أم الجامعات .. وقل جاء الحق
حاكم الطعجان
22-04-2025 10:57 AM
حين تشتدّ العواصف، تظهر المعادن الأصيلة. وحين تعلو الأصوات المضلّلة، يعلو صوت الوطن. في زمنٍ كثرت فيه التحديات وتكاثرت فيه المحن، يخرج الأردنيون ليؤكدوا للعالم أجمع: هنا وطن لا يهتز، وهنا شعب لا ينكسر، وهنا قائد لا يساوم.
من قلب العاصمة، ومن صرحٍ علمي شامخٍ نحمله في قلوبنا جميعًا، علت الهتافات وتوحّدت القلوب.. إنه الأردن، وهذه جامعته الأم: الجامعة الأردنية، التي كان لي شرف أن أكون أحد أبنائها، ممن نهلوا من علمها، وممن احتضنتهم قاعاتها ومدرجاتها يومًا، فتركت فينا من الذكريات ما لا يُنسى، وغرست فينا حب الوطن والانتماء الأصيل.
في لحظةٍ فارقة من تاريخ الأردن، حين يتسارع الزمن وتتقاطع المواقف، يتجدد العهد مع الوطن، وتتجسد الروح الأردنية الأصيلة بأبهى صورها. اليوم، ومن قلب الجامعة الأردنية – تلك التي اختزنت في ذاكرتي ووجدان كثير من الأردنيين أعذب الذكريات وأغلى المحطات – وقف أبناؤها وقفة رجلٍ واحد، ليؤكدوا الانتماء والولاء للأردن وقيادته الهاشمية ولأجهزته الأمنية الباسلة.
لم تكن هذه الوقفة مجرد فعالية عابرة، بل كانت صرخة حقٍّ في وجه الباطل، وبيان شعبٍ أصيلٍ لا يساوم على كرامته، ولا يسمح لأي عابث أن يقترب من أمنه أو يشكك في ولائه. كانت الأهازيج الوطنية التي هتف بها الطلاب تعبيرًا عن وفائهم لوطنهم، وتأكيدًا على أن الأردن سيبقى صامدًا، عزيزًا، مرفوع الرأس بقيادته الحكيمة وبسالة أجهزته الأمنية التي لا تعرف التراخي في الدفاع عن الوطن والمواطن.
"يا أمي لا تخافي على البلاد، الشعب وطني والقائد عسكري"… بهذه الكلمات البسيطة والعميقة، عبّر الطلبة عن ثقتهم الراسخة بقائد البلاد، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي أثبت في كل محنة أنه على العهد باقٍ، وفي الميدان حاضر، وفي القلب من كل أردني نبضٌ ووفاء.
وفي لحظة صدقٍ، علت أصواتهم تهتف:
"يا خايـــــن اسمــــــــع اسمــــــــع، هي الأردن ما بتركع، لا بصـ..ـاروخ ولا بمدفـ..ـع"،
هتاف يختزل عزيمة شعبٍ لا تنكسر، وأمةٍ لا تُقهر. فالأردن – برغم التحديات – يثبت في كل مرة أنه أقوى من الفتن، وأن وحدته الوطنية هي السلاح الأقوى في وجه كل من تسوّل له نفسه المساس بأمنه واستقراره.
ولم تغب الأجهزة الأمنية عن وجدان الطلبة، إذ صدحت حناجرهم بـ:
"سمعلي المخابرات، إحنا معاكم للممات"، تعبيرًا عن الامتنان والوفاء لجهاز المخابرات العامة وسائر مؤسساتنا الأمنية، التي تذود عن الوطن ليل نهار، بعيونٍ لا تنام، وقلوبٍ لا تعرف التردد في سبيل حماية هذا البيت الكبير الذي اسمه الأردن.
ونحن إذ نُشيد بهذه الوقفة المشرّفة من طلبة الجامعة الأردنية، لا بد أن نرفع أسمى آيات الشكر والتقدير لكل من ساهم في غرس هذا الحس الوطني العظيم، وفي مقدمتهم أساتذتنا الأجلاء من الهيئة التدريسية، الذين لم يكتفوا بتعليمنا مناهج العلم، بل زرعوا فينا قيم الوفاء والانتماء. كما لا يفوتنا أن نثمّن دعم رئيس الجامعة ورئاستها التي وقفت دائمًا مع صوت الطلبة الحر، واحتضنت هذه الروح الوطنية بكل مسؤولية وفخر.
وفي الختام، تبقى الكلمة الأصدق ما تنبع من القلوب المؤمنة بالوطن، المخلصة لقيادته، الممتنة لحماة الدار.
احفظ اللهم الأردن وقيادته، وبارك في أهله وجيشه وأجهزته الأمنية، واجعل رايته عاليةً خفاقة.