خلال زيادة نسبة الضريبة نفسها.
اما القول ان شروط الاتفاقية تسمح للمستثمر الاستمرار في زيادة هذه النسبة وفقاً لمعدات التضخم السائدة الا ان نفاذ هذا الشرط يبقى موقوفاً حتى يصار الاحتكام الى مؤشر معين لمعدلات التضخم وهذا يفترض تكليف جهة معتمدة رسمياً بإصدار هذا المؤشر بموجب قانون دائم (دائرة الاحضاءات العامة) حتى يتمكن الكافة من الاعتماد عليه.
وحول قيام مجموعة المطار الدولي باتخاذ قرارات الحقت الضرر بمستثمرين اردنيين كشف الديوان عن تلقيه شكاوى رسمية من مستثمرين متضررين مثل (مؤسسة المتقاعدين العسكريين وشركة مرحبا) والتي قمنا بمخاطبة وزراء النقل السابقين حولها بموجب مراسلات خطية متبادلة بين الديوان والوزارة، نافيا أن يكون هناك أي شيء شخصي في موضوع متابعة هذه الشكاوى كما كان وزير النقل قد صرح في كتابه.
samah.bibars@alghad.jo
عن الغد.