facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مع عامر البشير الأرض ليست عبئًا بل حقاً مكتسباً


السفير الدكتور موفق العجلوني
19-04-2025 11:01 AM

في زمن تتعاظم فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ويُعاد فيه تشكيل العلاقة بين الدولة ومواطنيها تحت ضغط السياسات المالية، يطل علينا مشروع قانون الأبنية والأراضي لسنة 2025 كمؤشر دالّ على هذا التحول. في هذه القراءة النقدية الثانية، يفتح المهندس عامر البشير نائب أمين عمان و عضو مجلس النواب سابقاً نافذة تأمل جريئة في عمق الفلسفة التي تحرّك التشريع، ويتساءل: هل تحوّلت الملكية من حقٍ اجتماعي إلى عبء ضريبي؟ وهل ما زالت الدولة ترى المواطن شريكًا في التنمية أم مجرد رقم في سجل الجباية؟ أسئلة برسم الإجابة.

بأسلوب رصين وتحليل عقلاني، يضع المهندس عامر البشير مفارقات القانون الجديد، من فرض الضريبة على "الوجود العقاري" بدلًا من الإنتاج، إلى تحميل القُصّر أعباء لا يملكون أدوات التعامل معها. هنا، لا يعود النقاش قانونيًا فحسب، بل وجوديًا، يمس جوهر العلاقة بين الإنسان والأرض، بين المواطن والدول. ويبرز مشروع قانون الأبنية والأراضي لسنة 2025 بوصفه محاولة لإعادة ضبط العلاقة بين الدولة والمواطن في مجال التنظيم العقاري. إلا أن القراءة المتأنية لهذا المشروع، كما عرضها المهندس البشير في مقالته النقدية، تكشف عن أبعاد أعمق من مجرد تشريع تنظيمي. إنها ليست مجرد بنود قانونية، بل مرآة لفلسفة إدارة ، تعكس تصوّراً معيّناً لمفهوم الدولة، ودورها، وموقع المواطن ضمن معادلة الشراكة الوطنية.

يشير البشير بلغة دقيقة وعالية الوعي إلى أن الإشكالية الجوهرية لا تكمن فقط في نصوص القانون، بل في المنطلق الذي يحكمها. حين تُبنى التشريعات على أساس "تحصيل الإيرادات" قبل "تحقيق العدالة". هنا يفقد القانون وظيفته الإصلاحية ويتحول إلى أداة مالية بحتة. وهذا التحوّل حسب رأي البشير، يهدد بزعزعة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ويغذي شعورًا بالاستهداف بدل الشعور بالاحتواء.

في جوهر العدالة الضريبية، كما تقرّها دساتير العالم المتقدم، لا يجوز تحميل المكلف ما لا يطيق. والبشير هنا يُلفت النظر بحكمة إلى المفارقة في فرض ضرائب على "عقار غير منتج"، أي على أصل لا يدر دخلاً. حين يصبح الحيازة مجرّدًا سببًا للتكليف، فإننا ننتقل من منطق "المقدرة على الدفع" إلى منطق "الوجود كمصدر للدخل"، وهو انزياح يُقلق رجل القانون، ويؤرق رجل الدولة، ويُنهك المواطن.

واحدة من أكثر النقاط إثارة في المقال تتعلّق بالقاصر، الذي يُعامل بموجب المشروع كمكلّف ضريبي كامل الأهلية، رغم أن القانون ذاته لا يمنحه حق التصرف أو الاعتراض. هذا التناقض لا يُحرج النص القانوني فحسب، بل يضعه في مواجهة مباشرة مع المبادئ الدستورية، وخاصة المادة 111 التي تنص على أن الضرائب يجب أن تكون عادلة، متدرجة، وألا تتجاوز قدرة المكلف.

