تحالفات الاسلاميين سبب ما حصل لهم
السفير محمد الكايد
27-04-2025 07:19 PM
هنالك ثلاثة نماذج سياسية إسلامية اقليمية تؤثر على العالم العربي ولكل منها مؤيدين ومعارضين. وتختلف هذة النماذج في عقيدتها السياسية ، ومواقفها الإقليمية ، والسياسات التي تنتهجها . وتتسم العلاقة بين هذه النماذج بالندية والحذر والتشكيك حول كثير من القضايا التي تهم العالم العربي. فما بين النموذج الايراني ومخالبه، والنموذج التركي وسلاسته، ونموذج الاعتدال العربي وواقعيته ؛ اختارت الحركات الاسلامية في الوطن العربي ومنها حركة حماس الاعتماد سياسيا وأمنيا على النموذجين غير العربيين بسب العقيدة الأممية لهذه الحركات التي تتجاوز حدود العالم العربي والسبب الاخر هو تحقيقا لمصالحها الذاتية التي ليست بالضرورة تتوافق مع المصلحة العربية. اما في تعاملها مع محور الاعتدال العربي، فقد اختارت هذه الحركات الاشتباك السلبي عن طريق التشكيك بالمواقف السياسية لهذا المحور والانتقادات المتكررة لسياساته ومحاولة تجاوز الحكومات ومخاطبة الشعوب العربية مباشرة وتحريضها على أنظمتها ونشر الفوضى بحيث اصبحت هذه الحركات في نظر الحكومات والقوى السياسية المعتدلة انعكاسا لكل من ايات الله والسلاطين.
يتميز النموذج الايراني الذي اعتمدت عليه الجماعات الاسلامية ومنها حماس بالعقيدة الصفوية المتطرفة التي تؤمن بخلق ميليشيات مسلحة في المنطقة العربية وتسليحها وتدريبها بهدف السيطرة على المنطقة العربية ونهب خيراتها عن طريق استغلال القضية الفلسطينية وحالة الاحباط التي تسود الشعوب العربية. وقد تلاقت المصالح الايرانية في البحث عن نجمة سنية لهلالها الشيعي مع مصالح حماس في التسليح والتدريب والمساعدات النقدية. ونظرا للمصلحة المشتركة بينهما ، رأينا حماس تتجه بايديها وأرجلها نحو التحالف مع الدولة الشيعية اعتقادا منها ان الحليف الايراني يمكن الاعتماد عليه والوثوق به . ولم يدر بخلدها يوما ان ايران ستتخلى عنها مع اول نسمة تصالحية مع الولايات المتحدة وان مصالح ايران القومية تسود حتى على العقائد الدينية التي انخدعت بها حماس. وقد اثبت الاحداث الجارية في منطقتنا الان كم كانت مخطئة هذه الحركات في رهاناتها وتحالفها مع النظام الإيراني. وما يحصل الان من تخلي ايران عن مكونات هذا الهلال ما هو الا مثالا واضحا على الخطأ السياسي والرهان الخاطىء الذي ارتكبته حماس في اعتمادها على الملالي مما ادى الى خسارتها النموذج العربي المعتدل مقابل بعض المساعدات التدريبية والخبرات التصنيعية التي لم يكن لها إلا الأثر البسيط.
من جهة ثانية ، يختلف النموذج التركي عن النموذج الايراني في طريقة تحقيق مصالحه في منطقتنا العربية. فقد اعتمدت تركيا في نشر نفوذها على النموذج الناعم والسلس بنشر الثقافة والتجارة والسياحة والمسلسلات التركية التي اجتاحت العالم العربي ، وهو ما يتوافق مع العهد الجديد في تركيا القائم على النموذج الاسلامي المعتدل. وقد طمعت الحركات الاسلامية ومنها حماس في استغلال القوة التركية المتصاعدة في توفير الحماية السياسية والقبول الدولي لها تاركة امر تسليحها وتدريبها الى النموذج الايراني. واعتقدت الحركة بانه يمكن الاعتماد على تركيا سياسيا في تسويق سياساتها ومواقفها وانها ليست بحاجة الى محور الاعتدال العربي لفعل ذلك. وساهم احتضان تركيا للحركات الاسلامية وتواجد بعض زعمائها على الاراضي التركية في اعتقاد الحركات الإسلامية وحماس بان النظام التركي هو المخلص السياسي الاعظم لها. ولكن بجردة حساب بسيطة فقد فشلت حماس في تسويق نفسها للعالم من خلال الحليف التركي الذي غلب مصالحه القومية على عقيدته الاممية بدليل الابقاء على العلاقة السياسية والاقتصادية مع اسرائيل واختزال العلاقة في انتقادات لاذعة بين الحين والأخر في حين لم يقدم للاسلاميين سوى اللجوء السياسي مع بعض المضايقات والاشتراطات حفاظا على مصالحه. ان المحصلة النهائية في العلاقة مع الحليف التركي هي نفس المحصلة مع الحليف الإيراني وهي خطأ استراتيجي مكلف ارتكبته الحركات الاسلامية في تحالفاتها السياسية بالابتعاد عن امة العرب واللحاق بانظمة سياسية لها مصالحها.
أما الموقف من نموذج الاعتدال العربي، فتدعي الحركات الاسلامية بان دول الاعتدال العربي هي من ناصبتها العداء وتخلت عنها والغت وجودها السياسي والقانوني مما اضطرها للجوء الى النماذج الاخرى. ولكن الحقيقة ان الحركات الاسلامية ومنها حماس هي التي اختارت التعامل مع النماذج غير العربية لتحقيق مصالحها الضيقة والفردية على حساب امن واستقرار الشعوب العربية. واثبتت هذه التحالفات فشلا سياسيا واضحا في نتيجة البعد عن العمق العربي والإصرار على العقلية الجهادية الأممية وعدم الانتقال الى العقلية السياسية بكل ما فيها من مكاسب وحتى مخاسر. ان الوضع الضعيف التي تجد حماس وبقية التنظيمات نفسها فيه الان هو نتيجة خياراتها وتحالفاتها غير العربية متناسية ان الدول العربية هي التي دعمت بالمال والسلاح نضال الشعب الفلسطيني وان هذه الدول هي التي وفرت الغطاء السياسي للقضية الفلسطينية على المستوى الدولي وليس اي بلد اقليمي اخر. وما كان لمنظمة التحرير الفلسطينية ان تحظى باعتراف معظم دول العالم لولا دعم وتبني الدول العربية لها .وبالتالي فان الحركات الإسلامية هي وحدها من تتحمل مسؤولية قرارات الدول العربية المعتدلة بحظر أنشطتها وتجميدها نتيجة المسالك الخاطئة التي سارت عليها هذه الحركات وتفضيلها التحالف مع الصفوية والسلطانية على التحالف مع الدول العربية والقومية التي تنتمي اليها.