facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ليس للذئب أن يحكم الغابة .. لكنه يستطيع أن يزرع الرعب فيها


محمود الدباس - أبو الليث
13-04-2025 09:31 PM

حين نتحدث عن الكيان الإسرائيلي وتوسعه العسكري.. فإننا لا نتحدث عن جيشٍ.. يحلم باحتلال الشوارع العربية بدباباته.. ولا عن قوةٍ قادرة على نشر جنودها.. فوق صحارى الدول المجاورة.. وسهولها وجبالها.. بل عن كيانٍ يتقن فن البقاء.. من خلال فنون أخرى.. أقل ضجيجاً.. وأشد فتكاً..

فمن يظن أن هذا الكيان قادرٌ على أن يمد أذرعه العسكرية.. ليحتل دولاً عربية محيطة.. عليه أن يراجع جغرافيا المنطقة.. وأن يسأل نفسه.. كيف لجيشٍ صغير.. محاط بعددٍ يفوقه عشرات المرات.. أن يفرض سيطرته على أراضٍ مترامية.. وكتلٍ بشريةٍ تمتلئ بالغضب الكامن؟!..

الاحتلال العسكري التقليدي.. لا يُقاس بالرصاص فقط.. بل بالقدرة على البقاء.. ومَن يستطيع البقاء وسط حقدٍ شعبيٍّ لا يهدأ؟!.. ومَن يقدر على ضبط أمنٍ هشٍّ.. وسط محيطٍ لا يعترف بشرعية وجوده أصلاً؟!.. هذه ليست معركة مدرعات.. بل معركة وعي وشعوب.. وهذه ليست أيام نكبة.. أو هزيمة.. بل زمانٌ تغير فيه كل شيء.. إلا كراهية الأمة لهذا الكيان..

لكن.. في المقابل.. من قال إن الذئب يحتاج أن يحتل الغابة.. ليجعلها مرتعاً له؟!.. يكفيه أن يُضعف الأسود من الداخل.. أن يفتك بالتماسك.. أن يشعل الحرائق الصامتة بين الأشجار.. وحينها.. لا يحتاج أن يقاتل.. بل أن ينتظر انهيار الجدران وحدها..

الكيان لا يسعى إلى السيطرة العسكرية الواسعة.. لأنه يعلم أنها فوق قدرته.. لكنه يزرع خصوماتٍ.. بين مكونات الدولة الواحدة.. ويدعم فئة لتقصي فئة.. ويصنع عدواً داخلياً جديداً.. كلما خمد العدو الحقيقي.. فتتحول الدولة إلى جسدٍ مشلول.. يقاتل نفسه كل صباح..

هو لا يحتل الأرض.. بل يحتل القرار.. لا يُسيّر الجنود على الطرقات.. بل يزرع العملاء في غرف الاجتماعات.. لا يطلق النار دائماً.. بل يطلق الشكوك والفتن.. ويغذي الخوف واليأس..

ينشئ قنواتٍ ناعمة.. تخاطب الشباب بلغتهم.. وتعيد تشكيل وعيهم.. وتجعلهم يرون العدو صديقاً.. والصديق عدواً.. حتى إذا جاءت اللحظة المناسبة.. كان الداخل مستسلماً.. أكثر من الخارج..

هل هذا يعني أننا في مأمن.. ما دام لم نرَ دباباته؟!.. وهل الراحة في أن العدو لا يهاجمك بسلاحه.. أم في أنه لا يتحكم بك عبر من يشبهك.. ويتكلم لغتك؟!..

من يراقب الكيان جيداً.. يدرك أن مشروعه.. ليس مشروع توسع جغرافي.. بل مشروع إضعاف استراتيجي للمنطقة برمّتها.. مشروعٌ يجعل من كل دولة جارة له.. إما منشغلة بنفسها.. أو غارقة في أزماتها.. أو مشلولة بإعلامٍ يقتل الروح.. ولا يُسيل الدم..

ولهذا.. فإن الخطر لا يقاس بالمسافة بين الجندي والحدود.. بل بالمسافة بين الحقيقة والوهم.. بين اليقظة والغفلة.. بين الوعي بالمخطط.. والاستسلام له.. باسم الواقعية والانفتاح..

عندي يقين.. بأن لا نرى جنوده غداً في الشوارع.. لكننا قد نرى ثمرة دسائسه في مدارسنا.. وفي قوانيننا.. وفي شاشاتنا.. وفي ألسنة أبنائنا الذين نسوا العدو.. وتصارعوا فيما بينهم.. وزرعوا الفُرقة بينهم..

الخطر ليس في الجندي الذي يدخل أرضك.. فهو عدو واضح.. بل في العقل الذي يخرج من ثوابتك.. وفي القلب الذي يُطفأ فيه وهج الكرامة.. والفتنة التي يغذيها العدو.. ونتشربها.. وندافع عنها..

وما أكثر الدول التي لم تُحتل.. لكنها سقطت.. من الداخل.. فهل نتعظ؟!.. ونقوي وحدتنا وتماسكنا؟!..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :