بيان "حماس": أزمة عابرة أم تحول في السياسات الإقليمية؟
د. بركات النمر العبادي
24-04-2025 10:13 AM
في تطور لافت يعكس تعقيدات المشهد السياسي في المنطقة ، تصاعد التوتر مؤخرًا بين المملكة الأردنية الهاشمية وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بعد إعلان عمّان عن إحباط "مخطط أمني خطير" واعتقال 16 شخصًا متهمين بتصنيع صواريخ وطائرات مسيّرة داخل الأراضي الأردنية، و هذا الحدث قد أعاد إلى الواجهة مجددًا العلاقة المتذبذبة بين الطرفين، وفتح باب التساؤلات حول ما إذا كان ما جرى، يمثل دعم للمقاومة أم تدخل في الشأن الأردني؟ ، اومجرد أزمة عابرة ، أم مقدمة لتحول أعمق في تعاطي الأردن مع "حماس" وربما مع محور إقليمي أوسع.
وما يجب على "حماس" او غيرها أن تفهمه أو تتجاهله عمداً – أن الأردن ليس منصة تمر منها المشاريع العابرة او الاجندات الموتورة ، ولا بوابة للعبور المشبوه او جدارية يرسم عليها الاطفال صور موحاة لهم في شارع مهمل ، و اليوم الأردن دولة تُدار بعقل الدولة، وتُحكم بإرادة لا تخضع للابتزاز، ولا تُدار من الخارج ، ومَن لم يقرأ التاريخ جيداً ، فليقرأه من بوابة الكرامة وباب الواد واللطرون ، لا من فتات المؤتمرات والشعارات الفارسية .
والعلاقة بين الأردن و"حماس" لطالما اتسمت بالتوتر والفتور، منذ قرار الحكومة الأردنية في عام 1999 إغلاق مكاتب الحركة في عمّان وترحيل قادتها، بسبب ما قيل حينها عن "أنشطة غير مشروعة تمس أمن المملكة"، حافظ الطرفان على نوع من التواصل غير الرسمي، خاصة في ظل دور الأردن التاريخي في دعم القضية الفلسطينية ( الجزيرة، 2008 ) و رغم ذلك، بقيت حماس تمثل تحديًا أمنيًا محتملًا من وجهة نظر الدولة الأردنية ، بسبب ارتباطاتها الإقليمية، ولا سيما تحالفها المتنامي مع إيران وبعض الجماعات المسلحة في المنطقة.
في بيانها الرسمي، دعت "حماس" الحكومة الأردنية إلى الإفراج عن المعتقلين، مؤكدة أن "دوافعهم وطنية" وأنهم "نصرة لغزة والقدس ولم يكونوا يهدفون إلى زعزعة أمن الأردن ( IRNA 2025 (الحركة وصفت الإجراءات الأردنية بأنها غير مبررة، وأشارت إلى "استهداف للمواقف المؤيدة للمقاومة"، لكن هذه التصريحات ، رغم محاولاتها التأكيد على النوايا الحسنة ، فُسرت في عمان على أنها تدخل في الشأن الداخلي ومحاولة للضغط الإعلامي والسياسي، وهو ما أثار حفيظة الحكومة الأردنية.
الرد الأردني جاء حاسمًا وواضحًا، فقد أكد مصدر حكومي رفيع لقناة "المملكة" أن "الأردن لن يسمح لأي جهة بتهديد أمنه أو التدخل في شؤونه الداخلية"، مشددًا على أن المملكة "أكبر من أن ترد على بيانات صادرة عن فصائل" (المملكة، 2025) وان سيادة الدولة فوق كل اعتبار ،وأشارت الحكومة إلى أن المعتقلين متورطون في تصنيع أدوات قتالية باستخدام مواد مهربة وأخرى محلية، وأن هناك ارتباطات تنظيمية مشبوهة تتجاوز السياق الفلسطيني التقليدي.
ولا يمكن فصل هذه الحادثة عن السياق الإقليمي الأوسع إذ تشير تقارير استخباراتية ودراسات استراتيجية إلى وجود دعم تقني ولوجستي من جهات إيرانية لحركات المقاومة ، بما فيها "حماس" (The Washington Institute, 2024). الأردن ، المعروف بموقفه الحذر من التدخلات الإيرانية ، لا يرى في ذلك فقط تهديدًا داخليًا ، بل جزءًا من استراتيجية إقليمية لزعزعة الاستقرار في دول المنطقة.
رغم الموقف الرسمي الحازم ، فإن الحكومة الأردنية تدرك تمامًا حجم التأييد الشعبي لفلسطين والمقاومة داخل الشارع الأردني ، وهو ما يدفعها إلى الموازنة بين الحفاظ على الأمن الداخلي وتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع المزاج العام، خصوصًا في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة وتحديات إقليمية مستمرة.
إن مطالبة "حماس" بإطلاق سراح من تورطوا في قضايا تمس أمن الأردن و سيادته فهذه ليست مطالبة إنسانية ولا تدخل عبر القنوات السياسية ، بل تطاول صارخ على سيادة دولة حرة ومؤسسة قضائية ذات ولاية قانونية ، ودولة تُحكم بالدستور و القانون ، لا بالبيانات الفصائلية و الاملاءات الفارسية ولا حتى بالمزايدات المواقفية التي تسقط عند أول اختبار وطن .
حمى الله الاردن وسدد على طريق الحق خطاه .
المصادر: 1- محطات العلاقة بين الأردن وحركة حماس"، الجزيرة نت، 2008
https://www.aljazeera.net/news/2008/10/28/محطات-العلاقة-بين-الأردن-وحركة-حماس
-2-وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (IRNA)، 2025
https://ar.irna.ir/news/85811437/
3-قناة المملكة الأردنية الرسمية، 2025 https://www.almamlakatv.com
https://www.washingtoninstitute. Washington Institute for Near East Poli 4- org
4 -ا محطات العلاقة بين الأردن وحركة حماس"، الجزيرة نت، 2008 https://www.aljazeera.net/news/2008/10/28/محطات-العلاقة-بين-الأردن-وحركة-حماس
5-وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (IRNA)، 2025 https://ar.irna.ir/news/85811437/
6- قناة المملكة الأردنية الرسمية، 2025 https://www.almamlakatv.com