facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لا وطن يُبنى بخوف .. ولا حوار يُنتَزع بتخويف


محمود الدباس - أبو الليث
15-04-2025 10:28 PM

لا يُمكن لعاقل أن يُنكر.. أن لحظات التوتر تولّد أسئلة.. وأن اشتداد الأزمات.. يفتح الباب لمراجعات.. لكن ما لا يمكن القبول به.. أن يتحوّل القلق.. إلى خطاب دائم.. يُراد له أن يُختَصر الوطن فيه.. وكأن الأردن على حافة الزوال.. أو أن مؤسساته تترنح تحت كل صدمة..

الدولة الأردنية.. ليست في مرحلة تشخيص هوية.. ولا في نوبة تيه.. بل تمضي وسط عواصف الإقليم بثبات نادر.. لا ترفعه الشعارات.. ولا تُضعفه الشكوك.. بل تحرسه توازنات دقيقة.. صنعها رجال الدولة.. لا الهواة.. وثبّتها شعب عرف متى يلتف.. ومتى ينهض..

بعض الأصوات.. لا تتورّع عن تضخيم الأخطار.. حتى تملأ الفراغ بخطابها.. وتجعل من كل ارتباكٍ.. حالة انهيار.. ومن كل توجسٍ.. مظلة استنفار.. لكن هذا الوطن.. لم يصمد كل هذه العقود بصدفةٍ.. أو هشاشة.. بل لأنه بُني على معادلة لا تُشبه سواها.. حيث الحكمة لا تُفسَّر ضعفاً.. والصمت لا يعني الغياب.. واللين ليس دوماً رضوخاً..

أما الحديث المتكرر عن فزاعة "التمدد الصهيوني العسكري".. فقد بات أشبه بسلاح نظري.. يُلوّح به البعض عند الحاجة.. يرفعونه للتخويف.. لا للتحفيز.. يرددون سرديات الخطر.. وكأننا بلا جيش.. بلا تاريخ.. بلا إرث من التضحيات..

وهنا المفارقة المؤلمة.. أن من يتغنون يومياً بفشل الاحتلال أمام مقاومة غير نظامية.. في بقعة محاصرة.. هم أنفسهم.. مَن يتناسون أن جيشنا العربي الاردني.. وشعبنا النشمي.. لا يقلون عقيدة.. ولا إيماناً.. ولا فداءً.. عن أهل غزة الصامدين.. بل إن كل ذرة تراب في هذه البلاد.. تسكنها نخوة.. لا تتراجع إذا ما فكّر هذا العدو في اختبارنا.. أفيريد البعض إقناعنا.. أن مَن في غزة يملكون ما لا يملكه الأردنيون من رجولة.. وشهامة.. وشراسة دفاع؟!.. أهذا هو ميزانهم الجديد؟!..

أما عن الهواجس حول القواعد والتحالفات.. فهي نقاشات يُمكن طرحها في أطر وطنية مسؤولة.. لا بتصعيدٍ خطابي.. يُوحي أن البلد بلا قرار.. أو أن أمنه مرهون لغيره.. فسيادة الأردن.. ليست مادة للنقاش الموسمي.. بل جوهرٌ لم يُمس.. رغم تغير العواصم ومصالحها..

وفي هذا الإطار.. لا بد من التذكير.. بأن الدولة في الملفات السيادية.. لا تُدير معاركها على المنابر.. ولا تُخضع استراتيجياتها لمزاج الرأي العام اللحظي.. فهنا تُرسم المعادلات بهدوء.. وتُصاغ المواقف.. حيث يجب أن تُصاغ.. في غرف القرار.. لا على الشاشات.. وإن غابت التصريحات.. فليس لأن الموقف غائب.. بل لأن الحكمة لا تستعجل الإعلان.. والصمت أحياناً.. أقوى من ألف بيان.. فهو صمت العقلاء.. لا صمت الضعفاء.. صمت مَن يعرف متى يتحدث.. ومتى يترك الفعل يتكلم..

الحوار.. كلنا نؤمن به.. ولكن لا يُفرض بحملات القلق.. ولا يُنتزع بإشهار الخوف.. مَن أراد حواراً.. فليأتِ إليه شريكاً.. لا ملوّحاً بالخطر.. ومَن أراد تموضعاً سياسياً.. فليكن صريحاً.. لا يختبئ خلف ستائر التوجس..

إن محاولات دفع الدولة إلى الزاوية.. بخطاب التهويل.. ليست شجاعة.. بل مقامرة بثقة الناس.. فالمؤسسات ليست في خصومة مع الشعب.. بل هي انعكاسه.. وإذا كان هناك من شعور بالتباعد.. فالعلاج ليس بترسيخ الشعور.. بل بترميم الجسور..

وعلينا أن نعي تماماً.. بأن الأردن لم تُبنه الصدفة.. ولم تُدِره العاطفة.. ولم تصنعه المصالح الطارئة.. هو وطن محكوم ببوصلة متزنة.. يعرف متى يلين.. ومتى يشتد.. ومتى يصمت.. ومتى يعلو صوته.. فليطمئن الخائفون.. الوطن ليس في مهب الريح كما يُصوّر البعض..

ومن أراد أن يكون شريكاً في البناء.. فليأتِ بفكرٍ يبني.. لا بلغةٍ تُهدد..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :