تتطور أهداف وطموحات الدول من بناء الذات إلى تحقيق الحُلم فصناعة المستحيل، وتحتاج كل مرحلة من هذه المراحل لمفكرين من نوعيات مختلفة بحيث يكونوا قادرين على وضع الخطط المناسبة لتجاوز التحديات، ليصبح الطموح مميزاً وايجابياً لصياغة وتحقيق هدف بناء دائم يعطي ثماره كل حين، وعندها تسير الدول بأمان كون الثروة ستتزايد والنمو السكاني سيرتفع بما يتناسب مع حجم الثروة المتضخمة، وعندها تستمر الدول في المقدمة دون أن تنوء عن حمل ما صنعته يداها، بل قد تزداد تطوراً وبالذات إذا دمجت الصناعة بالزراعة بالعلم والمعرفة، فحينها تكون قد استعدت لقادم الايام بسلاح القدرة المبني على ثلاثية المال والقوى البشرية والرؤية السليمة.
وحين نجوب في عالم العروبة المبني على ثروات الأرض وما تخفيه من خيرات، نجد أن ما فيها من أسرار الطبيعة مطمع لجميع دول العالم القوية الباحثة عن الثروات بجميع أنواعها، لتبدأ هذه الدول بفرض هيمنتها بطرق متعددة لترويض الإنسان العربي قبل الأرض ثم السيطرة الشاملة، لنجد أنهم يتدخلون في المنهاج التعلمي وبناء المجتمع وانتهاءاً بتحديد نوعية المشاريع التي يجب أن يتم إنشائها في شتى الدول، لترتفع في سماء الدول العربية مشاريع خدماتية لا تُنتج ما يعود بالفائدة على الشعوب، لتظل الدول تستورد طعامها وشرابها وأسلحتها وسياراتها وأجهزتها الطبية من الدول الغربية، مما يعني أنها لا زالت حبيسة البيت الاستعماري وليست شريكاً في التبادل التجاري.
وللحق لا يخلو الوطن العربي من المبدعين القادرين على صناعة القوة الاقتصادية العربية، لكن هؤلاء يتم إبعادهم إرضاءً لرأس المال العالمي وحتى لا تتشكل وحدة اقتصادية عربية قادرة على التنافس، ودعونا نفكر سوياً وبصوت مرتفع ونتساءل، أين تذهب الأموال العربية؟، وما هي نسبة المُستَثمر منها في الوطن العربي؟، لنجد ان الجواب صاعقاً كون حجم الاستثمارات العربية في بلاد الغرب كبير ومرتفع ويبلغ حوالي ترليوني دولار، واليوم مع تغيرات أسعار النفط والغاز سيتضاعف بشكل سريع وسيتجاوز العشرة ترليون، وبالتالي لو تم استغلال هذه المبالغ الضخمة في استثمارات بالدول العربية لاصبح الشرق الأوسط مركزاً للتجارة العالمية وصناعتها وزراعتها بل سلة غذاء العالم.
آخر الكلام:
لكل زمان دولة ورجال، مطلع بيت شعر تحول لحكمة تتناقلتها الأجيال لتثبت صحة نظرية تبادل المناصب، وقد يكون زمان البعض إبداعي وآخرين زمانهم كارثي بفضل حمقى نسي المؤرخين ذكرهم، لتصبح الحكمة لكل زمان دولة ورجال وحمقى وللحق فإن الحمقى يتزايدون.