في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطن، يرى البشير أن فرض الضرائب المجحفة على أصحاب العقارات غير المنتجة يدفع شريحة واسعة من المواطنين لبيع أملاكهم تحت الضغط، ما يعني عمليًا تفريغ الطبقة الوسطى من أصولها العقارية. وهنا تتحوّل الملكية من "حق دستوري" إلى "عبء مادي.

لا يكتفي البشير بالنقد، بل يفتح الباب أمام نقاش حيوي حول مستقبل العلاقة بين المواطن والقانون. القانون، كما يفترض أن يكون، أداة لتنظيم الحياة لا تسليعها، وضمان الكرامة لا استنزافها. ما نحتاجه، ليس فقط إعادة تسعير المتر المربع، بل إعادة صياغة الرؤية التي تقف خلف التشريع؛ رؤية تعيد الإنسان إلى مركز الاهتمام، وتستحضر الدستور كمرجعية حية لا كوثيقة احتفالية.

في قراءة المهندس عامر البشير، نجد مرافعة متزنة وعميقة وعقلانية تُخاطب ضمير المشرّع، وتوقظ حسّ المسؤولية لدى صانع القرار، وتستنهض الوعي لدى المواطن. إنها ليست قراءة معارضة بقدر ما هي دعوة للمراجعة، والمراجعة ليست عيبًا في العملية التشريعية، بل علامة على نضجها.

فإذا كان القانون يهدف لبناء الوطن، فإن أول ما يجب أن يبنيه هو جسور الثقة، والعدالة، والكرامة بين الدولة ومواطنيها. لا يزال الوقت متاحًا لإعادة النظر، لأن القانون الناجح ليس الذي يُطبّق فقط… بل الذي يُنصف الجميع .

في ختام حديثي، وما عرفته عن المهندس عامر البشير ابن المرحوم الشهيد معالي الدكتور محمد البشير وابن السيدة العظيمة ام الرجال الرجال، صاحبة اليد الطولى في العمل الخيري ورعاية الايتام ودور رعاية الكبار ... لم أجد معارضة تقليدية، بل موقفًا مسؤولاً وطنيًا عقلانيًا يُنبه إلى مواضع الخلل، ويدعو إلى مراجعة رشيدة لا تتجاهل الواقع، بل تضع الإنسان في قلبه. لأن القانون، في النهاية، ليس فقط نصًا للتطبيق، بل رؤية للمستقبل. وإن كان الهدف هو بناء وطن مستقر، فإن حجر الأساس الحقيقي هو العدالة، لا الجباية.

بنفس الوقت ومن باب الإنصاف والشفافية، في خضم أي قراءة نقدية، أن نُقدّر الجهود التي تبذلها الدولة في سبيل تطوير التشريعات العقارية بما يواكب متغيرات العصر وضغوطاته. فمشروع قانون الأبنية والأراضي لسنة 2025 يأتي في سياق اقتصادي واجتماعي معقد، تسعى فيه الحكومة لإيجاد أدوات تنظيمية تحقّق التوازن بين النمو العمراني، والاستقرار المالي، وحماية الحقوق. وما لا يمكن إنكاره هو أن هناك اجتهادًا حقيقيًا خلف هذه النصوص، ينبع من رغبة في إصلاح الواقع العمراني، وتعزيز الكفاءة الإدارية، وتحفيز استثمار الأراضي الراكدة.

وهذا بحد ذاته يُحسب لصانع القرار، الذي يحاول ألا يبقى أسيرًا لجمود تشريعي قديم لا يلبي تطلعات الدولة الحديثة. لكن، وكما يشير المهندس البشير، فإن هذه الجهود – رغم أهميتها – بحاجة إلى مراجعة دقيقة، تضمن ألا تكون الكلفة الاجتماعية والإنسانية أكبر من العوائد المالية المتوقعة.

ادام الله الامن والأمان والتقدم والازدهار على بلدنا الحبيب برعاية مولانا جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين سمو الامير الحسين حفظهم الله.

* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية

muwaffaq@ajlouni.me





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :